بالعربي: أوعز وزير المالية في حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، أمس الأحد، بمصادرة 26 مليون دولار (ما يعادل نحو 100 مليون شيقل)، من أموال المقاصة الفلسطينية، بزعم دعم السلطة الفلسطينية للعمليات ضد "الإسرائيليين"، ويُشار إلى ان الإيعاز الإسرائيلي الأخير هو الإيعاز الخامس باقتطاعات من أموال المقاصة، منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وأموال المقاصة، هي الضرائب التي يدفعها الفلسطينيون، على السلع المستوردة من إسرائيل أو من خلال المعابر الحدودية الإسرائيلية، بمتوسط شهري 250 مليون دولار (ما يُعادل مليار شيكل).
إسرائيل تتجه لمأسسةُ الاقتطاعات من أموال المقاصة الفلسطينية
الباحث الاقتصادي مؤيد عفانة، يقول إن إجمالي الأموال المصادرة من المقاصة بلغ مئات ملايين الشواكل، منذ السابع من أكتوبر الماضي، مشيراً إلى أن إيعاز سموتريتش الأخير يسنتد إلى مزاعم وإدعاءات إسرائيلية، بما يتعلق بتعويضات مالية خيالية لعائلات المُتضررين الإسرائيليين من العمليات الفدائية الفلسطينية.
ويشير إلى أن خطورة الخطوة الإسرائيلية الأخيرة -وهي الخامسة من نوعها- والخطوات المماثلة خلال أشهر الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، تتمثل بمأسسة الاقتطاعات من أموال المقاصة، لتصبح نهجاً وسياسية إسرائيلية مُعتمدة، لخنق الاقتصاد الوطني.
سموتريتش بعيداً في أفكاره المُتطرفة
ويذهب سموتريتش بعيداً في أفكاره المُتطرفة، لتنفيذ اقتطاعات إضافية من أموال المقاصة الفلسطينية، وألمح إلى نيته خصم مُخصصات نحو 40 ألف شهيد في قطاع غزة، ارتقوا جراء العدوان على غزة، وذلك قبل انتهاء العدوان وقبل اعتماد أي مُخصصات مالية لعائلاتهم.
"تصفير" المقاصة الفلسطينية لصالح أي إسرائيلي، ووفقاً لاي ادعاء
"لن يعدم سموتريتش أسباب الاقتطاعات، سيجدُ دائماً أسباباً على طاولته، حتى لو إضطر لإخراجها من جعبته" يقول الباحث الاقتصادي مؤيد عفانة، ويوضح في حديثه لـ"نشرة وطن الاقتصادية"، وتبث عبر شبكة وطن الإعلامية، أن ما يجري بشأن أموال المقاصة يعتبر تطوراً خطيراً، ومن شأنه "تصفير" المقاصة الفلسطينية لصالح أي إسرائيلي، ووفقاً لاي ادعاء.
الاقتطاعات الجائرة ستحد من قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها المالية
وعن انعكاسات القرار الإسرائيلي الأخير على المالية العامة الفلسطينية، وقدرة الحكومة على دفع رواتب موظفي القطاع العام، يرجح ضيفنا عدم قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه موظفي القطاع العام، وموردي الخدمات في القطاع الخاص، لا سيّما وأن الاقتطاعات الجائرة والمُتتالية من اموال المقاصة، ستحد من قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها المالية، وستقلص هامش المرونة في الصرف والتصرف بالأموال المتاحة.
وتستخدم الحكومة الفلسطينية أموال المقاصة بشكل أساسي، لصرف رواتب الموظفين العموميين، وتشكل نسبتها 65 بالمئة من إجمالي الإيرادات المالية للسلطة الفلسطينية.
واعتبارا من العام 2019، قررت إسرائيل اقتطاع مبلغ 600 مليون شيكل (165 مليون دولار) سنويا من أموال المقاصة، مقابل ما تقدمه السلطة الفلسطينية من مخصصات شهرية لعائلات الأسرى والأسرى المحررين، وارتفع الرقم السنوي لهذا الاقتطاع المتعلق بمخصصات الأسرى والمحررين ليصل إلى متوسط 700 مليون شيكل سنويا (195 مليون دولار).
منذ نحو 3 سنوات لم تتمكن السلطة الفلسطينية من دفع رواتب كاملة
ومنذ نوفمبر من العام 2021، لم تتمكن السلطة الفلسطينية من دفع رواتب موظفي القطاع العام بنسب كاملة، وإنما بنسب تتراوح ما بين 50-90 بالمئة من الرواتب الشهرية.
ما المطلوب لكي لا تبقى أموال المقاصة سيفاً مسلطاً على رقاب الفلسطينيين؟
ولكي لا تبقى أموال المقاصة سيفاً مسلطاً على رقاب الفلسطينيين في الضفة الغربية، بعد تدمير الاقتصاد بشكل شبه كلي في قطاع غزة، يشدد ضيفٌنا على ضرورة تحويل الملف الاقتصادي إلى ملف اشتباك، وإثارة ملف أموال المقاصة دولياً، وإعادة النظر ببروتوكول باريس الاقتصادي، إلى جانب تفعيل الحراك الفلسطيني على المستوى الدولي والمحلي، بما يرتقي لحجم الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق الاقتصادية الفلسطينية.
وفي حال استمرار الحال على ما هي عليه، يرجح ضيفنا حلول كارثة وطنية واقتصادية واجتماعية، جراء تآكل الإيرادات إلى حد الانعدام، وتراجع الدورة الاقتصادية إلى الثُلث تقريباً، جراء استمرار العدوان الإسرائيلي.