يعزل القدس عن رام الله.. تفاصيل المشروع الاستيطاني الخطير فوق مطار قلنديا

بالعربي: لا تقترن التحرّكات "الإسرائيلية" في ملف الاستيطان بقرارت أمريكيّة أو موافقة من أيّ جهةٍ كانت، بخلاف ما قد يعتقده البعض، سيما فيما قضية التوسع الاستيطاني الصهيوني وقضم المزيد من الأرض الفلسطينية، بالمشاريع- على اختلافها- أو فرض السيادة "الإسرائيلية"، فالاستيطان بمخططاته كافة ماضٍ على قدمٍ وساق، وفقما تُرغب "إسرائيل" فقط.

يُؤكّد هذا مخططٌ قدّمته وزارة الإسكان الصهيونية، قبل أسابيع، لما تُسمّى بلدية الاحتلال في العاصمة المحتلة القدس ، لإقامة حي استيطاني ضخم على أراضي مطار القدس الدولي ومحيطه في قلنديا شمالًا، وفي منطقةٍ صنّفتها الرؤية الأمريكية المزعومة للسلام (صفقة القرن) أنّها "مكان سياحي للفلسطينيين".

صحيفة "القدس" أوردت، اليوم الأربعاء، نقلًا عن المتابع للمشاريع الاستيطانية م.ناصر أبو الليل أنّ "المشروع الاستيطاني المخطط له يحمل الرقم 101-0764936 ويعتبر الأضخم بعد مستوطنة (معالية ادوميم) شرقي القدس المحتلة".

وحصل المشروع على أولوية في التنفيذ، قبيل الإعلان عن الصفقة الأمريكية، وصدرت الأوامر بالتنفيذ السريع، إذ سيتم تخصيص هذه المستوطنة للمتدينين بنسبة بناء عالية جداً، فالموافقة تشمل إقامة مبان سكنية بارتفاع ٢١ طابقًا، إضافة إلى مبانٍ تجارية ومجمع صناعي.

ووفق المهندس أبو الليل "يبتلع المشروع الاستيطاني كامل مطار القدس وأراضي قرية قلنديا المحيطة به الواقعة داخل الجدار، في مشروع سبق وتم تجميده أكثر من مرة سابقا بسبب حساسيته لوقوعه في قلب الأحياء الفلسطينية، ولأنه في حال تنفيذه ينسف إمكانية قيام دولة فلسطينية، حيث يعزل مدينة القدس عن مدينتي رام الله والبيرة بشكل كامل".

وكشف المهندس أن "المخطط تضمن وضع إشارات حمراء على ٢١ منزلاً فلسطينياً قائما منذ سنوات طويلة سيجري هدمها تمهيداً لإقامة أجزاء من المشروع الاستيطاني فوقها، كما أنه سيتم انتزاع ملكية الأراضي المقامة عليها تلك المنازل ليشملها المشروع الاستيطاني الضخم".

وتُسارع دولة الاحتلال في تنفيذ المخطط الاستيطاني، والذي سيكرس لوجود كتلة اسمنتية يهودية ويعيق أي تواصل فلسطيني بين القدس ومدينتي رام الله والبيرة، وسيرسخ الفصل الجغرافي والديمغرافي في وسط الضفة الغربية، ويقطع تواصلها مع القدس المحتلة ويهدف للحيلولة دون قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

ووفق ما أوضحه المختصّ "المشروع المقدم يشمل ٩ آلاف وحدة استيطانية، ولكن الخطة التطويرية له للعام ٢٠٣٠ ووفق المخططات التكميلية سترتفع إلى ١١ ألف وحدة استيطانية في غضون سنوات قليلة، حيث ان هذه المستوطنة ستشكل تكتلا استيطانيا ضخما على غرار (معاليه ادوميم) شرق المدينة والتجمع الاستيطاني (كفار عتصيون) جنوبًا".

وأشار إلى "أن هذه الكتلة الاستيطانية ستضم أيضاً منطقة صناعية وأخرى تجارية ترتبط بشبكة طرق سريعة في مقدمتها الشارع رقم "٤٤٣" تل أبيب - القدس، والشارع الذي يجري شقه من مستوطنة "رمات شلومو" على أراضي شعفاط وبيت حنينا والمتفرع منه الشارع الالتفافي رقم ٤ الذي يرتبط هذه الكتلة الاستيطانية بمستوطنتي "ادم" و"شاعر بنيامين" على أراضي جبع وحزما ومخماس عبر النفق اسفل "مخيم قلنديا وكفر عقب عبر استغلال منطقة الكسارات، لربطها بمستوطنات الغور والشارع رقم ٩٠".

وأوضح أن "المساحة المخصصة للمشروع 1243 دونمًا، لبناء 9000 وحدة استيطانية بالإضافة لفندق ضخم سيتخذ مركزه من قاعة الاستقبال والمغادرة في "مطار القدس" التاريخي، فالمخطط الأولي نص على الحفاظ على المباني القديمة في المطار الذي كان يعمل بكفاءة في العهد الأردني إلى أن توقف عشية الاحتلال الإسرائيلي عام ١٩٦٧".

وأكد أن مقر شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية الذي أقيم نهاية الثمانينات على أراض زراعية خصبة صودرت من أهالي قرية قلنديا سيقام في موقعه مجمعات تجارية وصناعية خفيفة ومشاغل، وذلك بمساحة تبلغ 300,000 متر مربع.

وقال إن المخطط يكرس 45,000 متر مربع كمناطق تجارية، وأبراج بارتفاعات تصل الى ٢٠ طابقاً، في حين تم التأشير على نحو ٢١ بناية فلسطينية للهدم.

ومن المفارقات العنصرية، قال أبو الليل:"في قلب المنطقة التي تم تخصيصها للمشروع الاستيطاني يقع حي مسجد المطار (الجامع الكويت ي) والذي تم استثناؤه من من التنظيم ما يحاصر الحي ويحظر أي تراخيص بناء فيه مستقبلا".

ويذكر أن سلطات الاحتلال قامت بمصادرة أجزاء واسعة من أراضي قرية قلنديا المحيطة بالمطار في مطلع السبعينات على يد حكومة حزب العمل آنذاك. وقررت سلطات الاحتلال إغلاق مطار القدس - قلنديا - الذي تطلق عليه المسمى التلمودي "عطروت" مع اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، خوفاً من استهدافه.

وقال أبو الليل إن "من بين القضايا التي أثير جدل إسرائيلي بخصوصها، المبنى الأثري الرئيسي للمطار الذي مازال يحمل لافتة كبيرة مكتوب عليها (مطار القدس)، إذ كان هناك رأي يدعو لهدمه بالكامل وبناء الفندق بواجهة حديثة، أما الرأي الثاني الذي تم اعتماده في المشروع فتضمن بقاء المباني الأثرية والتاريخية، كما حدث في مقر المجلس الإسلامي الأعلى في القدس الغربية مقابل مقبرة مأمن الله، حيث سيحافظ على الواجهات التاريخية ويتحول الداخل الى بناء حديث لفندق من ٥ نجوم بارتفاع ٢٠ طابقاً يضم مرافق سياحية وترفيهية لخدمة سكان المستوطنة".

وتشير الصفحة ١٨ من "صفقة القرن" إلى أن منطقة المطار ستخصص كمنطقة سياحية ومنطقة تطوير وتشغيل للفلسطينيين ولإنشاء مشاريع سياحية بعد قيام الدولة الفلسطينية، على حد زعمها، بهدف "دعم سياحة المسلمين للقدس وللأماكن المقدسة".