الطفل الشهير في عدوان 2008.. أصبح أباً لابن لم يره

بالعربي_كتبت:رولا حسنين

بعد 8 سنوات من فقدان بصره إثر إصابته بقنبلة فسفور اطلقتها قوات الاحتلال في عدوان 2008 على قطاع غزة، يستذكر الفتى لؤي صبح (17 عاماً) معاناته المستمرة منذ ذلك الوقت والتي لم تنتهي حتى اليوم.

لؤي ابن بيت لاهيا شمال غزة، والذي عرفه الفلسطينيون وأحرار العالم، بعد أن التقطته عدسات الصحفيين بعد اصابته بحروق في وجهه وفقدان بصره بفعل قنبلة فسفورية اطلقتها طائرات الاحتلال، تمر عليه ذكريات العدوان وتذكره بما عاشه وبما وصل إليه اليوم.

لؤي أضحى اليوم والداً لطفل، بعد أن تزوج من ابنة عمه قمر صبح التي تبلغ من العمر 17 عاما ، قبل عام بالتحديد، وأنجب منها طفلة البكر "بكر" ابن الأربعة أشهر، ليبدأ مع قمر رحلة الحياة سوية رغم صعابها.

يتخوف لؤي من أن يلاقي ابنه مصيراً يشابه مصيره في الفقر أو الإصابة الدائمة نتيجة عدوان احتلالي على غزة، ففقد بصره لم يمكنه من رؤية ابنه أو ملامح وجهه، ولن تمكنه من مشاهدة ابنه يكبر أمامه، ولن يتمكن من رؤية ابتسامة من ابنه تنسيه بضع أوجاعه أو حتى كلها، فكل عدوان كان يشنه الاحتلال على غزة، كان لؤي يتذكر مأساته ويخرج من كل منطقة كانت تستهدفها آلة الحرب الإسرائيلية، حتى لا تزداد معاناته بإي إصابة أخرى.

يقول لؤي لـ وطن للأنباء أنه يعاني من أوجاع في الرأس، وعطل في يده اليسرى، مع فقدان تام للبصر، وهو بحاجة الى عدة عمليات جراحية خارج قطاع غزة، إلا أنه لا يملك ما يستطيع به إعالة عائلته، وتخلت عنه كل المؤسسات في غزة، فلؤي اليوم يتمنى أن يحصل ولو بضعاً قليلاً من الاهتمام الذي لاقه في أول سنة من إصابته، حيث سافر حينها الى السعودية وأجريت له عمليات تجميلية تزيل أثر الحروق التي شوّهت وجهه وأفقدته بصره.

الناظر الى لؤي، يهيء له أنه يراه، إلا أن العدسات الصناعية التي كانت ضمن العمليات التجميلية التي أجراها في السعودية، تحتاج الى تغيير كل عام، ومنذ 8 سنوات لم يستطع لؤي تغييرها لأنها معدومة الوجود في غزة، وهو غير قادر على السفر خارج القطاع، لتبقى هذه العدسات غير المبدلة تذكّر لؤي بمأساته كلما تمنى أن يرى بعيناه، وهذه الأمنية تراوده كل ثانية.

يتحدث لؤي لـ وطن للأنباء بروح قبلت بالقدر الذي لاقته، ولكنها لم تقبل يوماً بفكرة أن لا أحد يتطلع لمعاناته ويهدف لمساعدته، فبعد أن وافق على الالتحاق بمدرسة النور للمكفوفين، وجد أن المدرسة أدرجته في صفوف ابتدائية انتهي منها وهو مبصراً، وكأنه سيعيد تكرار حياته السابقة ولكن هذه المرة بلا بصر، الأمر الذي اضطره لعدم متابعة مدرسة النور، والتوقف عن الدراسة، إلا أنه لم يحرم زوجته من إتمام دراستها، وهي الآن على مقاعد الثانوية العامة، شعور الحرمان من الدراسة الذي لاقاه لؤي لا يريد أن تشعر به زوجته قمر.

لا يتوقف الأمر على ما لاقاه لؤي من معاناة شخصية، فالمعاناة تتجدد لدى عائلته التي تعاني أوضاعاً اقتصادية صعبة جداً، ولا تتلقى سوى معونة قدرها 750 شيكلاً كل 3 أشهر من الشؤون الاجتماعية الحكومية، ومعيلها الأب عاطل عن العمل بعد أن أجرى عملية جراحية بسبب "الغضاريف"  في ظهره، ليبقى لؤي حالة من ضمن الاف الحالات التي فقدت أعضاءها الجسدية في كل عدوان كان يشنه الاحتلال على غزة، ويظل الحصار المطبق عليها ظلماً آخراً يحياه أهل غزة.