أكبر المذابح ما زالت سريّة.. "اسرائيل" تُخفي آلاف الوثائق عن المجازر التي ارتكبها ضدّ الفلسطينيين

بالعربي: كشف المُحلّل "الإسرائيليّ"، آساف شاليف، في مقالٍ نشره في موقع (محادثة محليّة) الإخباريّ-العبريّ، كشف النقاب عن أنّ  الأجهزة الأمنية في الدولة العبريّة تُواصِل إخفاء المعلومات وآلاف الوثائق في أرشيف الدولة، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّه يوجد 300 ألف ملف مخفي عن عيون الجمهور "الإسرائيليّ"، مُوضحًا أنّ الوثائق المذكورة تبدأ من القرن التاسع عشر، وصولاً لمذبحة دير ياسين، وانتهاء بمجموعات الفهد الأسود، ما يطرح التساؤل عن سبب إصرار "إسرائيل" على إبقاء هذه الوثائق مخفية بين 70 إلى 200 عامًا، على حدّ قوله.

وتابع المُحلّل شاليف، وهو صحافيٌّ "إسرائيليٌّ" مُقيمً في كاليفورنيا بالولايات المُتحدّة الأمريكيّة، تابع قائلاً إنّ أرشيف "إسرائيل" نشر الصيف الماضي 2018 دون إبلاغ الجمهور بصورة استباقية الألبوم الخاص بوثائقه السرية، وتمثلت بشبكة تكونت من 363 جدول إكسل، بينها وثائق سرية مرّ على دفنها قرابة مئة عام، وأكثر من ألفي ملف يسبق قيام الدولة لم يرفع عنها الأرشيف إجراءات السرية والتحفظ، كما أكّد.

وأوضح شاليف، الذي يكتب كتابًا عن حركة الفهود السود، أنّ الوثائق المذكورة تتضمن أسماء، وتواريخ، ومصادرها الأصلية، وبقيت سرية حتى الآن، مُضيفًا في الوقت عينه أنّ من هذه الوثائق ما زالت ترى فيها حكومة الاحتلال سريّةً للغاية، وهناك الكثير ممن يخافون فتح هذا الألبوم والكتالوج السريّ، كما قال، اعتمادًا على مصادره الرفيعة في تل أبيب.

بالإضافة إلى ذلك، أشار الصحافيّ "الإسرائيليّ" إلى أنّ إحدى أهّم الوثائق السريّة معنونة باسم “تقرير باركر” يعود للعام 1821، و125 وثيقة من القرن التاسع عشر، وألفي وثيقة قبل العام 1948، ولأنّه لا يمكن الدخول لتفاصيل هذه الوثائق، أضاف شاليف، فلا يُمكِن معرفة السبب الذي يجعل الدولة تخفيها كل هذه المدة الزمنية التي تزيد عن سبعين عاما منذ إقامتها، وفي بعض الأحيان مائتي عام، طبقًا لأقواله.

وأكّد أيضًا في مقاله على أنّ الوضع "الإسرائيليّ" مقارنةً مع دولٍ أخرى كالولايات المتحدة، جرت العادة لدى أجهزتها الأمنية مثل سي آي إيه وإف بي آي، أنْ تكشف عن وثائقها بصورةٍ دوريّةٍ، وفي حين أنّ الأرشيف الوطنيّ في الولايات المتحدة الأمريكيّة يُعتبر مؤسسةً مُستقلةً، فإنّ الأرشيف القومي "الإسرائيليّ" تابع لديوان رئيس الحكومة، الذي يثبت في كلّ مناسبةٍ أنّه ليس شفافًا في التعامل مع المؤسسات الرسمية، كما قال.

وأوضح شاليف أنّ الوثائق الأرشيفية تخص كلّ وزارةٍ حكوميّةٍ على حدةٍ وهيئةٍ رسميةٍ، وفي بعض الأحيان تتناول شخصيات "إسرائيلية" بعينها، لكن بصورةٍ لافتةٍ وغريبةٍ لا وجود لأرشيف وزارة الحرب، باستثناء ملف واحد يتناول احتلال قطاع غزة في المرة الأولى عام 1956، مع أنّ أجهزة الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) والشاباك (جهاز الأمن العّام) والجيش يديرون أرشيفهم بصورةٍ مُنفردةٍ كلّ عن الآخر، خشية أنْ يتم تسريب وثائقهم لطرف آخر خارج هذه الأجهزة.

عُلاوةً على ذلك، لفت المُحلّل "الإسرائيليّ" في مقاله إلى أنّ ثلاثة أرباع هذه الوثائق مصدرها ثلاث جهات حكومية: الشرطة، وزارة الخارجية، ومكتب رئيس الحكومة، وتلحقها وزارتا الطاقة والقضاء ومراقب الدولة ومصلحة السجون.

كما أكّد أنّ بعض أسماء الوثائق مثيرة للفضول، بينها: “تسع سنوات من بين 2000″، ويتناول كتابًا سريًا عن جهاز الموساد حول الهجرات اليهوديّة من المغرب، ملف آخر “المحكمة الشرعية في غزة بين 1913-1922″، ووثائق أردنية تمّت مصادرتها عام 1967 عقب احتلال الضفة الغربية من الأردن، وملفات بعناوين “منظمات معادية لإسرائيل” أوْ “الحرب ضدّ معاداة السامية”، وكتبتها مفوضيات دبلوماسية إسرائيلية حول العالم”.

وخلُص الصحافيّ "الإسرائيليّ" إلى القول إنّ ملفات حول مذابح دير ياسين (09.04.1948) وكفر قاسم )29.10.1956)، أكبر المذابح التي نفذتها قوات الاحتلال، ما زالت سريّةً، وهناك 13 وثيقة من سنوات الأربعينات والخمسينات حول قتل فولك برنادوت الدبلوماسيّ السويديّ ممثل مجلس الأمن الدولي، الذي قتلته عصابة “ليحي” الصهيونيّة عام 1948، وغرق الغواصة الإسرائيليّة (داكار)، في العام 1968، الذي ما زال سريًا، بحسب تعبيره.

يُشار إلى أنّ جمعيةً "إسرائيليّةً" تعمل منذ أكثر من سنتين على كشف الوثائق السريّة، إلّا أنّ ديوان رئيس الوزراء يرفض السماح لها بالاطلاع عليها، حيثُ قالت مديرة الجمعيّة إنّ هذا التصرّف يمسّ مسًّا سافرًا بالديمقراطيّة في دولة الاحتلال، مُضيفة في مؤتمرٍ عُقد في جامعة تل أبيب إنّ منع الاطلاع على الوثائق القديمة يمنعنا من معرفة الحياة التي نعيشها في هذه الأيّام، على حدّ تعبيرها.