آسف يا ريس

بالعربي-كتب بدوي البيومي:

مر عام على أمل زائف لمشروع "رئيس" دافعت عنه باستماتة، وغضضتُ الطرف عن عيوبه. رأيت فيه فارسًا نبيلًا، لكنه لم يمتط جوادًا قط.

أرى اليوم خيبة أملى فى وجوه البؤساء، وأطفال الشوارع، وبكاء الثكالى، والبيروقراطية، والمحسوبية، والفساد الإدارى، والرشاوى، والقمع، والكبت، والاعتقال، والإعدامات. أراها فى حكومة استعراضية، وفى الظلم، والقهر، والجهل، والتهميش. أراها فى مشهد سياسى مُرتبك، واقتصاد مُنهار، وعدالة اجتماعية كتبت شهادة وفاتها. أراها فى طرق عفى عليها الزمن، وكبارى مُدمرة، ووسائل مواصلات مُتهالكة، وقمامة مُنتشرة، وصرف طافح، ومياه شرب مُلوثة، أراها فى مستشفيات الموت، ومدارس تعليم الرذيلة، وبحث علمى على الأرفف.

مر عام.. و”مصر بقت قد الدنيا” الأسعار مُولعة، والفقراء يصرخون، والأغنياء ينعمون، والسجون مُمتلئة، والداخلية تبطش، والنخبة انحرفت، والإعلام سُيس، والأحزاب هُمشت، والحريات اندثرت. مشروعات واهية، ودستور مُعطل، وقوانين مُفصلة، وانتخابات مرهونة، وإرهاب يتنامى، وفساد مستشرى،وبطالة تتزايد، وتهجير قسرى.

دشن الرئيس السيسى عهده بعدة مشروعات كفيلة بإحداث نقلة نوعية لمصر – إذا نُفذت- كقناة السويس الجديدة، والمثلث الذهبى، واستصلاح 4 ملايين فدان، وإنشاء مليون وحدة سكنية، والمركز اللوجستي العالمي للحبوب والغلال والسلع الغذائية بدمياط، وشبكة الطرق، وأخيرًا العاصمة الإدارية، لكنها تاهت جميعًا وسط الزحام المرورى الذى تشهده شوارع مصر، وبين عجز موازنة يتزايد كل عام ولم يجد اقتصاديًا واحدًا قد فتح الله عليه بفكرة أو مشروع على مدار 4 سنوات لتقليص العجز، ولم تتعد هذه المشروعات الاستعراضية لإشعال حماسة المصريين، باستثناء قناة السويس التى حُفرت بأموال المصريين، لكن تنمية محور القناة مرشحة لأن تدخل ضمن منظومة الفشل التى طوقت باقي المشروعات.

سياسيًا، عجزت دولة بحجم مصر على مدار عام عن وضع قانون ينظم انتخابات مجلس النواب، فارتبك المشهد العام، وكانت «الصراعات والانقسامات» شعار المرحلة، تناحرت الأحزاب، وتفككت الحركات، وتلاسن المٌختلفون، وبالتالى تفرد «السيسى» بالسلطة التشريعية، فأطلق العنان لإصدار القوانين فى غيبة البرلمان الذى يسعى جاهدًا للسيطرة عليه، وتجلى ذلك فى دعوته المتكررة لتشكيل «قائمة موحدة» تخوض الانتخابات؛ ضمانًا لولاء ثلث البرلمان لنظامه، كما لم يغفل المرشحين المستقلين؛ فى محاولة لاستقطاب ثلثى النواب من أجل تمرير ما يريده من قوانين وقرارات.

اقتصاديًا، سجلت الموازنة العامة عجزًا حوالى 231 مليار جنيه خلال أول 10 أشهر من العام المالي الحالي “2014 – 2015″ بنسبة 41.4 %، مقارنة بنفس الفترة من العام المالي الماضي، وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة بعض الإجراءات – التى عانى منها المواطنون كثيرًا- في ترشيد الإنفاق كخفض الدعم والتوسع في السياسة الضريبية، إلا أن العجز مازال يسجل معدلًا مرتفعًا، فضلًا عن اعتماد الاحتياطى النقدى لمصر على ودائع دول الخليج.

اجتماعيًا، أوشكت الطبقة الوسطى على الاندثار، فضلًا عن أكثر من 40 % من المصريين يعيشون تحت خط الفقر؛ بعدما غابت العدالة الاجتماعية، واتسعت الهوة بين الأغنياء والفقراء، الأمر الذى ينذر بثورة جياع قريبًا.

أعطيت صوتى الانتخابى للرئيس السيسى؛ مؤملا فيه أن يحسن إدارة المرحلة، وأخذت على نفسى عهدًا أن أثنى عليه إذا أصاب، وأنتقده إذا أخطأ.. وما نعيشه اليوم من مآسٍ، تعجز الأقلام عن وصفها؛ لذا أقولها بملء فمى “آسف يا ريس أننى انتخبتك”.