هدى غالية التي اوجعت قلبي مرتين

بالعربي- كتب خالد كراجة : 

لا أدري لماذا شعرت باهتمام، لمشاهدة الفيديو الذي نشر وتظهر فيه هدى غالية أثناء حفل تخرجها من الجامعة الاسلامية، تلك الفتاة التي أتذكر كم بكيت لصرخاها وهي تنادي والدها الملقى على الارض شهيدا بقذيفة زوارق الاحتلال عام 2006، هو وأربعة من ابناءه، وبقيت هدى ووالدتها المصابة تصارع الحياة.

لم يكن عمرها قد تجاوز الاثني عشر عاما، عندما فقدت والدها واخوتها، ومضت احد عشر عاما اخرى لتحتفل بتخرجها الى جانب والدتها التي بذلت بالتاكيد جهدا مضني لكي تتغلب على مصاعب الحياة، وتتجاوز ألمها لتربي ابنتها هدى وتضمن تعليمها وتوفير حياة كريمة لها.

أذكر ذلك الوقت عندما بثت شاشات التلفاز مشهد صراخ هدى وهي تنادي على والدها، وتهيم على الرمال لعل احدا من عائلتها الذين قضوا في هذه الجريمة البشعة التي ارتكبتها اسرائيل ضد عائلة بريئة لم ترتكب أي جرم سوى انهم كانوا يحاولون الترفيه عن انفسهم على شواطىء بحر غزة، المتنفس الوحيد لأكثر من مليونين غزي.

هدى غالية التي أبكتنا حينما ركضت على الرمال، وصرخت بكل حرقة، في لحظة لم يسمع صراخها مجيب، ولم يرد عليها سوى صدى صوتها، الذي ضرب في أعماق البحر ووصل أعالي السماء، تتخرج من الجامعة الاسلامية.

قالت هدى أثناء كلمة لها في حفل تخرجها " هل تذكرون البنت التي كانت على شاطىء بحر غزة وكان عمرها اثني عشر عاما في يوم الجمعة من عام 2006"، والتي "كانت مبسوطه مع أهلها، يضحكون وفرحين، وضربتهم الزوارق البحرية للاحتلال، واستشهد والدها وأربع من أخوتها وخالتها، أنا تلك البنت".

وقفت هدى وبكل شموخ، تعيد للذاكرة الفلسطينية حجم المأساة التي يعيشها الفلسطيني، ولكن تشعره بالفخر لقدرته على التحدي وشق طريقه رغم انف الاحتلال وجرائمه، هدى في وقفتها لم تمثل نفسها فقط، بل مثلت كل فلسطيني خسر عزيزا، أو سندا، أو تعرض لظلم تخر له الجبال، واستمر في الحياة، واستمر في المقاومة.

هدى التي اوجعت قلبي مرتين، مرة عندما شاهدتها طفلة على شاشات التلفاز تصرخ تنادي والدها، ومرة عندما سمعت كلماتها في حفل تخرجها من الجامعة الاسلامية، هنيئا لك هدى ولوالدتك، فانتما نموذج للصمود والتحدي.