على طاولة “عين على العدالة”: “أثر التشريعات الصادرة أثناء الانقسام على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة – وبخاصة المرأة والطفل – بين النص والتطبيق

بالعربي: ناقشت الحلقة الجديدة من برنامج “عين على العدالة”، الذي ينتجه المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء “مساواة” بالشراكة مع وكالة مدى الأخبار،أ ثر التشريعات الصادرة أثناء الانقسام على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة – وبخاصة المرأة والطفل – بين النص والتطبيق.

وشارك في الحلقة المعلمة والمدافعة عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أميمة حلس من غزة، والناشطة والمدافعة عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة  شذى أبو سرور من الضفة الغربية، وقد تم إنتاج الحلقة بدعم مباشر من “برنامج سواسية ٢ المشترك: تعزيز سيادة القانون في دولة فلسطين، البرنامج المشترك لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بتمويل سخي من حكومة هولندا والسويد والوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي الدولي والاتحاد الأوروبي”.

أكدت الناشطة أبو سرور في تعليقها على حقيقة أن أول تدخل تشريعي بشأن حقوق ذوي الإعاقة؛ الذي تمثل بإصدار القانون رقم 4 لسنة 1999 بشأن حقوق المعوقين، وقانون العمل لعام 2000، وقانون الخدمة المدنية رقم 4 لعام 1998، والذي تلاه إصدار تشريعات إبان الانقسام على شكل قرارات بقوانين، وأنظمة وتعليمات وقرارات وزارية، وانضمام دولة فلسطين إلى الاتفاقية الأممية الناظمة لحقوق ذوي الإعاقة؛ أن التشريعات الفلسطينية لم تتوائم في أحكامها ونصوصها مع ما ورد في الاتفاقيات الأممية ذات العلاقة، كما أنها لم تستجيب لاحتياجات وحقوق ذوي الإعاقة فيما يتعلق بنسبة توفير فرص العمل لهم رغم أن قانون العمل نص على وجوب أن تكون نسبة العاملين من ذوي الإعاقة 5% في أي مؤسسة، الأمر الذي لا يطبق على أرض الواقع.

وأوضحت أبو سرور أن عملية الإقرار بالحصول على الوظيفة وإسناد ذلك لرأي لجنة طبية أمر مسيء ومجحف بحق ذوي الإعاقة ويعني أن الجهات الرسمية تتعامل مع الإعاقة على أنها مرض وليس على أنها أحد أشكال التنوع الطبيعي كما ورد في الاتفاقيات الدولية، كما أنها لا تأخذ بعين الاعتبار ضرورة الإلتزام بإمكانية الوصول والشمول ولا تراعي خصوصية ومتطلبات ذوي الإعاقة في الإعلان عن الوظائف وفي المقابلات والتعيينات والترقية والمساواة في الأجور، ومكافآت نهاية الخدمة.

وأشارت أبو سرور إلى أن القرارات بقوانيين والأنظمة التي صدرت إبان الانقسام  لم تنصف الأشخاص ذوي الإعاقة خصوصاً على مستوى الصحة والتعليم، حيث لم يأت قانون الصحة العامة على ذكر الاشخاص ذوي الاعاقة مطلقاً في وقت ينسجم فيه نظام التأمين الصحي إلى حد كبيرمع الحقوق الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة، إلا أنه بقي أسير الأدراج ولم يطبق.

كما أكدت الناشطة أبو سرور غياب الإرادة السياسية الجادة في إنصاف الأشخاص ذوي الإعاقة، سواء في المجال الصحي أو التعليم أو إشغال الوظيفة العامة، موضحة أن أي حق من حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لا يتم تحقيقه إلا بالمطالبات والاعتصامات والاحتجاجات، كما حدث عشية إقرار مجلس الوزراء نظام التأمين الصحي الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة.

وبالحديث عن نظام التأمين الصحي الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة، وضحت أبو سرور أن النظام لا يطبق بشكل كامل، ويعتمد على مدى معرفة ذوى الإعاقة بحقوقهم مثل إعفائهم من رسوم الخدمات الصحية، ففي الكثير من الأحيان ألزمت الجهات الرسمية أشخاص من ذوي الإعاقة بدفع الرسوم، ما يمثل استغلالاً واضحاً لجهل البعض بالنظام المعمول به، مؤكدة بأنه وبعد استنزاف جميع الخطوات، وفي حال لم تقم الحكومة بتطبيق أمين وفعلي لكامل للنظام الصحي الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة فإنهم سيلجأون للتصعيد والعودة للاعتصام كما حدث سابقاً عندما اعتصموا يومياً ولأكثر من ستين يوماً في أروقة المجلس التشريعي.

