أعضاء "أوبك" الخليجيون يتأهبون لفترة أطول من انخفاض أسعار النفط

بالعربي: قد تتباطأ أعمال الحفر بحثا عن النفط الصخري الأمريكي، لكن الدول الخليجية الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» ترى أن وتيرة التباطؤ ليست سريعة بما يكفي لتغيير سياسة المنظمة أثناء اجتماعها في يونيو/حزيران، أو للحيلولة دون مزيد من هبوط الأسعار.

وتقول مصادر في الخليج، بعد الإطلاع على أحدث بيانات أصدرتها شركات استشارية كبرى، ان كبح إنتاج النفط الفعلي من الولايات المتحدة قد يكون أكثر صعوبة مما يبدو.

وتشير المصادر إلى أن ذلك يبعث برسالة مفادها ضرورة عدم التهوين من قدرة قطاع النفط على التكيف، إذ قد يكون هناك خفض للتكاليف وإعادة هيكلة ودمج للأنشطة وهذا سيستغرق وقتا.

وقال مصدر من أحد المنتجين الخليجيين الأعضاء في المنظمة التي تنتج قرابة ثلث الإنتاج العالمي «هذان العامان 2015 و2016 ما زالا يمثلان مرحلة استكشاف.. الجميع يتحدثون عن اقتصادات النفط المُحكم (الصخري) لكن لا أحد يتحدث عن يقين… عليكم أن تنتظروا وتروا ما سيحدث.»

وفي آخر اجتماع لمظمة «أوبك» في نوفمبر/تشرين الثاني أقنعت السعودية زعيمة المنظمة سائر الدول الأعضاء بالإبقاء على مستوى الإنتاج دون تغيير، وهو ما أدى إلى تسارع هبوط أسعار النفط إلى قرب 45 دولارا للبرميل.

وأوضح وزير البترول السعودي، علي النعيمي، أن الرياض لن تخفض الإنتاج لدعم أسواق النفط على حساب حصتها في السوق. وقال وزير النفط الكويتي، على العمير، أمس الأول انه لا خيار أمام «أوبك» سوى الاستمرار على نهجها، مؤكدا وجهة نظر بلاده التي ترجح أن تبقي المنظمة الحال كما هو عليه في يونيو/حزيران.

وتراجع عدد منصات الحفر بالولايات المتحدة تراجعا حادا في الأشهر الأخيرة، وتباطأ نمو الإنتاج رغم أن كثيرا من المنتجين الأمريكيين يقولون إن انخفاض الأسعار سيؤدي إلى ارتفاع الكفاءة، وان الإنتاج لن ينزل كثيرا.

ويعتقد الجانب الخليجي في «أوبك» أن الانتظار قد يمتد إلى 2016 لكن محللين يقولون إن انخفاض الأسعار ذو قوة فعالة.
وقال غاري روس، رئيس مجلس الإدارة التنفيذي ومؤسس شركة «بيرا» لاستشارات النفط في نيويورك «انخفاض الأسعار يؤتي ثماره. فهو يقوض نمو المعروض ويحفز الطلب. صحيح أنه لا يزال هناك نمو كبير في الإنتاج النفطي الأمريكي على أساس سنوي لكنه (النمو) توقف على أساس شهري.»

وأضاف «فلتنتظروا بعض الوقت وأعتقد أن السعوديين سيكونون على استعداد للانتظار حتى يسري مفعول سحر الأسعار. وسيسري.»

كانت «أوبك» قالت إنها تعتقد أن فائض المعروض العالمي الذي يصل إلى 1.5 مليون برميل يوميا سيتلاشى مع تسارع الطلب، وأن الإنتاج الأمريكي قد يبدأ في التراجع أواخر 2015.

لكن إذا تبين أن منتجي النفط الأمريكيين أكثر قدرة على التكيف فإن وفرة المعروض قد تستمر بل تزيد إذا توصلت القوى الغربية وطهران إلى اتفاق نووي هذا العام، وهو ما قد يسمح لإيران في النهاية بزيادة صادراتها النفطية.

ورغم نزول عدد منصات الحفر النفطية ما يربو على 40 في المئة، منذ ارتفاعها إلى مستوى قياسي بلغ 1609 منصات في أكتوبر تشرين /الأول، لا توجد علامات تذكر على تباطؤ الإنتاج الأمريكي.

وقال ياسر الجندي، من «ميدلي غلوبال أدفايزورز» للاستشارات الاقتصادية «على الرغم من الهبوط الكبير في عدد منصات الحفر فإننا ما زلنا نتوقع استمرار نمو المعروض الأمريكي لبضعة أشهر أخرى.»

واأضاف قوله «بدأ كثير من الشركات في نقل منصات الحفر من المناطق الأعلى تكلفة والأقل إنتاجية إلى مناطق يعلمون أنها ستكون أقل تكلفة وأعلى إنتاجية. لا يملك الجميع هذا الخيار ولكن من يستطيع ذلك يفعله.»

وقال مندوب خليجي آخر لدى «أوبك» ان عدد منصات الحفر يعد مؤشرا، لكنه ليس مؤشرا جازما. وأضاف «اعتقدنا أنه سيكون هناك تأثير كبير على الإنتاج الصخري، لكن يبدو أن الشركات ما زالت تدبر أمورها.»

وقالت منظمة الطاقة الدولية يوم الجمعة من الأسبوع الماضي ان الهبوط الحاد في عدد منصات الحفر الأمريكية كان محركا رئيسيا لتعافي الأسعار في الفترة الأخيرة، والذي شهد ارتفاع سعر خام برنت إلى 60 دولارا للبرميل.

غير أن وكالة الطاقة قالت ان فائض طاقة تخزين الخام في الولايات المتحدة قد ينفد قريبا، وهو ما قد يفرض ضغوطا نزولية إضافية على الأسعار، وأن المعروض الأمريكي «ما زال يخالف التوقعات.»

وفوجئ الأعضاء الخليجيون في «أوبك» بحجم هبوط أسعار النفط. فيقول مندوبون لدى «أوبك» ومراقبون إن هؤلاء المنتجين كانوا يعتقدون أن الأسعار ستنزل إلى 70 أو حتى 60 دولارا للبرميل، وأن هذا وحده يكفي لكبح إنتاج المنتجين ذوي التكلفة العالية، ودفع الأسعار للارتفاع تدريجيا في النصف الثاني من 2015.

غير أن بعض المصادر في «أوبك» ما زالت متشككة إذ تقول إن الأسعار ربما يتعين أن تنزل إلى 40 دولارا للبرميل وتستمر ثلاث سنوات عند هذا المستوى، كي يكون لها تأثير حقيقي على إنتاج النفط غير التقليدي من أمريكا الشمالية وتمتص وفرة المعروض في السوق.

وقال مصدر آخر في «أوبك» أن «نزول الأسعار لشهر أو اثنين لا يعني أننا سنرى تأثيرا على النفط المُحكم. سنظل في نفس التقلب بين الصعود والهبوط».