بالعربي_كتبت:نادية حرحش
عندما خرجت ويكيليكس المفاوضات قبل عدة أعوام وقام كلايتون سويشر بأرشفة وثائق محاضر المفاوضات في كتاب ، خمدت نار الفضيحة باجتياح جديد لغزة. حينها تبين ان احد المستشارين الأجانب لمكتب المفاوضات او اثنين، والذي كان يتقاضى (اويتقاضا او يتقاضون) معاشا خياليا تجاوز العشرون الف دولارا أمريكيا بالشهر. هول المصايب احيانا يجعلنا ننسى المصيبة نتعلق بالتفاصيل غير المهمة. فضائح ، معاشات خيالية ، خبرات اجنبية، استهتار بالمفاوضات، عبثية الاجتماعات، التنازلات...
كان من الغريب ان جدار المفاوضات وصوامعها لم تنهار في حينها. لم يقدم كبير المفاوضين استقالته ولم يجبره على الاستقالة احد . تم التعامل مع الموضوع بهدوء وبرود وكأن ما جرى مجرد زوبعة بفنجان . ومؤامرة وراءها الجزيرة طبعا.
المهم وبعد سنوات عجاف لا تزال تعجف بالحال الفلسطيني، حصل اختراق جديد لملف المفاوضات المتجمد منذ سنوات على حد علم الشعب الفقير لله. ولكن هذه المره غلبت اليد الاستخبارية الفلسطينية على يد الجزيرة وشياطينها، وتم بحمد الله إلقاء القبض على العميل الذي كان يفشي بأسرار المفاوضات للجانب "الاسرائيلي" ...
وحدوا الله يا جماعة الخير ....
لا اله الا الله ....
لنقل ان المستمع مجنون وجاهل. ولكن لا تنفع هكذا معادلة لإتمامها اذا لم يكن المتكلم على الأقل يعقل لما يقول .
وكالعادة وقبل بدء الشعب المهمش المجنون بطبيعة الحال نكش شعره وتحريك دماغه ليعرف ما الحكاية الجديدة. وكالمفرقعات النارية انفجر الخبر بقرقعات مدوية بالقبض على الجاسوس الذي بسببه لم تصل المفاوضات الى نتيجة. "فالإسرائيليين" كانوا بسببه على دراية بكل ما يجري في اروقة مكاتب المفاوضات الفلسطينية ، وكان هذا الجاسوس النجس يسرب المعلومات الهامة والمحورية التي كانت ستكون معضلة في فك أحجية المفاوضات العقيمة وتكون مثل الدواء السحري وتحللها وتفك شيفرتها المعقدة... فكما الفزلقة في حياة هذا الشعب اشعر بفزلكة كلماتي بهذه اللحظة . فلم يعد هناك داعٍ لترتيب الكلام او التفكر به او منطقته احتراما للقاريء . كلام وبينزل وبينقرأ... كعناوين الأخبار المدوية في بلادي.. القاريء من الشعب غير مهم او موجود بنظر صانع القرار الفلسطيني اصلا... يفزلقون علينا الأنباء فتصبح خبر المدينة...
المهم...
لم يكد الشعب يبدأ بالتحليل حتى نزل خبرا مدويا جديدا بالتفاصيل .. فالجاسوس العميل موظفا اداريا ولم يكن مدير مكتب ولم يكن بقائمة المستشارين ولم يكن يحضر الاجتماعات . كان موظفا اداريا غير مهم...
حسنا ... واستكمالا للتحليل ... يعني من غير الممكن ان يفجروا علينا قنابل بهذه الأخبار ولا يتوقعوا منا فحص الشظايا فيما بعد . فلقد علقت بابداننا.
اذا ما كان هذا العميل المدسوس موظفا اداريا . غريب انه لم يصبح موظفا مرموقا بالتقادم . فالكلام هنا عن كشف العميل الذي يمرر الأسرار منذ سنوات. حتى لو كان هذا العميل موظفا جديدا ، فلا يعقل انه كان يسرب شيء اكثر من تقارير القهوة والشاي ونميمة البلد التي يتم تداولها على المكاتب. بالنهاية المفاوضات معطلة منذ سنوات والجماعه بانتظار فرج الله او "اسرائيل" او أمريكا او من تيسر من أولياء الامر علينا.
اكثر من اعتراف تسيبي ليفني بعلاقتها بصائب عريقات للعلن ايعقل ان تكون "اسرائيل" بحاجة الى اختراقات اكثر أهمية من شخص ارفع مكانة من كبير المفاوضين العتيد؟ هل تحتاج "اسرائيل" الى عمالة إضافية واعترافات ليفني السطحية تطول اكبر شخصيات هذا الوطن الرصين؟ المفاوضات وكبيرها اصلا بجيب "اسرائيل" . الوطن كله بجيب "اسرائيل".. والشعب تحن نيران "اسرائيل" .
وإذا ما افترضنا كذلك ان الاختراق المزعوم هو سبب فشل المفاوضات ... المثل يقول المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ... يعني ان يتم الاختراق ويتم نشر ذلك الاختراق على المواقع والمحطات العالمية وتوثيقه بكتب وفضيحة لا يعلمها الا الله والفضائيات وكلايتون سويشر. كل هذا لم يجعل مكتب المفاوضات اكثر حرصا على تخبئه المفاوضات في مكان آمن ؟
وإذا ما افترضنا انه مش مهم.. بتصير.. المؤمن يؤمن. ونحن الفلسطينيون لنا باع في السذاجة والضيافة وأمن البيت .الم يكن من المفترض او المفروض ان المفاوضات غير موجودة ومعلقة منذ سنوات ؟ الم تعلنوا للشعب هذا ولوحتم به عبر كل مناسبة ؟
يعني هل هناك مفاوضات اصلا ؟
اذا كان هناك مفاوضات وهذا العميل باعها وسربها للعدو .. فالخيانة ليست خيانته فقط. الخيانه هي بالسلطة التي تستمر بغش الشعب .. فلما الاستغراب اذا ما غشها احد موظفيها...
استغفر الله العظيم وأتوب اليه...
كنت في السابق اسمي ما يجري مهاترات وطن... صار الوطن اليوم هو المهاترات.