اللبنانيّون و...مرتا

بالعربي-كتبت مارلين خليفه: يشهد لبنان حراكا على مستوى القوى السياسية الدّاخلية فيه لكنّها "حركة بلا بركة" كما يقول المثل الشعبي.

فقد بدأ "حزب الله" و"تيّار المستقبل" حوارا ثنائيا حتّمته الظروف الداخلية المحتقنة و"الستاتيكو" الإقليمي المشلول بفعل استمرار الحرب السوريّة، وتصاعد الحركات الراديكالية المتطرّفة التي تنذر بتدمير كلّ شيء وعلى رؤوس الجميع. لكنّ هذا الحوار لم يثمر بعد أكثر من 6 جلسات إلا عن أمور شكليّة، هذا على الأقل ما يصفه به الشركاء فيه. إذ لا يزال التناقض في وجهات النّظر قائما بشكل عميق بين الحزب و"التيار الأزرق" وخصوصا في ما يتعلّق بمشاركة مقاتلين من "حزب الله" في الحرب السورية، وتفرّده بقرار الحرب والسّلم وتسليحه لمجموعات من الشباب تحت مسمّى "سرايا المقاومة" وعدم تعاونه الكامل في ما يخصّ المحكمة الدّولية من أجل لبنان.

ما يعني بأنّ لا ثمار للحوار بين الطرفين قد تؤدي الى استقرار سياسي كامل والى إعادة إنعاش المؤسسات الدستوريّة وفي طليعتها الحكومة التي يرأسها تمام سلام والتي باتت معطّلة كلّيا بفعل الإختلاف على آلية العمل، ولا الى انتخاب رئيس للجمهورية يحلّ أقلّه المعضلة الحكوميّة.

من جهة ثانية، بدأ "التيار الوطنيّ الحرّ" و"القوّات اللبنانيّة" حوارا ثنائيا، ولم يسفر هذا الحوار لغاية اليوم عن أية نتائج ملموسة سوى وقف الحملات الإعلامية والدعاوى المتبادلة بين التيارين المسيحيين، وإثارة "الغيرة" لدى بقية الأطراف المسيحيين ودفعهم الى البحث عن أطر جديدة تمنع الثنائية العونيّة-القواتية، بالإضافة الى تزايد الحديث عن "إعلان نوايا" سيتوّج بلقاء "قمّة" بين سمير جعجع وميشال عون لم يتفق الطرفان على مكان انعقاده بعد، وهما متوجّسان كلّ على أمن زعيمه مستعيدين في المجالس الخاصّة التاريخ الدّموي بين الرّجلين وقطيعة استمرّت ما يزيد عن 25 سنة.

وسط هذه المعمعة عاد الى لبنان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري للمشاركة في الذكرى السنوية العاشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، ويبدو أنّ الشيخ سعد قد غرق في المشاكل اللبنانية فنسي التهديدات الأمنية التي تحيق به، وشرع بعقد اجتماعات "ماراتونية" لفكّ عقدة الآلية الحكومية، وفي هذا الصدد بدأت تتبدّى انشقاقات في البيت "الآذاري" (نسبة الى قوى 14 آذار) بسبب تحسّس المسيحيين من إنتاج آلية جديدة تؤدي الى تسيير عمل الحكومة وتنسي المسؤولين أولوية العمل على انتخاب رئيس للجمهورية.

ثمّ يزور بيروت، منسٌّق شؤون مكافحة الإرهاب في الإتّحاد الأوروبّي جيل دو كرشوف، ويحضر اجتماعات طويلة بصدد توفير الإطار الأمني والقانوني واللوجستي للبنان بغية منع تسلّل المقاتلين الأجانب من أرضه الى سوريا طارحا ورشة تعديلات قضائية وأمنية طويلة الأمد.

حركة في كلّ الإتّجاهات لكنّها "بلا بركة" و"جعجعة" بلا طحين، وحال اللبنانيين اليوم يذكّر بحال مرتا شقيقة أليعازر التي خاطبها السيد المسيح بقوله:" مرتا مرتا تهتمّين بأمور كثيرة والمطلوب واحد"!

فالمطلوب من اللبنانيين انتخابات رئاسية وبرلمانية وإعادة الروح الى الحوار الوطني حول المواضيع الخلافيّة وبعدها تندرج كلّ الخطوات المجتزأة التي يقومون بها اليوم مضيّعين الوقت في انتظار انقشاع المشاكل الإقليمية.