إيران تؤكد أن العقوبات ستلغى دفعة واحدة عكس ما تقول واشنطن

بالعربي: تشهد تصريحات الجانب الإيراني وبقية الأطراف في الملف النووي، تناقضا حول ملف العقوبات المفروضة على إيران التي توصلت إلى اتفاق إطاري مع مجموعة 5+1 بخصوص برنامجها النووي.

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني كبير المفاوضين، عباس عراقجي، إن العقوبات ستلغى دفعة واحدة، وليس كما تقول الإدارة الأميركية، بأنها سترفع تدريجيا.

وجاء في حديث عراقجي للتلفزيون الإيراني أن “نص الاتفاق واضح تماما، فالعقوبات الاقتصادية والمالية، وكافة أنواع الحظر المفروض من قبل مجلس الأمن الدولي، ستلغى تماما مع اليوم الأول لتطبيق الاتفاق”، في معرض رده على سؤال حول تصريحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، التي قال فيها إن العقوبات ستلغى تدريجيا.

وكان مسؤولون غربيون أعلنوا، يوم الخميس المنصرم، التوصل إلى اتفاق إطار مع إيران، يشمل رفع العقوبات عن طهران، مقابل تعليق عمل أكثر من ثلثي قدرات التخصيب الإيرانية الحالية ومراقبتها 10 سنوات، ويمهد هذا الاتفاق لاتفاق نهائي قبل الثلاثين من يونيو/ حزيران المقبل، بين إيران ومجموعة 5+1 التي تضم الولايات المتحدة، وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، إضافة إلى ألمانيا.

الى ذلك اعتبر محللون ان طهران والقوى العظمى نجحت في تحقيق اختراق من خلال التفاهم على اتفاق اطار حول الملف النووي الايراني لكن لا يزال يتعين القيام بعمل هائل لانجاز اتفاق تاريخي نهائي.

وذلك بمعزل عن المعارضين للاتفاق – من اسرائيل الى خصوم الرئيس باراك اوباما الجمهوريين- الذين قد يضاعفون الجهود سعيا لنسف العملية.

ولخص المحلل في مجموعة الازمات الدولية علي فايز ان ما انجز يبقى “هشا جدا” لافتا الى القوة “المخيفة” لمعارضي هذا الاتفاق. فضلا عن ذلك “هناك مسائل عديدة شائكة للغاية سيتوجب حلها في الاشهر الثلاثة المقبلة”، لأن الشيطان يكمن في التفاصيل والاتفاق الاطار الذي اعلن مساء الخميس في لوزان يتضمن جوانب عديدة ضبابية وغامضة.

توصلت الدول الكبرى (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين والمانيا) وايران بعد سنة ونصف السنة من المفاوضات المكثفة الى وضع وثيقة اطار من اربع صفحات تحدد ثوابت النقاط الاساسية للتفاوض وهي تخصيب اليورانيوم، المراقبة وعمليات التفتيش، العقوبات ومدة الاتفاق.

وهذه الوثيقة تعتبر مقدمة لما سيكون عليه اتفاق نهائي. وبحسب نسخة اميركية للنص تتعهد ايران بخفض عدد اجهزتها للطرد المركزي التي تسمح بتخصيب اليورانيوم بمقدار الثلثين، وستحتفظ بستة الاف منها مقابل 19 الفا حاليا (منها عشرة الاف مشغلة).

اضافة الى ذلك سيخفض مخزون اليورانيوم المخصب التي تملكه ايران باكمله تقريبا (98 %).

ومفاعل اراك للمياه الثقيلة الذي يثير قلق الغربيين بشكل خاص، سيعاد بناؤه ليقتصر على الابحاث وانتاج النظائر المشعة الطبية بدون انتاج البلوتونيوم، المادة الاخرى التي يمكن استخدامها للتوصل الى صنع القنبلة الذرية، وسيخضع لعمليات تفتيش مشددة للامم المتحدة.

وهذه النقاط المختلفة تسمح بحسب الولايات المتحدة بتمديد الفترة الزمنية اللازمة لانتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصب لصنع سلاح نووي لسنة (بدلا من شهرين الى ثلاثة اشهر) ما يتيح الوقت للقوى العظمى للتحرك.

وفي مقابل هذه التعهدات يقضي النص بان ترفع العقوبات الاميركية والاوروبية وخاصة الدولية التي تفرضها الامم المتحدة تبعا لاحترام ايران لالتزاماتها، لكن يمكن ان يعاد فرضها ايضا.

ويرغب الايرانيون الذين نزلوا مساء الخميس الى شوارع طهران للاحتفال بالاتفاق، قبل اي شيء في رفع العقوبات التي تخنق اقتصادهم منذ سنوات بشكل سريع.

لكن العقوبات لن ترفع دفعة واحدة بل ستخفف بصورة تدريجية وفقا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وسينكب الخبراء الدوليون خلال الاشهر الثلاثة المقبلة على جدول زمني واضح لتحديد العقوبات التي سترفع وفي اي وقت وتبعا لاي تدابير واضحة ستتخذها ايران.

وكرر وزير الخارجية الاميركي جون كيري كبير المهندسين للاتفاق مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف “كنا في منتهى الوضوح، علنا وفي المجالس الخاصة: اي اتفاق نهائي لن يكون مستندا الى وعود. (بل) سيكون مرتكزا على ادلة”.
وقال دبلوماسي غربي بلهجة مازحة “هذه الادلة الودية” ضرورية في علاقة ما زالت متميزة بالريبة والتشكيك المتبادلين بين ايران والقوى العظمى.

ولفتت المحللة كيلسي دافنبورت الاختصاصية في مسائل عدم الانتشار النووي الى ان الاتفاق الاطار الذي تم التوصل اليه في لوزان “لا يحدد جدولا زمنيا معينا كي تمتثل ايران للتدابير المطلوبة في اطار تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
لكن بالرغم من نقاطه غير الواضحة وجوانب الظل فيه “فان الاهمية الاساسية لهذا الاتفاق حول الثوابت الرئيسية للملف لا يمكن الاستهانة بها”.

ولفت فايز الى ان ضغوط الجمهوريين قد تجعل اي رفع للعقوبات الاميركية امرا صعبا، واي اقتراح قانون يتوجب التصويت عليه في 14 نيسان/ابريل قد يرغم الرئيس اوباما على الحصول على موافقة اعضاء الكونغرس قبل ابرام اتفاق نهائي.

وراى توم كولينا من مؤسسة بلوشيرز فاند انه “يفترض تجنب اتخاذ تدابير في مجلس الشيوخ الاميركي من شأنها ان تنسف الاتفاق الاطار (…) لأن ذلك قد يقتل الاتفاق قبل ابرامه”.