تحقيق استقصائي: تقارير طبية متضاربة وتوظيف مخالف للأنظمة والمعايير ضمن "كوتة" الأشخاص ذوي الإعاقة في الوظائف الحكومية

بالعربي: منذ 21 عامًا يناضل الأشخاص ذوو الإعاقة من أجل إلزام المؤسسات الحكومية بتخصيص (5%) من الوظائف لصالحهم، وعدم خرق تلك النسبة وفق ما نص عليه قانون حقوق ذوي الإعاقة رقم (4) لعام 1999م، لكن بيانات الوظائف العامة، لمن يمكنه الاطلاع عليها، تُظهر خروقاتٍ والتفافاتٍ واضحة على القانون، بتوظيف أشخاص لا تنطبق عليهم شروط ذوي الإعاقة المطلوبة للحصول على الوظائف.

الناشط المدني ومنسق وحدة رعاية الطلبة من ذوي الإعاقة في جامعة النجاح سامر عقروق، يقول: "وجهنا باسم ذوي الإعاقة عدة كتب للجهات المعنية، ومنها: ديوان الموظفين، ومجلس الوزراء، من أجل المطالبة بالالتزام بالقانون، وتطبيق النسبة القانونية لتوظيف ذوي الإعاقة، وهو الأمر الذي لا يحدث في كل المؤسسات والوزارات الحكومية".

وزارتان فقط تبعًا لعقروق، تطبقان "كوتة التوظيف" لذوي الإعاقة إلى حدٍ كبير، وهما: وزارة الصحة، التي تلتزم بالنسبة بشكل دقيق تقريبًا، ووزارة التربية والتعليم بواقع (3%).

وتلزم المادة رقم (10) من القانون رقم (4) لسنة 1999م حول حقوق ذوي الإعاقة، "المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، باستيعاب عدد من ذوي الإعاقة لا يقل عن (5%) من عدد العاملين بها، بما يتناسب مع طبيعة العمل في تلك المؤسسات، وتخصيص أماكن عمل مناسبة لاستخدامهم".

"لكن التوظيف لا يتم وفق ما نص عليه القانون"، هذا ما يؤكده عقروق، الذي لفت إلى أن النسبة يجب أن تكون من العدد الإجمالي للوظائف الحكومية المشغولة وليس المعروضة، "فمثلًا لو افترضنا أن عدد موظفي القطاع الحكومي (مدني وعسكري) يبلغ (160) ألفًا، فيجب أن يكون من بينهم (8) آلاف موظف من ذوي الإعاقة".

ويشير الناشط في قضايا ذوي الإعاقة إلى وجود "واسطة ومحسوبية في تعيينات ذوي الإعاقة؛ لعدم وجود معايير ثابتة أو واضحة وملزمة، فمثلًا (والحديث له) قد يأتي شخص، ويجري فحصًا طبيًا لدى اللجنة الطبية في محافظة طولكرم، ويعطى نسبة عجز (20%)، ويكون لديه علاقات باللجنة الطبية العليا في رام الله، فيُجري فحصًا جديدًا ليحصل على تقريرٍ يفيد بنسبة عجز (60%)، وهي نسبة كافية ومناسبة للتوظيف ضمن كوتة ذوي الإعاقة، إذ من المطلوب أن تكون نسبة الإعاقة للمتقدمين إلى الفحص أعلى من (25%).

إلى جانب ذلك، يحرم ذوو الإعاقة أحيانًا، من الوظائف في المؤسسات الحكومية الصغيرة التي لا تطرح عددًا كبيرًا من الوظائف، فمثلا عندما تطرح (10) وظائف عامة، لا يتم الأخذ بعين الاعتبار توظيف واحدٍ منهم على الأقل من الأشخاص ذوي الإعاقة، ويتحجج القائمون على التعيين حينها بوجوب أن يكون عدد الوظائف المطروحة (20) فأكثر، من أجل تخصيص الحصة القانونية للأشخاص ذوي الإعاقة، أي وظيفة واحدة، حسب عقروق.

"وليس وحده التوظيف بالواسطة، هو ما يظلم ذوي الإعاقة" يقول عقرورق، وإنما عدم التزام المنشآت بتوفير بيئة عمل مواءمة، بشكلٍ يعينهم على الاندماج، مثل توفير المصاعد، والطرق المنبسطة إلى جانب السلالم لتسهيل مرور الكراسي المتحركة.

