مديونون للمصارف كرمى لعمليات التجميل

بالعربي: كتبت جمانة فولادكر

في الحافلة التي أستقلها صباحاً إلى الجامعة أراقب الإعلانات الكثيرة لأمرر الوقت. أشاهدها منتشرة في كلّ مكان على جدران الأبنية، وعلى اللافتات المخصصة للإعلانات، وعلى لوحات صغيرة تعلو سيارات الأجرة.

يتكرّر المشهد كلّ يوم، ممّا جعلني أحفظ جميع الإعلانات. لكن في أحد الأيام، تغيّر المشهد: إعلان لأحد المصارف يروّج لقروض مخصّصة لعمليات التجميل.
ربّما صار صعباً تصنيف الأشياء بين أساسية وكمالية. ما قد يكون كمالياً بالنسبة لك، هو أساسي ومستعجل بالنسبة للآخرين. هذا ما فهمته من الإعلان على الأقل.
دفعتني رؤية الإعلان للبحث أكثر. هناك الكثير من المصارف التي تعطي هذا النوع من القروض «الميسّرة»، أما أهم شروطه فهي كالتالي: يحصل طالب القرض عليه من دون دفعة أولى، وهو لا يتطلب أي ضمانات حتّى، ومع موافقة سريعة من المصرف. يحصل المقترض، بعد أخذه الموافقة على القرض، مبلغاً يصل إلى خمسة آلاف دولار أميركي، يمكنه تسديدها على فترة تصل إلى عامين.
الجدير بالذكر أيضاً أن القرض يغطّي عمليات التجميل بمختلف أنواعها، إضافة إلى عمليات تقويم الأسنان وزرعها وتصحيح النظر وزرع الشعر. ويمكن للقرض أن يغطي أكثر من عملية تجميل واحدة في الوقت عينه.
استفاد العديد من الرجال والنساء، من أعمارٍ مختلفةٍ، من هذا النوع من القروض.
أخذت سوزان من البنك قرضاً بقيمة ثلاثة آلاف دولار أميركي، للقيام بعملية تكبير للصدر، العام الماضي. وما زالت تسدّده حتّى الآن.
ترى الطالبة الجامعية أن قيامها بهذه العملية كان ضرورياً، وهي لم تكن لتتحمل عبء تسديد مبلغ كبير كهذا دفعةً واحدة. تقول: «جمال الجسد أمر أساسي بالنسبة لي. بعد قيامي بالعملية ارتفعت ثقتي بنفسي، وصرت مرتاحة بارتداء كل ما أريده بثقة ومن دون أي شعور بالنقص أو الارتباك».
لكن في الوقت نفسه تبدي الشابة ندمها حيال الطريقة التي حصلت بها على المبلغ. تقول: «لو ادّخرت المبلغ عوضاً عن أخذ قرض من المصرف، لكان الأمر أفضل بكثير. باتت أقساط الجامعة ودفعات القرض الواجب تسديدها حملاً ثقيلاً عليّ».
يفضّل عدد آخر من الأشخاص أخذ قروض شخصيّة لإجراء عمليات تجميلية، بدل القروض المخصّصة لعمليات التجميل.
جيسيكا هي واحدة من الأشخاص الذين فضّلوا القرض الشخصي على القرض المخصص لعمليات التجميل. اختارت جيسيكا القرض الشخصي لأنّ الفائدة فيه أقلّ من تلك المتوجّبة على القرض التجميلي.
اقترضت الشابة خمسة آلاف دولار أميركي من أجل إجراء عملية تجميل للأنف خلال الشهر المقبل. ستبلغ كلفة العملية ثلاثة آلاف دولار أميركي، وتعتبر جسيكا أنّ عملية التجميل حاجة أساسية بالنسبة لها. تقول: «أنفي كبير وملتوٍ، ومن الضروري أن أحسّن شكله. لا أجد مشكلة في إجراء عمليات تجميل لطالما سأحصل على نتيجة تناسبني وتسعدني».
بعد انتهاء عملية الأنف، ستنفق جيسيكا المبلغ المتبقي للقيام بعملية تكبير للشفاه وأمور تجميلية أخرى. أما كيفية تسديد القرض، فهي ستسدد المبلغ خلال عامٍ ونصف العام، على شكل دفعاتٍ شهرية تبلغ قيمة الواحدة منها ثلاثمئة دولار أميركي.
لا تشعر الشابة أنّ هناك مشكلة مع الأمر، تقول: «سهّل القرض عليّ أمر إجراء العملية التي لطالما أردتها، ووفر عليّ عبء انتظار عام أو أكثر للقيام بها».
بالطريقة نفسها، اضطر حسن لأخذ قرضٍ شخصيٍ من البنك لإجراء عملياتٍ تجميلية.
تعرّض الشاب في السادسة عشرة من عمره لحادث، تعرّض فيه لصدمة سيّارة، ممّا تسبّب بتضرّر قدمه وتشوّهها.
نتيجة لذلك خضع حسن لعدّة عمليات لعلاجها، ومن ثم قام بعملياتٍ تجميلية لساقه بعد انتهاء فترة العلاج. أجبر ذلك أهله على أخذ قرضين من المصرف، قيمة كلّ واحد منهما خمسة آلاف دولار أميركي، وذلك لعجزهم عن تأمين كلفة العمليات، خاصةً أنّ الضمان الصحي لا يغطي كلفة عمليات التجميل المطلوبة لتحسين وضع ساق ابنهم. يقول حسن: «لو كان الأمر سهلاً عليّ لما حمّلت أهلي عبء تسديد القروض للمصارف. لكن مظهر قدمي المتشوّه أشعرني بالاستياء، وكان يذكّرني طوال الوقت بالحادثة». يضيف: «لم أكن مرتاحاً مع نفسي قبل إجرائي عمليات التجميل لساقي. كنت أتجنب ارتداء أحذيةٍ تظهر القدم، كما كنت أتجنب ارتياد الأماكن التي قد اضطرّ فيها لخلع حذائي».