هكذا كانت قطر قبل زيارة الأميركي .. ما الذي تغيّر بعده ؟

بالعربي- كتبت ثريا عاصي :

في المدينة القطرية الدوحة رجل تدور حوله الشبهات منذ سنة 2000 : فهو متهم بمساعدة تنظيم "القاعدة" في العراق وجماعة "عصبة الأنصار" في مخيم اللاجئيين الفلسطينيين في عين حلوة ـ جنوب مدينة  صيدا في لبنان، وتنظيم القاعدة في سورية وتنظيم "الشباب في الصومال".

أسس هذا الرجل أيضاً في سنة 2004 منظمة الكرامة منظمة قطرية إنسانية غير حكومية . وأخيراً له مكتب في "المركز العربي للبحث والدراسات" في الدوحة، أضف إلى أن اسمه أدرج في 2014 على "لائحة سوداء في الولايات المتحدة الأميركية وفي الإتحاد الأوروبي".

ما يهم من هذا كله هو أن الشخص القطري، المتهم بتمويل تنظيم القاعدة والمقرب من الديوان الأميري، جاء في سنة 2011 إلى باريس دون أن تعترضه السلطات الفرنسية، حيث التقى حول مائدة غداء معارضاً سورياً معروفاً، يدعي أنه كان ضد عسكرة الثورة، الأمر الذي حدا الشخص القطري إلى رفض  طلب هذا المعارض مساعدته من أجل تأمين احتياجات النازحين السوريين، فالعسكرة من وجهة نظره لا بد منها! جاء هذا الكلام على لسان المعارض!

ينجم عنه أنه يحق لنا القول أن هذا الأخير لم يتحرّج من الإجتماع بشخصية قطرية بقصد الحصول على هِبة للثورة ليست على الأرجح خالية من الأعواض والأغراض ! لا سيما أن هذا الرجل القطري المقرب من الأمير يُصنف من باب أولى، في خانة الرجعية وأتباع الولايات المتحدة الأميركية والثورة المضادة ومعاونة المستعمرين الإستيطانيين "الإسرائيليين" الذين يتمثلون دائماً في منتدى الدوحة السنوي.

يقول "الإسرائيلي" إيلي برنافي في إجابته على رسالة الفرنسي ريجيس دوبريه "إلى صديق إسرائيلي" انه قرأ هذه الرسالة بينما كان في الطائرة إلى الدوحة، حيث يعقد نادي موناكو إجتماعه السنوي وهذا عبارة عن خلوة فكرية تحضرها شخصيات من أوروبا ومن بلدان العرب ومن "إسرائيل" وفلسطين يناقش فيها إلى حد الإشباع، الصراع الفلسطيني ـ" الإسرائيلي" والوسائل الكفيلة بإنهائها.

بكلام أكثر وضوحاً وصراحة، لا شك في أن المعارض السوري وهو الذي كان يقول أن "عسكرة الثورة ستؤدي إلى كارثة" يعرف جيداً أن غاية قطر وتركيا والسعودية كانت ولا تزال هي العسكرة  أي الكارثة، أما إطلاق اسم ثورة على تمرد مسلح توكلت به جماعات سورية وغير سورية تأتمر بأمر جهات أجنبية، إذ من المعروف أن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها في أوروبا يقفون وراءها فهذا لعمري دلالة على يأس وإفلاس وضلال "أيتام" الحركات الوطنية التقدمية في بلدان العرب عموماً، وفي المشرق على وجه الخصوص .

هذه الحركة التي تضافر باكراً، عليها استبداد الحاكم الجاهل وإغراء مشايخ النفط.

مجمل القول أن المعارضين السوريين ومن لف لفهم في دنيا العرب لم يحتجوا على عسكرة التمرد في سوريا وعن توظيف الخسائر التي نتجت عنه، إنسانياً وعمرانياً، في محاولة كسب ثقة الولايات المتحدة الأميركية .

وفي السياق نفسه لم نسمع أن هؤلاء المعارضين تنادوا من أجل معالجة مسألة التدخل "الإسرائيلي" الفاضح إلى جانب المتعسكرين. فهم كمثل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الذين أدخلوا تنظيمي القاعدة وداعش إلى سورية ثم اتخذوا من وجودهما ذريعة لإرسال طائراتهم وجنودهم ومرتزقتهم  بحجة محاربة الإرهاب .

لعل هؤلاء المعارضين يأملون بأن تنصبهم الولايات المتحدة الأميركية وكلاء على رأس الدولة في سورية . كأن هذه الأخيرة كمثل أفغانستان والعراق.

مهما يكن فلا منأى في ختام هذا الفصل عن الإعتراف بأن المعارضين السوريين الذين واظبوا ليس فقط على التعبير وإنما على ممارسة "المعارضة" أيضاً في بلدان الخليج وتركيا وأوروبا، هم طرف بشكل أو بآخر في الحرب الأميركية ـ "الإسرائيلية" ضد بلادهم سوريا . يفهم من هذا أن سورية صارت في نظرهم ليس موطناً ومجتمعاً وطنياً وإنما سلعة يتجارون بها.