خروقات في التوظيف

ويقول أمين سر الاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة مجدي مرعي: "إن ديوان الموظفين العام يحجز الوظيفة للأشخاص ذوي الإعاقة، وإذا لم يتم التقدم لها تذهب لغير ذوي الإعاقة"، مستدركًا بقوله: "أحيانًا يتم الالتفاف على القانون، بحيث تكون النسبة المفترضة لوظائف غير إدارية "تحتاج إلى جهد ميداني وحركي"، أو من خلال وضع شروط تعجيزية للوظيفة، لا تناسب ذوي الإعاقة، ولا يستطيعون تنفيذها".

ويؤكد مرعي أن بعض الوزارات تطبق النسبة كاملة تقريبًا، مثل وزارة الصحة، في حين لا تطبقها العديد من الوزارات الأخرى، "وإن طبقت جزءًا منها، يكون توظيف ذوي الإعاقة حينها على الفئة الخامسة، مثلًا في وظيفة مراسل أو آذن"، معلقًا: "ولم نشهد على تعيين ذوي إعاقة في مراكز عليا أبدًا".

وفي هذا الإطار يؤكد مرعي أنه قبل عام 2013م، كان يصل للاتحاد شكاوى بتوظيف أشخاص من غير ذوي الإعاقة في وظائف التربية والتعليم باعتبارهم من هذه الفئة، "وقد تواصلنا مع ديوان الموظفين، واتفقنا معه على اعتماد نسبة (25%) من الإعاقة الحركية كشرطٍ لقبول التوظيف ضمن "الكوتة" الخاصة بذوي الإعاقة، وما دون هذه النسبة لا تحتسب ضمن الـ(5%) الواردة في القانون" يقول.

كما طالب الاتحاد وزارة الصحة بأن تجري فحوصات تحديد نسبة العجز من خلال مؤسساتها، وليس في مراكز فحص خاصة.

ويوضح مرعي أنه وفي عام 2019م، ظهرت شكاوى بتوظيف أشخاصٍ يدعون أنهم من ذوي الإعاقة السمعية، "وهذا التفاف ليس من الوزارة، وإنما من قبل بعض الأشخاص الذين يتقدمون للوظيفة بتقارير غير دقيقة، أو بعض الموظفين في الوزارة"، وفق قوله.

ولحل هذه المشكلة، اجتمع الاتحاد مع ديوان الموظفين ووزارة الصحة التي أشارت باعتماد جهاز (ABR) الذي يحدد نسبة السمع من خلال الدماغ، وحتى لا يستطيع أي شخص ادعاء الإعاقة السمعية.

وتُعرّف المادة رقم (1) من قانون حقوق ذوي الإعاقة، المعوّق بأنه "الشخص المصاب بعجز كلي، أو جزئي، خلقي، أو غير خلقي، وبشكلٍ مستقر، في أي من حواسه أو قدراته الجسدية، أو النفسية، أو العقلية، إلى المدى الذي يحد من إمكانية تلبية متطلبات حياته العادية في ظروف أمثاله من غير المعوقين".

الحكم للإعاقة الدائمة

وفي علمية التحقيق التي استمرت لنحو شهرين، وجدنا أن ديوان الرقابة المالية والإدارية أعدَّ أكثر من تقرير حول تعينات الأشخاص ذوي الأعاقة في الوظائف العامة منها (تقرير تعيينات ذوي الاحتياجات الخاصة في الوظائف التعليمية للعام 2018/2019 لدى وزارة التربية والتعليم وهو منشور في (التقرير السنوي 2019) بالإضافة الى تقرير سابق منشور في (التقرير السنوي 2018) تحت عنوان تعينات ذوي الاحتياجات الخاصة في وزارة الصحة.

والتقارير الصادرة عن الديوان هي حول مدى التزام المؤسسة الحكومية بنص المادة رقم (10) من قانون حقوق المعوقين لعام 1999م، وقانون الخدمة المدنية وهي منشوره على موقعه الالكتروني

في العام 2019 اختار الديوان وزارة التربية والتعليم محطةً لإعداد التقرير "كونها من الوزارات الأكثر شفافية في التوظيف، وتطرح حجمًا كبيرًا من الوظائف في العام، مما يسمح بتطبيق نسبة الـ5% من الوظائف، لصالح الأشخاص ذوي الإعاقة"، كما يوضح مدير عام ديوان الرقابة المالية والإدارية جفال جفال.

