هربوا من القضاء.. فاستوقفتهم عدالة الشعب

بالعربي: كتب محمود حسنين:

ان المتتبع لقضية مقتل نيفين العواودة (36عاماً) منذ البداية يجد التناقض والغموض يكتنف هذه القضية، فبعد مقتل نيفين خرج تقرير رسمي يفيد بإقدام نيفين على الانتحار من الطابق السادس، ثم بعد شهر خرج المتحدث باسم الاجهزة الامنية عدنان الضميري وهو يكشف لغز مقتل نيفن، وقال إن" القاتل هو سائق تكسي يعمل على خط بيرزيت رام الله، وان دوافع القتل كانت شخصية بحتة والسبب في ذلك ان نيفين رفضت التقرب من هذا الشاب وإقامة علاقة معه".

على افتراض ان دوافع القتل كانت شخصية ولم يكن لأحد غير القاتل علاقة بها، فماذا نقول عن صفحة نيفين على الفيسبوك عندما كانت تنشر تهديدات تعرضت لها وكان أولها القتل؟ وكانت نيفين تنشر صوراً لها بشكل يومي وهي في شقتها محاولة ان توصل الرسالة الى كل المعنيين انها تتعرض لتهديدات بالقتل، وماذا نقول عن قضايا الفساد التي حاولت نيفين كشفها وطرقت كل أبواب المسؤولين والوزارات من أجل هذه القضايا وخذلها الجميع؟.

كل هذه الاسئلة لم يجب عنها بيان أمس والذي بدوره ألبس الطربوش لقاتل ربما كان ضحية اخرى لمجموعة من الاشخاص، فلم تكن رواية أمس لها حبكة محكمة تقود الى الحقيقة، بل زادت الامر غموضا وحيرة، وما يزيد الطين بلة على رأس المجرمين هو خروج والد نيفين وقوله ان "الحكاية التي خرجت بها الاجهزة الامنية غير مقنعة وغير مترابطة"، رغم ان الوالد نفسه لم يقف مع نيفين وهي في أيامها الأخيرة وهي تصارع التهديدات وحدها، وأضاف أن" الرواية عبارة عن رواية أمنية مخابراتية وهذا ما لا يفيدني او يقنعني".

وختم والد نيفين قوله: "أشكر الاجهزة الامنية على ما قامت به ولكن لا تزال خيوط الجريمة غامضة ولم تتفكك بعد"، فعندما يقال في التقرير الشرعي ان العمود الفقري مكسور وان الرأس مضروب والمخ ظاهر منه والحوض ايضاً مكسور فكيف لهذا الشخص ان يكون على قيد الحياة؟.

لقد تدحرجت قضية نيفين الى ما لا يحمد عقباه وصولاً للقتل الذي يرفضه القانون الفلسطيني والعادات والتقاليد، وبعد أن تم تمديد فترة التحقيق مرة أخرى سننتظر 15 يوماً حتى تسلم الأجهزة الامنية تقريرها الكامل للنائب العام الذي سيقرر بعدها ما يحق نشره للناس، ولكن السؤال الأهم هل ستتكشف خيوط مقتل نيفين أم أنها ستبقى طي الكتمان في ملفات الأجهزة الأمنية؟

نيفين المهندسة وحاملة شهادة الماجستير ايضا لم تكن يوماً مريضة نفسية كما يدعي البعض بل حاولت ان تكشف لنا المرض الذي ينهش في مؤسساتنا وينخر في أعماقنا، ولكن المتنفذين ممن يعيثون في وطننا فساداً لم يحلو لهم ما تفعله نيفين،  ويبدو ان لهم صلة في قتلها وكتم فاهها الذي نطق بالحق في وجه الظالمين.

اذن في النهاية يجب على الأجهزة الأمنية عدم اغلاق الملف واكمال التحري والتدقيق حول القضايا الرئيسية التي دفعت نيفين حياتها ثمناً لها، واظهار الحقيقة التي ينتظرها الناس كافة، فيبدو واضحا مما يتداوله الناس حول هذه القضية التي تحولت الى رأي عام عدم اقتناعهم بالرواية الأمنية مطالبين كافة الجهات المختصة بالتدخل حتى تكون الرواية الصحيحة في متناول اليد، حتى يرتدع من يفكر في مثل هذا الفساد.