عندما ألتقت أجمل أمهات فلسطين بـ"حضرة" أبنائهم الشهداء

بالعربي-كتبت رنين خالدي : 

في منزل والد الشهيد ليث الخالدي في بلدة جفنا، قضاء رام الله، اجتمعن، تبادلن الحديث عن أبنائهن، وذكرياتهن معهم، في محاولة لتبديل الدمعة بابتسامة.. هؤلاء الأمهات يختلفن عن كل الأمهات، فلهن وجع واحد.. وجرح واحد.. وألم واحد.. لا يشاركهن فيه أحد! 

الشهداء.. ليث الخالدي، نديم نوارة، علي صافي، محمد مبارك، محمد أبو الظاهر، أحمد صمادعة، ومعتز وشحة كانوا حاضرين، ضحكاتهم، كلماتهم، وابتساماتهم، خيمت على الأجواء وملأت المكان.

لم تخلو هذه الجلسة من دمعة صاحبها جرح كبير بالقلب لا يشفى، ومع مرور الزمن يزداد اتساعاً، ورغم محاولتهن حجب هذه الدموع إلا أنها انهمرت لتروي لنا حكايات مفرحة ممزوجة بدموع الفراق.

في حديث الأمهات عن فلذات أكبادهن، بعضهن اخترن الكتابة على صفحاتهن بالـ"فيسبوك" لتخفيف الألم وتفريغ العواطف وتعريف المتابعين بمن هو الشهيد وماذا يحمل من صفات؟ من خلال كلمات بسيطة.. لكن البعض الآخر فضل عدم الكتابة بتاتا على "الفيسبوك" فقالت أم الشهيد محمد مبارك أن كتابات "الفيسبوك" تؤثر سلباً على العائلة، وتشعل حزناً كبيراً في قلوب الأبناء.. "لم أعد أكتب على صفحتي الشخصية،، أصبحت اخبئ في قلبي كل الكلمات التي سأقولها لابني الشهيد".

في حضرة الشهداء أجمعت الأمهات على دعمهن لانتفاضة القدس، حتى وصل الحال بهن لحفظ وتذكر تواريخ استشهاد شهداء الانتفاضة، فكل شهيد يرتقي يذكرهن بأبنائهن.. فكيف لا.. وهو رفيقهم بالشهاده؟!، "ابعث سلاماً لابني يا شهيد.. فهو قد سبقكك وينتظرك بمكان أجمل".

في حضرة الشهداء استعادت الأمهات شريط الذكريات فتحدثن عن الإحساس الذي شعرن به قبيل استشهاد أبناءهن! إحداهن رأته في أحلامها يودعها، والأخرى في حدسها، والثالثة لم تشعر أبداً لأنها لم تتقبل ولو للحظة أن ابنها رحل.. فهي ما تزال تراه في كل بقعة من المنزل.

أما أم الشهيد "علي صافي" فتعكف على كتابة قصيدة تخلد الذكرى الأولى لاستشهاده.. تقول في مطلعها: "يا علي كم تمنيت أن احتضنك قبل الفراق كي تبقى رائحتك معي.. ففي قلبي غصة لا يتسع لها المدى".

ما أجمل صبركن.. وما أروع صمودكن.. فمنكن نأخد القوة ونتعلم معنى الحياة..