قلب ميّت.. صنع في سوريا

بالعربي- كتب- غسان أديب المعلم:

تفاخرت أميركا في سبعينيات القرن الماضي بطائرة الاستطلاع "الأواكس" التي تستطيع رؤية عبارة "صنع في الصين" المكتوبة على كرة الطاولة  "البينغ بونغ" من على ارتفاع عدة كيلومترات..

وفي غزوها للعراق أطلقت الطائرات الأميركية صاروخًا دخل اإلى غرفة نوم مهندسة عراقية ماجدة كانت قد خططت ورسمت صورة جورج بوش على بلاط فندق الرشيد في بغداد تأكيدًا لمفعول هذه الطائرة.

هم يعلمون بالـ"بيضة مين باضها والجاجة مين جابها" 

هم يعلمون.. يخططون ويمنعون.. لأن بداية النهاية ستكون عند التقاء الجيشين السوري والعراقي عند معبر التنف، على الأقل من الناحية العسكرية واستئصال صنيعتهم "داعش".

هم يعلمون من نفّذ ودعم الإرهاب في طهران بل وكل دول العالم.

وهم من خططّوا للعبة الصبيان العربانية الذين هم من صنع أيديهم عندما لملموا العربان وجعلوهم دويلات... 

ومن دون مبالغة، يعلمون بلون الثياب الداخلية للأميرة موزة وما بعده.. وكذلك يعلمون سروال سلمان بأنه بنّي اللون. 

وكل ما جرى مخطط له بأدق التفاصيل، ومن يقرأ كتاب المخابرات والعالم والكتب المشابهة يعرف كيف تتمّ الأمور، ويعلم بأن المخطط الرئيسي سيكشف عنه بعد خمسة وعشرين عامًا عندما تكشف المخابرات الأمريكية والبريطانية بعض الأسرار والقرارات التي اتخذت قبل ربع قرن كما هو المتعارف عليه.

هم يعلمون بحجم الفساد الذي زرعوه بين ظهرانينا وتردّي الأوضاع وسوداوية الأمور وجور لقمة العيش وربطة الخبز.

ويعلمون بكلّ شاردة وواردة في تفاصيل حياتنا الكئيبة.

الأمر الوحيد الذي لا يعلمونه ولن يعلموه ولا يستطيعون فكّ رموزه وشيفرته هو إرادة هذا الجندي الفقير.

يستطيعون رؤية عبارة "صنع في الصين" على قميصه ورؤية ساعته ولون عيناه وما بداخل جيوبه من نقود معدنية قليلة وما بداخل حقيبته من زاد قليل وصور أمه وأبيه... وصاحبته وأخيه..  وبعض الذكريات والسلاح.. لكنهم لا يستطيعون تحديد مقدار الكرامة والرجولة والشهامة التي "صنعت في سوريا" في داخل قلب هذا الفقير.

سبع سنوات من الأذى والدمار والفتنة والفساد والظلم والجور والجنسيات والجحافل وأساطيل البوارج والطائرات ولم ولن يغيّروا قلب هذا الجندي البطل.

من ناحيتي أمتثل كمواطن سوري لقرار الحكومة في إدانة الهجمات الأميركية كما قال الماغوط "عندما تتكلم الحكومة على الشعب أن يسد بوزو"

لكنني كما كل السوريين في قلبي حميّة الرد وصاروخ يلعن "أبو اللي خلّفهم" لو كان الموت بعدها.. ومع ذلك أؤمن بما في عيون أبطال الجيش بما فيها من  عزيمة وإرادة للوصول المعبر و بما يقلع عيون "الأواكس" وينتصر.

السلام لأرواح شهدائنا الأبرار
والسلام لمن ينتظر ومايبدّل تبديلا

عاشت سوريا حرة أبية علمانية.