ويلفت إلى نسبة (5%) ليست إلزامية، "بل مراعاة الشخص من ذوي الإعاقة في التوظيف هو الإلزامي، ولكن لم تظهر سياسات حكومية تنسجم مع طبيعة التعيين"، مبينًا أن التعريف القانوني للشخص من ذوي الاعاقة يشير إلى الإعاقات المستديمة، وليست الزائلة، سواءً الخَلقية أو المحدثة بسبب الحوادث أو الإصابات، وكلها تحتسب ضمن نسبة الـ (5%).

ويقول جفال: "المُشرّع لم يكن يستهدف الإعاقة في تعريفها الموسع، وإنما الإعاقة التي قد تؤثر على تنافسيّة الشخص في السوق لغاياتِ دعمه وإشراكه كشخصٍ فاعلٍ في المجتمع".

عدم وضوح المعايير

وعلى الرغم من هذه الملاحظات التي يسجلها الديوان، يعتقد جفال أن التقرير (وزارة التربية) يمثل النموذج الأفضل في تعيينات الأشخاص ذوي الإعاقة، "بنسبة شفافية (80%) من حيث تطبيق القانون، لأن التقرير صدر عن أشخاص إجراءاتهم واضحة ومضبوطة، ومع ذلك سجلت الملاحظات في التقرير"، مؤكدًا في السياق ذاته أن نسبة (5%) "كانت محل خرق دائم من حيث عدم الالتزام بها على مدى فترة حكم السلطة الفلسطينية، وكانت أيضا محل خرق عند الالتزام".

ويُبيّن مدير عام ديوان الرقابة المالية والإدارية أن الملاحظات في التوظيف على حصة ذوي الإعاقة تتم من خلال عدم وضوح المعايير الخاصة بتوظيف هذه الفئة، منوهًا إلى أن الديوان كان يتلقى على الدوام شكاوى لأشخاص من ذوي الإعاقة، يريدون التعيين على بند (5%) أو يعترضون على تعيين أشخاص لا تنطبق عليهم الشروط، خلافًا لتعريف قانون الخدمة المدنية لذوي الإعاقة.

ويظهر تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية حول تعيينات ذوي الاحتياجات الخاصة في الوظائف التعليمية للعام 2018/2019 لدى وزارة التربية والتعليم، تم تعيين ثلاثة من الأشخاص ذوي الإعاقة في الوزارة دون استيفائهم شروط التعيين، مما يشير إلى عدم قيام الوزارة بالتحقق من أحقية المتقدمين في التعيين وحرمان المتقدمين أصحاب الدور من التعيين.

وبيّن التقرير الازدواجية في تقييم قدرة الأشخاص ذوي الإعاقات المتشابهة ونسب العجز المتطابقة على العمل، حيث تم تعيين أحدهم ولم يتم تعيين الآخر مع أن إعاقتهم بصرية ونسبة العجز لديهم 90%، مما يشير إلى عدم دقة المعايير التي يتم اعتمادها في تحديد قدرة المتقدمين على العمل. بالإضافة غلى ذلك الازدواجية في التعيين للأشخاص الذين تم تشخيص حالتهم على أنها مؤقتة ويجب إعادة تقييمها بعد 3 شهور، حيث تم اعتماد أحدهم من قبل اللجنة الطبية العليا كحالة إعاقة وتم تعيينه في الوزارة بينما تم اعتبار الحالة الأخرى كحالة مرضية ولم يتم اعتمادها على بند ذوي الإعاقة، مما يشير إلى عدم الدقة في تشخيص الحالات وتحديد نسب العجز لديهم.

كما يبيّن التقرير تضارب في التقارير الطبية الصادرة من اللجان الطبية المحلية مع التقارير الصادرة من اللجان الطبية العليا في تشخيص الحالات وتحديد نسب العجز، وتقارير اللجان الطبية العليا لنفس الحالات، مما يشير إلى وجود خلل في الآلية المتبعة في تقييم الأشخاص ذوي الإعاقة والحكم عليهم وتحديد نسب العجز لديهم، خلافاً لأسس التعيين المعتمدة في الوزارة بأن الجهة التي تقوم بتشخيص المرضى وتحديد حالات الإعاقة والحالات المرضية وتحديد نسب العجز هي اللجنة الطبية المحلية، يتم عرض كافة تقارير اللجنة المحلية على اللجنة الطبية العليا، مما يؤدي إلى إهدار الوقت والجهد ووجود تضارب في تشخيص بعض الحالات وتحديد نسب العجز.