وطالبت أبو سرور بأن يكون هناك توجهاً رسمياً جاداً باتجاه إنصاف فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، خصوصاً في ظل الأوضاع السياسية التي يمر بها الشعب الفلسطيني وإجراءات الاحتلال ضده، ما يرفع  نسبة المصابين وذوي الإعاقة في فلسطين بشكل مستمر. كما طالبت بأن يكون هناك حاضنة مجتمعية واسعة للأشخاص ذوي الإعاقة لكي لا يبقوا وحيدين للمطالبة بإنصافهم وتلبية حقوقهم.

من جانبها أكدت الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في غزة، المعلمة أميمة حلّس أن توالي الحروب والعدوان المتواصل على قطاع غزة منذ سنوات أثر بشكل كبير على المجتمع  حيث ازدادت نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل ملحوظ، موضحة أن القوانين المعمول بها في قطاع غزة لم تتعامل بشكل جدي أو منصف في دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، ولم تنفذ ولم تطبق حقوقهم المضمونة بالقانون، كما لم يتم معالجة هذا الازدياد من نواحي توفير فرص العمل أو الدعم المالي أو التعليم أو الصحة،  ما أدّى إلى استثناء  ذوي الاعاقة من هذه “الامتيازات”، حتى نسبة ال 5 % التي ضمنها قانون العمل لإشغال الوظيفة المعطى لهم غير مطبقة.

وعلى صعيد التأمين الصحي  أوضحت حلّس أن المؤسسات الخاصة بالإعاقة أصدرت بطاقات خاصة للصحة والتعليم والمواصلات لتسهل لذوي الإعاقة وصولهم للعيادات والمستشفيات الحكومية والمراكز، إلا أنه لم يتم تفعيل هذه البطاقات، كما هو الأمر بالنسبة لتطبيق قانون موائمة الأبنية والشوارع والإشارات الضوئية لاحتياجات ذوي الإعاقة.

وأشادت حلس بعمل المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء “مساواة” في الدفاع عن ومتابعة قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، قائلة: “أثناء جائحة كورونا طالبت “مساواة” في مذكرة لها أن يتم إصدار قوانين ولوائح وارشادات مترجمة بلغة الاشارات للاطلاع على كل ما يحدث في البلد” الأمر الذي تكمن أهميته في لفت نظر الجهات الرسمية التي لم تكن ملتفتة لهذا الأمر.

وعلى مستوى التعليم أكدت حلس أنه في قطاع غزة لا يوجد سوى مدرسة واحدة حكومية للمكفوفين ومدرسة واحدة للصم، وبعد إنهائهم لمرحلة التعليم لا تتوفر لهم فرص عمل، الأمر المجحف بحقهم “وواقع الحال يشير إلى سواد مقولة “نعطي الحق في يد ونسلبه بالأخرى” والواقع العملي يعكس عدم ترابط بين القوانين الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة ناهيك عن عدم تطبيقها.

وأوضحت حلّس أن الاشخاص ذوي الإعاقة هم الذين يطالبون بحقوقهم بأنفسهم، في حين أنه من حقهم على الجهات الرسمية والمجتمع الفلسطيني أن يشعروا بالأمان وأن يحصلوا على حقوقهم كاملة، فهم ليسوا عالة على المجتمع بل جزء لا يتجزأ منه ويمكن الاستفادة من طاقاته.

وتحدثت المعلمة حلّس عن مشكلة واجهتها في وزارة العمل، قائلة: “في يوم توظيف لذوي الإعاقة في الوزارة كان هناك استهتار من قبل الموظفة الموجودة، الأمر الذي انعكس سلبا على أحد الأشخاص من ذوي الإعاقة الذين تقدموا للوظيفة، مما دفع مركز “مساواة” لتقديم شكوى ومتابعتها، وهي خطوة تقدر لمركز ” مساواة” الذي يتابع هذه الملفات الهامة التي تلقى تهميشا واسعاً من المجتمع” .

وأشارت حلس الى أن “مساواة” في جلسات استماع لها، استضافت عدداً كبيراً من مسؤولي وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وديوان الموظفين الحكومي في قطاع غزة وطالبتهم بتشكيل لجنة خاصة ولجنة متابعة من وزارة الصحة والتنمية والديوان للعمل على متابعة قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، مؤكدة أنه تم تشكيل هذه اللجان إلا أن نتائج عملها لا زالت غير ملموسة على أرض الواقع.

واختتمت قائلة: “إن المشكلة ليست في الإعاقة بل في نظام ومجتمع معيق”.