في ذكرى عملية عدي وغسان أبو الجمل.. كان للسماء دور آخر

بالعربي_كتبت: رولا حسنين

في خاطري مدينة أضواؤها حمراء، شبابها لا يضاهيهم أحد بالجمال، قمرها أجرام سماوية ملامحها تشبه شبابها، في خاطري هالة من القداسة لتلك المدينة الرحبة بأهلها، الضيقة بأعدائها، في قلبي عروس تربعت في شراييني وحبها سرى في أوردتي، جعلتها عاصمة كياني، في قلبي قدس عربية شامخة يتلاقي فيها المحب والحبيب، وهلال الإسلام والصليب.

أضواؤها حمراء بلون دم شهدائها، شبابها الشهداء ارتحلوا عنها مبتسمين لها فكان جمالهم صادق لا مزيّف، هم أقمارها وأجرامها السماوية، هم دلالة أبدية على أنها عروستنا وقدسنا.

لم أكن لأكتب كلمات عشقي للقدس إلا بعد أن أتممت عليها حبي، حب استخلصته من دروس مَن سبقوني في عشقها وكانوا شهداء لأجلها.

غسان وعدي أبو الجمل، أبناء القدس وشهداؤها، في الذكرى السنوية الأولى لعمليتهم التي وصفها المراقبون بـ"البطولية"داخل الكنيس اليهودي في قرية دير ياسين غربي القدس المحتلة، والتي أدت إلى مقتل خمسة من كبار حاخامات المستوطنين وجرح عدد آخر، قبل عام مثل هذا اليوم 18-11-2014 استيقظت قلوب الفلسطينيين على بضع شفاء من غلٍّ طال أمده، خبر تنفيذ أبناء أبو جمل عملية محكمة التخطيط والتنفيذ في القدس، كانت عملية ضمن سلسلة عمليات فردية ليست متتابعة أوجعت المحتل، عمليات دهس في بقاع الضفة والقدس، إلا أن عملية عدي وغسان كانت على غير شاكلة الأخريات في مكانها وتنفيذها، كنيس يهودي مقام على أراض للفلسطينيين اغتصبها المحتل منهم، بلطة كبيرة ومسدسان، مسدسات بسيطة التكوين عظيمة الفعل، ربما يراها البعض أن أكبر عمل قد تقوم به هو اطلاق رصاص فرح في إحدى الأعراس، فكان عرس عدي وغسان هو ساحة عمليتهم البطولية، وكانت الزغاريد على وقع الرصاص، وكان دور السماء في هذه العملية أن استقبلت أرواح عدي وغسان.

صرخات الشهداء "الله أكبر" التي بدأ غسان وعدي عمليتهم الثانية خارج الكنيس كانت اشارات ودلالات بينهم، أو كتعميمات قيادات عسكرية  في ساحة القتال، سيراها البعض أنها تدلل على "الإرهاب" وخاصة أن العملية نُفذت داخل كنيس يهودي أي مكان عبادة، لنفتت الحقيقة ونجيب على الأسئلة، كلمة الله أكبر كانت إشارة القتال بدلاً من الاجهزة اللاسلكية "المخاشير" التي يستخدمها ضباط الاحتلال وجنوده في تنفيذ عملياتهم ضد الفلسطينيين، والتي تبدأ من اعتقال طفل وشاب وشيخ وفتاة، الى محطة اغتيال عدد كبير من رموز الشعب الفلسطيني، فهل "المخاشير" بريء، وكلمة الله أكبر إرهاب؟!.. والكنيس الذي يتعبد فيه حاخامات صهاينة هو مكان بُني على أراضي فلسطينيين، اغتصبها الاحتلال منهم وأقاموا الكنيس، فهل أرض الكنيس مُلك للمحتل، وهل طريقة اغتصاب أراضينا وبناء دور عبادة عليها هي طريقة دينية تعبدية يهودية تجيز لهم فعل الظلم وتحرّم علينا مقاومتهم أياً كانوا وأينما كانوا؟!، ألم يهدم الاحتلال مساجدنا الآمنة، وقتل فيها المصلين والأئمة؟!.

أو ليس حاخامات صهاينة هم مَن يدعون لاقتحام الأقصى وهدمه وإقامة الهيكل المزعوم بدلاً منه؟، أوليسوا هم ذاتهم أصحاب الفتاوى التي تبيح قتل الأطفال الفلسطينيين لأنهم سيكبرون غداً، فلماذا لا نقاتلهم؟!، هنا طرق القتال ومبرراتها وعقائدها مختلفة، فالاحتلال وعدي وغسان –مع فارق التشبيه وانعدام الالتقاء بينهم- قاتلوا، ولكن أحقية القتال والانتصار كانت لعديّ وغسان، فنبع منهم شاب آخر ابن عمهم علاء أبو الجمل الذي نفذ عملية دهس وطعن بطولية في جبل المكبر في أكتوبر المنصرم، قتل فيها صهيونيا وأصاب آخرين قبل ان يستشهد.