ويرى الديوان في تقريره السنوي أنه يتم الاعتماد في تحديد نسب العجز للأشخاص ذوي الإعاقة على (معايير عمل اللجان الطبية لتحديد نسب العجز (criteria for determining degrees disability وهي معايير قديمة لا تراعي التقدم الطبي في التشخيص وتحديد نسب العجز، كما أنه لا توجد نماذج موحدة لعمل اللجان الطبية يتم تقييم الحالات وتحديد نسب العجز عليها.

ويشير التقرير إلى أنه يتم اعتبار بعض الإمراض (السكرى، عدم اتزان امتصاص الاملاح،...) والعمليات الجراحية (القلب المفتوح) التي يتم إجراؤها لمرضى كإعاقات دائمة ويتم تحديد نسب العجز لديهم، مما يشير إلى عدم دقة المعايير التي يتم الاعتماد عليها في التصنيف وتحديد نسب العجز.

في المقابل يرى التقرير أن  ما نسبته 92% من التعيينات على بند الأشخاص ذوي الإعاقة في الوزارة للعام 2018/2019، هي تعيينات فائضة عن الحاجة لاستكمال نسبة 5% وفقاً للتشريعات الصادرة، مما سيؤدي إلى وجود موظفين دون وجود عمل لهم وسيؤدي إلى حرمان المتقدمين أصحاب الترتيب الأول من التعيين في السنوات اللاحقة. كما تم تعيين أشخاص من ذوي الإعاقة الذين لديهم نسب عجز مرتفعة بوظيفة معلمين، مما قد يؤثر على قدرتهم في القيام بالمهام الموكلة إليهم، وأثر ذلك على المسيرة التعليمية.

ويبيّن التقرير أنه تم تجاوز صاحب الترتيب الأول في بعض التخصصات وتعيين أشخاص من ذوي الإعاقة لاستكمال نسبة التعيين لبند الأشخاص ذوي الإعاقة، مما سيؤدي إلى حرمان المتقدمين أصحاب الترتيب الأول في بعض التخصصات من أحقيتهم في التعيين في السنوات اللاحقة.

توصيات بتصويب الوضع

وبناء على نتائج التدقيق يوصي الديوان:

1.  ضرورة أن تتم التعيينات في الوزارة وفقاً للحاجة الفعلية فقط، وأن يتم العمل على آليات واضحة لتعيين الأشخاص ذوي الإعاقة بما لا يؤثر على جودة التعليم وعلى أحقية المتقدمين في التعيين في السنوات اللاحقة.

2. ضرورة أن يكون التعيين للأشخاص الذين تنطبق عليهم شروط التعيين فقط، وأن يتم التحقق من انطباق شروط التعيين على المتقدمين قبل تعيينهم، وإعادة النظر في تعيين الأشخاص الذين تم تعيينهم دون استيفائهم لشروط التعيين.


3. ضرورة اعتماد آلية واضحة ومعتمدة لتقييم الأشخاص ذوي الإعاقة وفحص مدى قدرتهم على العمل خاصة في الوظائف التعليمية، وضرورة مراعاة قدرتهم على تقديم الخدمة المطلوبة بجودة عالية ومما لا يؤثر على جودة التعليم.

4. ضرورة التعامل بموضوعية ومساواة مع المتقدمين فيما يخص تقييم حالاتهم وتحديد نسب العجز، وعدم اعتماد حالات الإعاقة المؤقتة كحالات إعاقة دائمة إلى ما بعد تقييمها بشكل نهائي، وإعادة النظر في تعيين الأشخاص الذين تم تعيينهم على بند ذوي الإعاقة المؤقتة.

5. ضرورة تحديث المعايير التي يتم استخدامها في تحديد نسب العجز للأشخاص ذوي الإعاقة بحيث تواكب التقدم الطبي في التشخيص وتحديد نسب العجز، وضرورة توحيد النماذج التي يتم تقييم الأشخاص وتحديد نسب العجز لديهم عليها وتعميميها على كافة اللجان، بما لا يؤدي الى تضارب التقارير الطبية الصادرة من اللجان.

6. ضرورة مراجعة المعايير التي يتم الاعتماد عليها في اعتبار بعض الإمراض (السكرى، عدم اتزان امتصاص الاملاح...) والعمليات الجراحية (القلب المفتوح) التي يتم إجراؤها للمرضى كإعاقات دائمة واتخاذ قرارات موحدة بخصوصها تواكب التقدم الطبي.

