فتح: ضغط لعدم تفجير مخيم عين الحلوة بالحسم العسكري

بالعربي: تعقيدات المشهد الفلسطيني ليست افضل حالاً من تعقيدات الوضع اللبناني بل تزيده سوء ومرارة، وهي متأزمة لدرجة الكفر والمعاناة: هكذا يختصر قيادي بارز في "منظمة التحرير الفلسطينية" ما آلت اليه اوضاع المخيمات في لبنان عموماً وعين الحلوة خصوصاً.

ولعل اكثر ما يؤلم الشعب الفلسطيني المضطهد بلقمة العيش وبالحصار الذي تمارسه كل الدول العربية عليه استجابة للضغوطات الصهيونية، هو هذه النظرة الدونية للفلسطيني والاتهام المسبق بالتخريب والعدوانية وبالجنوح نحو العنف، يقول القيادي، ويضيف ان هذه النظرة المخيفة تزداد يوماً بعد يوم بفعل النوايا الخبيثة لاميركا واوروبا والامم المتحدة والدول المانحة لتصفية القضية الفلسطينية، وشطب حق العودة عبر قطع المعونات الانسانية والصحية والتعليمية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الاونروا".

في مخيمات لبنان لا تزال صورة مخيم نهر البارد ماثلة في عيون اللاجئين، فحتى هذه اللحظة لم يكتمل إعمار المخيم القديم رغم مرور اعوام على إنتهاء معركته الشهيرة بين الجيش اللبناني وعصابة شاكر العبسي.

ويؤكد القيادي في حديثه لصحيفة الديار اللبنانية أن، إطالة امد الاعمار وتسويفه من الدولة اللبنانية وكذلك عدم بت كل الاحكام القضائية باحداث نهر البارد هو عنصر ضغط تمارسه السلطات اللبنانية علينا لعدم تكرار حادثة البارد في مخيمات اخرى ونحن كما كنا في حوادث البارد المشؤومة الى جانب الجيش اللبناني والدولة باقون على عهدنا ونحن نؤكد اننا تحت سقف القانون اللبناني وسيادته ونحترم سيادة واستقرار لبنان.

مشكلة البارد والحصار المفروض على المخيمات بفعل تزايد الحركة التكفيرية داخلها ولجوء المزيد من فلسطينيي سوريا ومخيماتها ولا سيما اكبرها اليرموك وتقليص خدمات الاونروا والاشتباكات المتواصلة بين فتح وجند الشام والقوى السلفية الاخرى، تجعل من عين الحلوة قنبلة قابلة للانفجار في أي لحظة.

ويشير القيادي الى اننا نسعى جاهدين لاحتواء التفجير ومنع اي تدحرج لمشاكله الى الجوار اللبناني ولا سيما صيدا. ويؤكد ان الاتصالات بين فصائل منظمة التحرير والدولة اللبنانية تجري على اكثر من مستوى من لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني الى السفارة الفلسطينية مع المراجع الرسمية الى اللقاءات الدورية مع مخابرات الجيش في الجنوب واللواء عباس ابراهيم في بيروت وكذلك التواصل مع القيادات الحزبية اللبنانية كلها وابرزها مع حزب الله وحركة امل والسوري القومي الاجتماعي والتيار الوطني الحر.

وفي كل اللقاءات نؤكد للجميع اننا تواقون الى الاستقرار ولا نريد ان نكون عبئاً ثقيلاً على الاستقرار اللبناني او عامل ضغط اضافي على الانقسام اللبناني. ويوضح القيادي البارز في منظمة التحرير اننا كقوى فلسطينية نتعرض لضغوط لبنانية كبيرة لمعالجة الاوضاع في المخيم من دون اللجوء الى الخيار العسكري، اذ يتخوف المسؤولون اللبنانيون من ان تمتد الاشتباكات بين فتح وجند الشام وجماعات اخرى الى خارجه ويمكن ان تصل القذائف والرصاص الى صيدا وتتعطل الحياة في المدينة لفترة طويلة وتقطع طريق الجنوب وغيرها من الازمات التي ستولد وتتشعب وخصوصا ان الوضع اللبناني هش والساحة حبلى بالمشاكل.

وهذه المخاوف اللبنانية تعززها معلومات ميدانية من داخل المخيم، وتفيد هذه المعطيات ان حركة فتح استقدمت خيرة عناصرها المدربين والمتخصصين في حرب الشوارع من باقي المخيمات وعززت كل مراكزها في عين الحلوة بالدشم والسواتر والذخيرة والاسلحة الحديثة والرجال. وقامت بإعادة إنتشار داخل المخيم وانشأت مراكز مراقبة ونقاطاً اضافية لقطع اوصال مربعات التكفيريين ومحاصرتهم داخلها وباتوا جميعا منعزلين كل داخل مربعه فلا يمكنه لا الدخول ولا الخروج.

وهذا الحصار جعل المنظمات التكفيرية في حال حرجة وسيدفعها عاجلاً ام آجلاً الى فك الحصار عنها بأي طريقة ولا سيما ان هذه المعطيات تؤكد ايضا ان موازين القوى تكاد تكون متعادلة مع فتح وباقي المنظمات والقوة الامنية المشتركة مع التكفيريين وهذا يعزز المخاوف من حمام دم فلسطيني كبير.

في المقابل تجزم قيادة فتح ان ما قبل اغتيال العميد طلال البلاونة "الاردني" ليس كما بعده ولا يمكن التراجع قيد انملة عن قرار الحسم فإذا كان التأجيل اليوم من مصلحة الجميع، لكن الظروف ستتغير فيما بعد ووقتها لكل حادث حديث.

المخيمات اليوم تنشد الاستقرار والتهدئة بفعل الضغط السياسي لكنها موقتة بينما اقتصرت زيارات كل الموفدين من رام الله وقطاع غزة الى لبنان على التحضير لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في القاهرة بعد اسابيع والتمهيد لإنضمام حركتي حماس والجهاد الاسلامي الى منظمة التحرير الفلسطينية برعاية مصرية وربما يكون لهذا الانضمام انعكاس مباشر على تكريس المصالحة الفلسطينية الوطنية الشاملة ووقتها سيسهل الاجماع الفلسطيني القضاء على كل الحالات الشاذة داخل مخيمات لبنان، يختم القيادي.