الفلسطينية بسمة.."نقص في الفقرات" لم يمنعها من بلوغ النجاح


رغم إعاقتها التي وقفت حاجز عثرة أمام أحلامها وتطلعاتها، استطاعت بسمة عزازمة أن تتخطاها وتثبت للجميع أن ذات الإعاقة استطاعت إنجاز ما لم يستطع البعض إنجازه، بعد أن تحدت إعاقتها ونجحت في ميدان العلم، لتصل إلى طموحها بالحصول على وظيفة، وفق قولها.

ولدت عزازمة بصحة جيدة، وعندما أصبحت في عمر الأربع سنوات، اكتشفت عائلتها أنها تعاني من نقص في فقرات العمود الفقري التي تحول دون اكتمال نموه بشكل سليم، وبدأت المعاناة تزداد يوما بعد يوم، خاصة عندما قال الأطباء، لعائلتها وهي في العاشرة من عمرها، إنها "في عمر صغير وجسدها لا يستطيع تحمل عمليات كزرع المفاصل"، لتعاني طيلة ذهابها وإيابها إلى مدرستها التي تبعد كيلو متر عن بيتها.

تقول بسمة عزازمة، (32 عامًا)، والتي تعمل موظفة إدارية في قسم الديوان في مديرية تربية وتعليم جنوب محافظة الخليل، لــوطن للأنباء: كنت أجد مضايقة بلا حدود من قبل الآخرين، إذ كانوا يقولون لوالدتي أنني لا أصلح لشيء قط، والأفضل أن أبقى جليسة البيت، لكن التحدي والإصرار في مواصلة الدراسة والمنافسة للآخرين دفعتني لأنهي دراستي بنجاح فكنت أذهب يوميا إلى المدرسة خلال مراحلي الدراسية.

وتبين: خضعت لعملية تخريم مفاصل ليصل الدم إلى المفصل عام 2004، ولاحقا أجريت عدة عمليات لتحسين وضعي الصحي، ولتصبح حركتي أفضل، وخاصة إنني كنت أعاني خلال دراستي الجامعية من عدم وجود ممرات لذوي الإعاقة ما زاد من إرهاقي وتضرر عمودي الفقري، مضيفة: لم تكن الطريق أمامي مفروشة بالورد والرياحين خلال هذه المرحلة، بل كانت مليئة بالصعوبات.

وتوضح عزازمة: بعد إنهاء دراستي الجامعية بتخصص "نظم معلومات"، تقدمت لامتحان التوظيف في مديرية التربية والتعليم، وحصلت على المرتبة الأولى بتقدير جيد جدًا، وبموجب قانون ذوي الإعاقة حصلت على وظيفة وعينت سكرتيرة في مدرسة، لكن مديرها رفض وجودي فيها، مبررًا رفضه بأني لا أصلح لهذا العمل، فتحدث إلى مدير تربية وتعليم جنوب الخليل فوزي أبو هليل، والذي بدوره وظفني في قسم الديوان في المديرية.

وعن عملها، تقول عزازمة: لا أرى أن عملي يقل عن باقي زملائي، وأحيانا ربما أتفوق عليهم وأرى نفسي كأي إنسان طبيعي يمارس عمله.

وتتابع: أمي وعائلتي يفخرون بي، لأني استطعت التغلب على إعاقتي بإرادتي وإيماني العميق بذاتي، وإثبات وجودي في الحياة، فالمعاق في نظري هو معاق الفكر لا الجسد، وبإمكانه أن يكون نداً قويا للكثيرين، وذلك بسلاح التحدي والتعليم.

يقول زميلها في العمل، عيسى رجوب لـوطن للأنباء: لا أرى أن بسمة تختلف عن باقي الزملاء، بل وتنافس الجميع في عملها وتؤدي عملها على أكمل وجه.

وتبين مديرة العلاقات العامة والإعلام في مديرية التربية والتعليم في جنوب الخليل، نيلا عطية: بالرغم من أن وجود مراسلين ينقلون الأوراق من مكتب الديوان إلى مكتب العلاقات العامة، إلا أن بسمة تقوم بذلك بنفسها لجلب الأوراق لنا، ولا تعتمد على أحد في نقلها، رغم وضعها الصحي الذي ندركه جيدًا.

لم تثنِ الإعاقة عزازمة على مواصلة جهودها للحصول على ما تريد بل تحدت ذلك وتحاول اليوم الحصول على رخصة قيادة رغم صعوبة ذلك، بالإضافة إلى مساعدة أهلها في بناء منزلهم الصغير، وفق قولها.