7. توجيه المتقدمين من ذوي الإعاقة للجنة الطبية العليا مباشرة لتشخيص حالاتهم وتقييمها وتحديد نسب العجز لديهم، وذلك اختصارً للوقت والجهد ولعدم حدوث تضارب في التقارير الطبية بين اللجان الطبية.

ديوان الموظفين: ملتزمون بكوتة التوظيف لذوي الاعاقة

وتتفق مديرة دائرة التعيينات العادية في ديوان الموظفين العام مديحة الخطيب، مع ما ذهب إليه جفال بأن أبسط حقوق ذوي الإعاقة كالتوظيف استنادًا إلى القانون كانت محل خروقات منذ نشأة السلطة، لكنها قالت إنه منذ عام 2012م، أي حين تولي موسى أبو زيد رئاسة الديوان، أولى اهتمامًا كبيرًا بهذه الفئة التي لديها من القدرات والإمكانيات ما تؤهلها ليكون أفرادها شركاء عمل، وبالتالي بدأنا العمل على تطبيق نسبة الإشغال القانونية لهم من فرص التوظيف، في حين لم تكن النسبة قبل ذلك تتجاوز (2%")".

وتلفت الخطيب إلى أن بعض السنوات تجاوزت تعيينات ذوي الإعاقة الـ (5%)، ووصلت إلى (6.7%) في بعض السنوات، وفي العام 2018م، وصلت إلى (7.1%).

وتضيف: "في البداية لم نقم باحتساب (5%) من كل الإحداثات الوظيفية الحكومية، بل من الإحداثات الوظيفية التي تسمح بتخصيص هذه النسبة، أي التي تزيد عن (20) وظيفة، ولكن بعد عام 2014م، بدأنا بتخصيص وظيفة واحدة لذوي الإعاقة، لكل (10) إحداثات وظيفية، نظرًا لقلة الشواغر المطروحة".

وحول عدم التوافق بين تقارير اللجنتين الطبيبتين المحلية والعليا، تقر الخطيب بضرورة متابعة ذلك لضبط عملية التعيين، "حيث واجه الديوان "في بعض الأحيان" إشكاليات في تحديد نسبة العجز بين تقارير المحلية والعليا"، منوهةً إلى أن الديوان كان يقف على تقارير، لا يستطيع من خلالها تحديد إن كان الشخص يعاني من إعاقة أو مرض".

وتفسر ذلك بالقول: "يأتينا مثلًا تقرير لمريض يعاني من إعاقة في المشي، أو النظر، ناتجة عن مرض السكري، ولا نستطيع من خلال هذه التقارير تحديد إذا كانت تلك إعاقة أو مرض"، مشيرةً إلى أنه قبل وصول جائحة "كورونا" إلى فلسطين، تم عقد اجتماع بين اللجنتين الطبيتين المحلية والعليا والجهات ذات العلاقة، وتم التوافق على توحيد نسبة العجز بين التقريرين بواقع (25%) فأكثر.

وبشأن عملية الإشغال الوظيفي لذوي الإعاقة من بين الإجمالي العام لموظفي العمل الحكومي، توضح الخطيب بأن الديوان أجرى في نهاية عام 2019م، مسحًا شاملًا لذوي الإعاقة في الدوائر الحكومية، سواء الذين عُينوا على هذا البند، أو أولئك الذين تعرضوا لحوادث، وصُنفوا ضمن هذه الفئة.

وتفيد مديرة دائرة التعيينات العادية في الديوان، أن عدد الموظفين من ذوي الإعاقة في الدوائر الحكومية سواء المثبّتين، أو أولئك على نظام العقود، أو بالمياومة، بلغ (1006) موظفًا من إجمالي عدد الموظفين الحكوميين، "وهؤلاء منذ تعيينهم عام 1982م، حتى منتصف العام الماضي".

وتُبيّن الخطيب أن عدد الموظفين من ذوي الإعاقة بين عامي 1994م، وحتى 2011م، بلغ  (464) موظفًا، بنسبة تقل عن (1%) من إجمالي (49600) موظفًا، بينما بلغ عددهم (510) موظفين خلال السنوات الثماني الماضية (2011-2019م) بنسبة (5%) من إجمالي (10300) موظف جديد.

