بإيعاز من قادة تل أبيب.. الإعلام العبري يهاجِم ترامب الـ"خائِن" الذي طعن "اسرائيل" بالظهر

بالعربي: “ترامب وجّه لنا طعنةً مؤلِمةً ومُوجِعةً بالظهر”، من الوراء، بهذه الكلمات وصف المُحلِّل السياسيّ المُخضرم في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، شيمعون شيفر، قيام الرئيس الأمريكيّ بـ”خيانة” الأكراد في الشمال السوريّ، على الرغم من التحالف بينهما، مُحذِّرًا في الوقت عينه من أنّ الخطوة الأمريكيّة هي بمثابة إعلان طلاق رسميٍّ بين أقوى وأعظم دولة في العالم، الولايات المتحدّة وبين منطقة الشرق الأوسط، وأنّ هذا الأمر يُحتِّم على صُنّاع القرار في تل أبيب أنْ يُعيدوا حساباتهم جيّدًا بالنسبة للتعاون مع واشنطن، وبالتحديد: هل يُمكِن، قال شيفر، لكيان الاحتلال أنْ يُواصِل الاتكال على أمريكا في الدفاع عنه سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا بعد الطعنة التي وجهها لجميع حلفاء أمريكا، بما في ذلك إسرائيل، بالمنطقة، على حدّ قوله.

على صلةٍ بما سلف، أكّد الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيليّة (أمان) ومدير مركز دراسات الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابِع لجامعة تل أبيب، الجنرال في الاحتياط، عاموس يادلين، أكّد صباح اليوم الخميس أنّ الأكراد تعرّضوا للخيانة في الشمال السوريّ، مُضيفًا في الوقت عينه أنّهم كانوا حلفاء الولايات المتحدّة الأمريكيّة ضدّ التنظيم الإرهابيّ (داعش)، والآن هم يتقهقرون أمام عدوهم الاستراتيجيّ، الأتراك، ولفت أيضًا إلى أنّ الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد ليس سعيدًا بالغزو التركيّ، لكنّه سعيد جدًا بمغادرة الأمريكيين، على حدّ تعبير الجنرال يدلين.

من ناحيته قال المُستشرِق د. تسفي بارئيل، إنّه يكفي إحصاء الاتفاقات التي خرقها الرئيس الأمريكيّ في فترة ولايته، التي تشمل الانسحاب من الاتفاق النوويّ مع إيران وخرق اتفاقات التجارة المختلفة و”صفقة القرن” التي تبيّن أنّها مثل البالون وتجميد المساعدات المقدمة للفلسطينيين وإخفاقه الكبير في عقد اتفاقات جديدة أوْ حلٍّ نزاعات، من أجل أنْ نفهم بأنّ الأمر يتعلّق بأسلوبٍ هستيريٍّ ووحشيٍّ يستهدِف تحطيم الأنظمة “القديمة”، لأنّ الرئيس ترامب لم يكن شريكًا فيها، كما أكّد نقلاً عن مصادره الرفيعة في تل أبيب.

وشدّدّ المُستشرِق الإسرائيليّ على أنّ التخلّي عن الأكراد للعربدة التركيّة في شمال سوريّة هو حلقة أخرى في سلسلة الشرور، إذْ أنّه من وجهة نظر ترامب الأكراد ليسوا أكثر من مليشيا انتهى دورها، أمّا الآن فليذهبوا إلى الجحيم، مُضيفًا أنّ الرئيس التركيّ، رجب طيّب اردوغان، أثبت أنّ التشدد يؤتي ثماره، فبعد أنْ استخفّ بالمطالبة الأمريكيّة بعدم شراء أنظمة صواريخ اس 400 من روسيا وأعلن بأن تركيا لن تتوقّف عن شراء النفط والغاز من إيران رغم العقوبات الأمريكية، فقد نجح في أنْ يجعل واشنطن تتراجع أيضًا في المسألة الكرديّة، أكّد المُستشرِق د. بارئيل.

ورأت المصادر في تل أبيب، كما قال بارئيل في صحيفة (هآرتس)، رأت أنّ الدولة العظمى الوحيدة التي يمكنها منع الاحتلال التركيّ هي روسيا، لكن لروسيا مصلحة في السماح لتركيا بتعزيز مكانتها في شمال سوريّة، حيث تستطيع أنْ تنفذ الاتفاق الذي وقع بين موسكو وأنقرة في أيلول (سبتمبر) من العام 2018 والذي بحسبه، يتّم نزع سلاح وتفريق عشرات آلاف المتمردين المسلحين المتركزين في منطقة إدلب، ولكنْ السؤال الذي ما زال مفتوحًا: هل سيوافق المتمردون على نزع سلاحهم ولن يناضِلوا ضدّ الجيش العربيّ-السوريّ، الذي بدأ باحتلال مناطق في محافظة إدلب، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّه لروسيا والأسد مصلحة في إعادة اللاجئين السوريين من تركيا ودول أخرى هربوا إليها، وذلك من أجل إثبات أنّ سوريّة تحولّت إلى مكانٍ آمنٍ، ومن أجل تعزيز الأساس العربيّ في المحافظات الكرديّة، طبقًا لأقوال د. بارئيل.

واختتم بارئيل قائلاً إنّ خطوة ترامب التي تُناقِض موقف وزارة الدفاع الأمريكية والـ CIAسيكون لها تأثير بعيد المدى يتجاوز سوريّة وعلاقات الولايات المتحدة مع تركيا، وأضاف إنّه يُرسِّخ الفرضية التي تقول إنّه لا يوجد لأمريكا أصدقاء في الشرق الأوسط، وإنّ أيّ تحالفٍ ما زال ساري المفعول مطروح طوال الوقت لإعادة الاختبار ومُعرَّض لخطر الإلغاء من طرف واحد.

وشدّدّ على أنّ الدولة الأولى التي يجب عليها أنْ تعرف عن التقلبات التي تُميِّز الإدارة الأمريكيّة هي السعوديّة، التي تابعت بذعرٍ شديدٍ كيف سارع ترامب إلى إجراء مفاوضاتٍ مع إيران، واعتبر الهجوم على منشآت النفط في المملكة كشأنٍ سعوديٍّ يجِب على الرياض وحدها أنْ تُقرِّر كيفية الرد عليه، قال المُستشرِق الإسرائيليّ.

أمّا مُحلِّل الشؤون العسكريّة في موقع (WALLA)، الإخباريّ-العبريّ، أمير بوحبوط فقال في تحليله إنّ الأيام الأخيرة التي اتخذ فيها ترامب قرارًا بالتخلّي عن حلفائه الأكراد في شمال سوريّة، هي إشارة لكلّ الشرق الأوسط أنّ كلمة حليف نسبية جدًا ومؤقتة، وإسرائيل يجب أنْ تتكِّل على نفسها فقط، على حدّ تعبيره.