"ديزنجوف".. شارع الموت لـ 78 "إسرائيلياً"

بالعربي_كتبت: رولا حسنين

منذ أن أعلن الإعلام العبري عن عملية إطلاق النار التي وقعت يوم الجمعة 1/1/2016 في شارع ديزنجوف وسط تل أبيب، ومقتل جنديين في جيش الاحتلال، وإصابة 8 آخرين توصف حالتهم بالخطيرة الى المتوسطة يعاينهم الطب في مستشفى "ايخلوف" بتل أبيب، حتى بدأت ثلاثي الهستيريا لدى "دولة الاحتلال"، هستيريا طالت جهاز المخابرات وكافة الأجهزة الأمنية في جيش الاحتلال، وهستيريا الإعلام العبري الذي غالباً ما يتحدث بلسان الجيش ووفق معلوماته فقط، وهستيريا المستوطنين الذين ما عادوا يثقون في جيشهم أو طمأنة إعلامهم.

وفيما يخص هستيريا الإعلام العبري، فإن كافة المعلومات التي طرحها حتى اليوم الأحد، تتحدث أن منفذ العملية هو الشاب نشأت ملحم (29 عاماً) من سكان عرعرة بالداخل المحتل، أمضى في سجون الاحتلال 5 أعوام، بتهمة محاولة الاستحواذ على سلاح أحد أفراد شرطة الاحتلال عام 2007، ورجّحت الشرطة آنذاك أنه حاول تنفيذ عملية، ثأراً لابن عمه نديم ملحم، والذي قضى برصاص شرطة الاحتلال بتاريخ 19/1/2006.

وبدأت تحليلات جهاز الشاباك ومخابرات الاحتلال بمساندة الشرطة، التي وصلت إلى أن الشاب ملحم نفذ عملية إطلاق النار بعد أن أعدّ لها جيداً، كما أظهرت تسجيلات كاميرات المراقبة، حيث دخل ملحم أحد المحلات التجارية بجانب المكان الذي نفذ فيه العملية، وتظاهر أنه يريد شراء بعض المكسرات ثم تراجع عن شرائها واحتفظ بكيس بلاستيكي في يده وارتداه قبل بدء إطلاق النار حتى لا يحتفظ ببصماته على السلاح المستخدم في العملية، كما وارتدى نظارة تخفي ملامحه ولا تظهرها بصورة واضحة أمام كاميرات المراقبة حتى لا يُعرف، وأكدت شرطة الاحتلال أن محلم بعد تنفيذ عمليته انسحب من المكان بسرعة، ثم أطلق النار على صاحب سيارة أجره واستخدم السيارة في الانسحاب الكامل من مكان العملية، وما زال مختفياً عن الانظار حتى اللحظة.

ربما ظنّ ملحم أنه تمكن من تنفيذ عمليته بسريّة تامة، الى أن أعلنت شرطة الاحتلال أن والده والذي كان متطوعاً فيها ويملك ترخيصاً لسلاح من نوع "عوزي"، اتصل بالشرطة بعد مشاهدته فيديو العملية، وأكد لهم أن المنفذ هو ابنه نشأت واستخدم سلاحه المرخص في العملية، هذه المعلومات وإن كانت مفتاحاً لبدأ تحليل تفاصيل العملية، إلا أنها لم تكن مفتاحاً سحرياً لدى أجهزة الأمن "الإسرائيلية" في الوصول الى الشاب نشأت الذي لايزال مجهول المكان، مما زاد التوتر والهستيريا لدى الاحتلال، فتل أبيب اليوم أصبحت ثكنة عسكرية، لا ترى في شوارعها إلا شرطة الاحتلال وكل أجهزتهم الأمنية تبحث عن المنفذ لطمأنة المستوطنين من ناحية، وخشية تنفيذه لعمية أخرى من ناحية ثانية، فأعلن جهاز "الشاباك" أمس السبت تركز انتشار قوات الأجهزة الأمنية على المناطق التي يتواجد فيها مطاعم كون المنفذ لن يخرج من مخبئه إلا لحاجة الطعام فقط، فربما يسهل عليهم الإمساك به إن صحّت نظريتهم هذه، ووضعوا احتمالية أن يكون المنفذ قد اتفق مع أحد لتزويده بالطعام، فإذا كانت نظريتهم الثانية هي الصواب، سيصعب عليهم الوصول له كونهم اعتقلوا شقيقه أمس ومددوا اعتقاله 5 أيام، في حين لم يُبدِ لهم معرفة بعملية أخيه بشكل مسبق أو بمكان تواجده حالياً.

تحليلات مسؤول سابق في الشاباك أشارت الى أن المنفذ أظهر برودة أعصاب نادرة قبل وأثناء وبعد العملية، حيث أطلق النار على المارة وهو يبتسم وفر من المكان واختفى بسهولة، ما يدلل على تدريب مسبق وقدرة عالية على المناورة، امتاز بها ملحم، عادت بذاكرة الشاباك الى عدة عمليات شهدها الشارع ذاته، منها عملية فدائية بتاريخ 19/10/1994 نفذها الشهيد صالح صوي نزال من مدينة قلقيلية في ذات الشارع وقتل فيها 22 وجرح 47 آخرين، حسب ما أعلن عنه الإعلام العبري آنذاك، وكانت هذه العملية ضمن سلسلة عمليات خطط لها المهندس الأول في كتائب القسام الشهيد يحيى عياش، وتضمنت أيضاً العملية الفدائية التي نفذها ابن مدينة قلقيلية أيضاً الشهيد سعيد الحوتري بتاريخ 1/6/2001 في تل أبيب بالقرب من شارع ديزنجوف مسرح عملية محلم ونزال،  وقتل فيها أكثر من 20، وأصيب نحو الـ 150 وفق ما أعلن عنه الإعلام العبري أيضاً، ولا يقتصر هذا الشارع على هذه العمليات فقد نفذ الشهيد رامز عبيد أحد عناصر سرايا القدس، عملية فدائية في ذات الشارع بتاريخ 4/3/1996 أدت حينها الى مقتل 23 وإصابة 170 آخرين، ولا تزال سلطات الاحتلال تحتجز جثمانه في "مقابر الأرقام"، لنصل الى جملة من عمليات بطولية نفذها الفلسطينيون في ذات المكان ليكون "ديزنجوف" شارع الموت أو شبح يطارد الاحتلال على أرضنا ما داموا فيها، فبالإضافة الى العملية الأخيرة التي نفذها الشاب ملحم يصل عدد قتلى الشارع 78 قتيلاً بعمليات نوعية.