وقد سألنا الخطيب عن العدد الإجمالي للموظفين الحاليين المسجلين لدى الديوان، ولم نحصل على رقم، بحجة أن هناك موظفين تقاعدوا خلال العام الماضي، وآخرين في طور التعيين، وهو ما يجعل الرقم متغيرًا.

التربية: ملتزمون بتقرير اللجنة الطبية وكتاب اتحاد ذوي الإعاقة

مدير شؤون الموظفين في وزارة التربية والتعليم مهند أبو شمة، يؤكد التزام الوزارة بـ"كوتة ذوي الإعاقة" وهي نسبة الـ5% وأكثر احيانا. قائلاً: نحن نأخذ الأكثر ملائمة للوظيفة حتى يشعر الشخص انه فعّال ومنتج في المجتمع وليس كونه حالة خاصة.

ويوضح أبو شمة أن من شروط توظيف الأشخاص ذوي الاعاقة أن يقوم الشخص بإحضار تقرير من اللجنة الطبية العليا تثبت تصنيفه انه من ذوي الاعاقة، كما يجب عليه ان يحضر كتابا من الإتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة يثبت انه من ذوي الاعاقة.

وبشأن توظيف أشخاص واحتسابهم ضمن نسبة الـ5% الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، يقول أبو شمة إنه في حال أحضرالشخص كتابين من اللجنة الطبية العليا ومن الاتحاد العام لذوي الاعاقة، فلا املك من امري شيء، ولا استطيع ان ارفض توظيف هذا الشخص.

ويضيف: اذا كان الشخص يحمل كتابا من اللجنة الطبية المحلية نقوم برفع اسمه للجنة الطبية العليا وهي توافق على احتسابه ضمن ذوي الإعاقة ونسبة العجز لديه.

وحول الشكاوى برفض توظيف بعض من الأشخاص ذوي الإعاقة، يؤضح أبو شمة " نعد سجلا خاصا ومقابلات خاصة للأشخاص ذوي الاعاقة عند التوظيف، ويجب على الشخص ان يجتاز الاختبار وان يكون ملائما للوظيفة بحيث يكون قادرا على القيام بمهامه في الوظيفة". مستطردا: ندرس ملائمة ذوي الاعاقة للوظيفة مثلما ندرس ملائمة الاخرين للوظيفة ايضا.

قصور تشريعي وسياساتي

من جهته، يرى الباحث في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان إسلام التميمي وجود قصورٍ تشريعي وسياساتي، "فاللجنة الطبية تعمل وفق المعايير الأردنية، وليس وفق المعايير الدولية للممارسات الفضلى في تقييم العجز عند ذوي الإعاقة"، مؤكدًا أن قانون الأشخاص ذوي الإعاقة، يشير إلى أن نسبة (5%) يجب أن تشمل جميع وظائف الحكومة، أو الوظائف الحالية (القديمة والجديدة)، وليست الوظائف التي يتم الإعلان عنها حديثًا فقط.

ويشير التميمي إلى أن المادة (34) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم (4) لعام 2005م، لم تفصل أو تفسر هذه النسبة كما ورد في قانون حقوق ذوي الإعاقة، إذ اكتفت المادة بالتأكيد أن "على جميع الدوائر الحكومية أن تراعي عند كل تعيين جديد، ضرورة استكمال نسبة الـ (5%) المحددة لتشغيل الموظفين ذوي الإعاقة، ويقوم الديوان باحتجاز نسبة (5%) من إعداد ومسميات الوظائف، التي يصرح بالإعلان عن شغلها لتعيين المعوقين عليها".

ويلفت إلى أن القانون لم يضع جزاءات، ويخلو من القواعد الآمرة المترتبة على من يقصّر في تطبيقه، "ولأن الوظائف حكومية، يجب على الحكومة الالتزام به، وهذا بحاجة لإعادة تعديل نصوص القانون، فهو بصورته الحالية يضعف النهوض بواقع الأشخاص ذوي الإعاقة، ويترك التعيين لأخلاق المسؤولين عنه".

في حين يعتقد التميمي أن نسبة الإشغال الوظيفي في الوظائف العمومية لذوي الإعاقة تتراوح ما بين (3-3.5%)، منبهًا إلى أن التركيز لا يجب أن يكون النسبة فقط، وإنما أيضًا على المواقع الوظيفية، ومقدار ما تشغله هذه الشريحة في الوظائف العليا، حيث يجب أن يأخذوا فرصهم في كل فئة من الفئات الوظيفية.

المصدر: وكالة وطن للانباء