العملية المثلثة لحزب الله.. "اسرائيل" وحزب الله مواجهة محسوبة في ظل كورونا

بالعربي: فوجئ جيش الاحتلال ليلة الجمعة-السبت الماضية بقص السياج، في ثلاثة مواقع مختلفة، عند الحدود بين "إسرائيل" ولبنان. وأعلن جيش الاحتلال قبيل منتصف الليلة الماضية، أن "قوات هندسية أنهت هذه الليلة فحص الأشياء الثلاثة المشبوهة التي ألقاها ناشطو حزب الله بالقرب من السياج عند الحدود مع لبنان"، وأنه هذه الأشياء كانت "أكياسا زرقاء اللون وبداخلها أسلاك كهربائية وبقايا نفايات، بهدف ردع الجيش".

ورأى المحلل العسكري في موقع "واللا" العبري، أمير بوحبوط، أن "مقاتلي حزب الله نجحوا في إحراج الأنظمة الدفاعية لقيادة المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال، بعدما خرّبوا ثلاث نقاط مختلفة في سياج الحدود مع لبنان، والانسحاب إلى عمق الأراضي اللبنانية دون إصابات. وهذه العملية المثلثة، التي استمرت فترة طويلة، حدثت في منطقة تتولى عدة كتائب في جيش الاحتلال المسؤولية فيها، الأمر الذي يؤكد خطورة الحدث".

واعتبر بوحبوط أن "هذه المعطيات تستوجب التدقيق في المفهوم الدفاعي عن الحدود، أسلوب جمع المعلومات وسرعة رد فعل القوات الميدانية... والإدراك الحاصل في جيش الاحتلال، هو أنه ينبغي دراسة المفهوم الدفاعي في هذه المنطقة بعمق. فتخريب السياج لم يتم رصده قبل بدء عمل قوات جيش الاحتلال في هذه المنطقة، وربما ليس خلال العمل أيضا، ولذلك جاء رد الفعل بما يتلاءم مع ذلك: بطيء وسمح للعدو بالانسحاب إلى عمق الأراضي اللبنانية".

وأضاف بوحبوط أن حزب الله استغل نقطة ضعف في الأنظمة الدفاعية للفرقة العسكرية رقم 91، وأظهر خلال ذلك مستوى حرفي مرتفع جدا، وجمع معلومات استخبارية بجودة عالية عن مناطق يبدو أن رد فعل قوات الاحتلال فيها سيكون بطيئا. وهذه بمثابة رسالة إلى "إسرائيل".

وأراد حزب الله من وراء هذه العملية عند الشريط الحدودي الرد على قصف "إسرائيلي" لسيارة كانت تخرج من الأراضي السورية إلى الأراضي اللبنانية، ظهر يوم الأربعاء الماضي، حسب بوحبوط، وكذلك حسب المحللين العسكريين عاموس هرئيل، في صحيفة "هآرتس" العبرية، ويوسي يهوشواع في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الأحد.

واستهدفت طائرة للاحتلال مسيرة السيارة قبل خروجها من الأراضي السورية بطريقة "أنقر على الشارع"، بحسب وصف هرئيل، حيث تم إطلاق صاروخ من دون إصابة السيارة، من أجل دفع ركابها إلى الخروج منها، ومن ثم قصف السيارة وتدميرها بصاروخ آخر،، من دون وقوع إصابات. وتمتنع "إسرائيل" غالبا عن استهداف أهداف داخل لبنان، لكنها تعتبر أنه بالإمكان القيام بذلك ضد أهداف لحزب الله في سوريا.

وكتب بوحبوط أنه بعملية قص الشريط الحدودي، "أراد أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، تمرير رسالة واضحة: استهداف مقاتلينا، حتى في الأراضي السورية، خارج اللعبة، وإذا عادت توابيت شيعية إلى بلاد الأرز سنعرف كيف نشدد رد الفعل. ولا شك أنه في أحداث من هذا القبيل، يدير نصر الله المخاطر ويستغل فرصا متوفرة أمامه".

وأضاف بوحبوط أن "قرارات نصر الله تستند إلى معلومات استخبارية عنيدة ودقيقة من أجل تنفيذ عمليات على طول الحدود وبعيدة عنه، بهدف دراسة نمط أداء جنود الاحتلال، الذين يصلون إلى الحدود أقوياء جدا ومعززين بقوات المدرعات والمساندة الجوية، من جهة. لكن من الجهة الأخرى، يتحركون ببطء إلى أي نقطة على طول الحدود، وخاصة في المناطق التي توجد فيها ظروف طوبوغرافية قاسية. والعقبة الهندسية التي استثمرت فيها مئات ملايين الشواقل والتكنولوجيا المتقدمة ليست حلا لكافة السيناريوهات".

رسائل تهدئة متبادلة

تساءل يهوشواع: "من يردع الآخر، "إسرائيل" تردع حزب الله أم العكس؟ هذا السؤال يخيم على الأجواء منذ حرب لبنان الثانية، وتعزز في الأيام الأخيرة مرة أخرى. وكل واحد من الجانبين مقتنع بأنه يردع الآخر، لكنهما يتصرفان بشكل مختلف في الميدان، بحذر بارز، من أجل الامتناع بأي ثمن عن خطوة تدفع الجانب الآخر إلى الرد بقوة تقود إلى اشتعال الوضع".

وفيما يتعلق بقصف السيارة في سورية، الأسبوع الماضي، أشار يهوشواع إلى ارتداع "إسرائيلي"، يظهر من عدم سقوط خسائر بشرية. "لو لم يكن هناك تخوف من رد فعل حزب الله، لأصاب الصاروخ الأول السيارة على الأرجح" وقتل ركابها.

وأضاف يهوشواع أن "سلاح الجو وشعبة الاستخبارات العسكرية يعملون في هذه الفترة فيما أيديهم مكبلة بسبب مشاكل قوى بشرية وقيود نشأت في أعقاب وباء الكورونا. ورغم أن الإنجاز (باستهداف السيارة) يستحق الإشارة إليه، لكن في المستوى الإستراتيجي فإنه يدل على وضعية إشكالية مقابل أقوى عدو لجيش الاحتلال اليوم. فقد قرر نصر الله الرد على "إسرائيل" بالعملة نفسها، ومن دون إيقاع خسائر بشرية. "إسرائيل" نفذت ’أنقر على السيارة’، وحزب الله ننفذ ’أنقر على الشريط الحدودي’".

ورأى هرئيل أيضا أن "إسرائيل" وحزب الله يتبادلان بينهما رسائل في الأيام الأخيرة، في ظل أزمة الكورونا. ورغم ذلك يتوقع أن يتواصل هذا الاحتكاك. لكن صبر الجانبين بدأ ينفذ وحيز مناوراتهما أخذ يتقلص. وحتى عندما تنشغل "إسرائيل" وقسم كبير من جيشها على مكافحة كورونا، فإن "إسرائيل" لا تتراجع عن الخطوط الحمراء التي وضعتها في الجبهة الشمالية، بمنع تسلح حزب الله بأسلحة متطورة، ومنع التموضع العسكري الإيراني في سوريا، ومنع انتشار حزب الله على طول الحدود في هضبة الجولان".