سجون سرية "إماراتية" للتعذيب في اليمن

بالعربي: يتواجد السجناء داخل مقار الاحتجاز والسجون السرية التي أسّستها الإمارات في جنوب اليمن، حسب روايات محتجزين سابقين وأسر سجناء، ومحامين في مجال الحقوق المدنية، ومسؤولين عسكريين بأعداد مكتظة معصوبو العينين ويلقى بهم في حاويات تم تلطيخ جدرانها بالبراز على مدى أسابيع، قبل أن يتم نقلهم لهذه السجون، ومن ثم تبدأ مرحلة جديدة من التعذيب مثل الاعتداء الجنسي، لضرب، والربط على آلة شواء.

ومن شهادات وذكريات أحد الأشخاص الذين تعرّضوا للتعذيب قيام عناصر الأمن التي تتبع للإمارات بإضرام النار داخل حاوية الشحن المعدنية، والتي تواجد فيها مع بعض السجناء، والضرب بأسلاك على الجلود

وعن رواية سجين آخر للشبكة الأمريكية عن مرحلة سجنه في مطار ريانلستة أشهر، قال: كنّا نسمع الصراخ. المكان كله يخيّم عليه الخوف، الجميع تقريبًا مريض، والباقي أقرب إلى الموت، أي فرد يشتكي يتم سوقه مباشرة إلى غرفة التعذيب.

وبعد هذه الشهادات خرج بيان رسمي عن وزارة الخارجية الاماراتية في محاولة لتبرأة نفسها من التهم قائلة :ما ورد في التقرير عارٍ عن الصحة، ولا يعدو كونه مزايدات سياسية تسعى من خلالها المليشيات الانقلابية وأطراف متضررة من جهود التحالف العربي الرامية إلى محاربة التنظيمات الإرهابية، وتشويه سمعة التحالف الذي تدخل أصلًا في اليمن من أجل إنقاذ الشعب اليمني

وتقع أماكن الاحتجاز غير الرسمية والسجون السرية التي تتبع الإمارات في عدن وحضرموت، والتي يُدير بعضها قوات إماراتية بشكل مُباشر، والأخرى قوات أمنية يمنية مدعومة من الإمارات. ولم تغب أمريكا عما تفعله الإمارات؛ فالقوات الأمريكية كانت الدليل للعناصر الإماراتية في استرشاد بعض الطرق لانتزاع الاعترافات من المُتهمين عبر إرسالها لعدد من الأسئلة إلى القوات الإماراتية من أجل مواجهة المعتقلين بها، وبعد ذلك ترسل هذه العناصر الإماراتية ملفات ومقاطع الفيديو مرفقة بإجابات للمسئولين الأمريكيين لفحصها.

وتعدى التنسيق بين الجانبين الماراتي والامريكي الحدود العسكرية لينتقل للحدود الأمنية عن طريق استعانة الإمارات بضباط سابقين في جهاز CIA لتزويد الضباط الإماراتيين بدورات تدريبية عسكرية، ومهارات خاصة في انتزاع الاعترافات من المتهمين في الأعوام السابقة نظير مبالغ مالية طائلة لتهيئة هذه الكوادر الإماراتية تهيئة متكاملة، وإطلاعهم على أدوات انتزاع الاعترافات من المُتهمين، وإنشاء هويات التمويه، كما ذكرت تقارير صحافية كثيرة، من ضمنها تقرير شهير لفورين بوليسي.

واستفادت الامارات من الخبرة المكتسبة للمسؤولين الأمنيين الأمريكيين حين تأسيس سجون سرية لها بعدد من العواصم العربية وأبرزها بغداد، خصوصًا أيام الغزو الأمريكي للعراق، ومن ثم استجواب المُتهمين داخل هذه الأماكن في ظروف قاسية؛ إذ عادة ما يتعرض هؤلاء النزلاء في هذه السجون الأمريكية للصدم الكهربائي، وتغطية وجوههم باستمرار أثناء انتزاع الاعترافات منهم، وابتكار أساليب تعذيب جسدية. و انكشفت تداعيات التنسيق الأمريكي الرسمي مع نظيره الإماراتي في الإشراف على ملفات التعذيب بعدما صوت مجلس النواب الأمريكي الأسبوع الماضي، على التحقيق في الدور الأمريكي الحالي في سجون التعذيب اليمنية.

أذرع الإمارات في التعذيب في اليمن متمثلة بالحزام الأمني والنخبة الحضرمية
توسعت الامارات في حملات الاعتقال وتأسيس السجون السرية في مناطق سيطرتها عبر قوات عسكرية أسستها ودعمتها عسكريًا في جنوب اليمن وهما قوات الحزم الأمني وقوات النخبة الحضرمية.

وتتمركز قوات النخبة الحضرمية في حضرموت، وتتألف قوات الحزم الأمني التي تأسست عام 2016، من جمع متنوع من الضباط والعسكريين اليمنيين ونشطاء الحراك الجنوبي وبعض المحسوبين على التيار السلفي ، وتنشط عملياتها العسكرية في الجنوب، ويصل عددها إلى أكثر من 10 آلاف جندي وتتوجد قوات الحزام الأمني في في عدن ولحج وأبين ومحافظات جنوبية أخرى

وتم تدريب ما يقارب ثلاثة آلاف مقاتل من قوات الحزم الأمني في الامارات واوكلت مهام لاعتقال والتوقيف والتعذيب التي تعرض لها العديد من العلماء والشيوخ والأئمة وبعض القيادات العسكرية في الجنوب

كما تضمنت أدوارها إدارة سجون سرية تابعة للإمارات في جنوبي اليمن، وتصفية الخصوم السياسيين والعسكريين تحت مبررات مكافحة الإرهاب في جنوب اليمن، والتخلص من العناصر التي تهدد استقرار المدن.

أما النخبة الحضرمية التي تعد الجناح العكسري الثاني للامارات في اليمن والتي تتكون من جنود وعناصر مسلحة تنتمي لمحافظة حضرموت، فقط، فهي تخضع لاشراف وتدريب اماراتي بحت

وبالرغم من حديث قادتها أنها تتبع الحكومة الشرعية فقد أشار تقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة إلى خضوع هذه القوات المتواجدة في حضر موت، والتي أعلنت تشكلها لمواجهة عناصرة القاعدة وتنظيم (داعش)، إلى قيادة عمليات الإمارات العربية المتحدة بشكل فعلي .

وتخصصت هذه القوات في حضرموت بتنفيذ حملات اعتقال موسعة بحق الكثير من المدنيين دون اتهام واضح سوي انتقام لمواقفهم السياسية، فضلًا عن عمليات الاختطاف لأقارب مشتبه بهم للضغط على ذويهم المطلوبين لتسليم نفسهم، وإدارة أكثر من سجن سري يُحتجز فيه المعتقلون والمخطوفون قسريًا، والتعرض لهم بأشكال متنوعة من التعذيب الجسدي والنفسي.

والأوقح من كل ذلك امتداح وسائل الاعلام الاماراتية والسعودية لهذه القوى الأمنية باعتبارها نموذج لعملية بناء القوات المسلحة و الأمن في عدن بوصفها قاهرة الانقلاب والارهاب

واعترضت قيادات أمنية وعسكرية على هكذا حالات لاعتبارات متعلقة بتوسع أدوار ومهام هذه القوات على حساب تفتيت الجيش، كما قالت أحد المصادر لجريدة الأخبار اللبنانية، باعتبارها مرحلة أولى كي تصير فيها المحافظة تحت سيطرة قوات معينة بالتزامن مع حراك سياسي يطالب بكيان مستقل.

وعزز هذه المعلومات ما نشره المغرّد السعودي مجتهد على تويتر حيث قال : وكانت قوات شمالية متمركزة في الجنوب رفضت ضغوط إماراتية بمغادرة حضرموت ومناطق ساحلية لتفريغ المنطقة تماما للنخبة الحضرمية التابعة للإمارات

وأضاف: أنّ ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد هدّد بأنه سيقصفها جوًا ويدّعي أمام أمريكا أنه يقصف تجمعات القاعدة

جملة قسمت ظهر البعير من مدير أمن عدن ومسؤولو الأجهزة الأمنية للمختفيين عن الأنظار سراً لذويهم حيث قال: أبناؤكم ليسوا عندنا أبناؤكم في دبي

كدلالة على المشهد الدرامي لدور الإمارات في انتهاك حقوق هؤلاء المختطفين قسريًا والتي تمتد لنقلهم خارج أقطارهم محاولة لمحو هويتهم، وقطع كُل الطرق المُحتملة أمام ذويهم للعثور عليهم.

ويبرز من هذه الحالات تعرض زوج ونجل هذه السيدة اليمنية للاختطاف بمحافظة عدن، التي تخضع للسيطرة من جانب القوات الموالية للإمارات بعدما تعرضوا للاعتقال من جانب القوات الموالية للإمارات

و تقول في مقابلة مع أحد باحثي هيومان رايتس ووتش: لم أرَ زوجي ونجلي منذ عام ونصف تقريبًا. نجلي طالب جامعي محتجز في المعسكر نفسه، خسر مستقبله وتعليمه.

ووثّقت هيومن رايتس ووتش حالات 49 شخصًا، من بينهم أربعة أطفال، تعرضوا للاحتجاز التعسفي أو الإخفاء القسري في محافظتي عدن وحضرموت العام الماضي.

وتعد أشهر المعسكرات التي تسيطر عليها قوات الحزم الأمني، هي “بئر أحمد” التي تدعمها الإمارات العربية المتحدة، وتحتجز فيه أغلب المخطوفين قسريًا، بينما تنقل من يخالف التعليمات داخل هذه المعسكرات إلى إحدى قواعدها في إريتريا.

و تتبع للإمارات كُل من السجن المركزي في مدينة المنصورة، ومعسكر في مديرية خورمكسر، ومرافق الاحتجاز في مديرية بير التواهي بمحافظة عدن بينما تتضمن في حضر موت كُل من مطار الريان والقصر الرئاسي في المكلا.

و في تحد واضح للسلطات القضائية امتد النفوذ الإماراتي في محافظات الجنوب التي تخضع لسلطتها تجاه من يخضع في معسكراتها للاحتجاز إلى تعطيل أي قرار قضائي صادر من القضاة وأعضاء النيابة الجزائية المختصة في محكمة المكلا بعدم الافراج عن أي محتجز لدى السلطات الإماراتية؛ وهو ما وقع في حالة خمسة معتقلين من بينهم القيادي في حزب الإصلاح بحضرموت، عوض الدقيل، وذلك لعدم اكتمال الأدلة لإدانتهم؛ ، وهو الأمر الذي تطور بعد ذلك بإضراب القاضي على خلفية عدم تنفيذ قراره.

وفي دليل دامغ على هذه الحالة “محمد عبده سلام”، وهو إمام مسجد في عدن، تعرض لعملية إخفاء قسري، قبل أن تودعه القوات المدعومة من الإمارات في سجن “بئر أحمد”الذي تشرف عليه الإمارات، ويقبع في السجن لشهور معدودة؛ حتى صدر قرار من النيابة الجزائية بالإفراج عنه، قبل أن تعرقل السلطات الإماراتية هذا القرار، وتضرب به عرض الحائط، ويظل المعتقل محتجزًا.