غياب السياسات المالية أدى الى زيادة الدين العام لوزارة المالية يقدر بأكثر من 15 مليار شيكل

بالعربي: على هامش المؤتمر السنوي للموازنة العامة للعام 2019 الذي عقده الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة، أكد كل من الخبير اقتصادي د. نصر عبد الكريم ومنسقة التدقيق المجتمعي في ائتلاف "أمان"- منسقة الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة لميس فرّاج، على ضرورة إشراك مؤسسات المجتمع المدني في نقاش الموازنة العامة قبل إقرارها والمصادقة عليها لتحديد أولويات الإنفاق وتحقيق الشفافية، جاء ذلك خلال حلقة تلفزيونية خاصه حول الموازنة العامة على شبكة وطن الإعلامية.

وقال الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، إن الموازنة مهمة وليست شأن عابر في الدول بل هي أهم وثيقة اقتصادية تصدر عن أي دولة في العالم، وهي لا تعكس توجهات ومضامين اقتصادية فقط، وإنما هي بحكم القانون، لأن الموازنة العامة تحتوي على طبيعة نظام الحكم ونموذج الاقتصاد الذي تتبناه الدول وتحدد توجهها الاقتصادي، وتمثل خطة سنوية واستراتيجية للدول.

وأضاف أنه في الحالة الفلسطينية، خلال سنوات البداية لتأسيس السلطة حملت الموازنة مضامين سياساتية، ودائما كانت تأتي بأرقام، وتنشر وكان هناك شفافية جيدة، ومساحة للنقاش وتناول الارقام الواردة فيها، لكن بعد عام 2008 أصبح هناك الجدل بشأنها، وأشار إلى أنه في السنوات الأولى لم يكن هناك وعي بشأن الموازنة وما تمسه من حياة المواطنين من حيث التعليم والصحة والرواتب والاجور والنفقات المختلفة، لذلك أصبح من الضروري أن تكون هذه الأولويات واضحة للمواطن.

وبخصوص موازنة 2019 في ظل الأزمة المالية الحالية، قال عبد الكريم في عام 2019 "لا أستطيع تسميتها موازنة ولا حتى موازنة طوارئ، بل هي أقرب للموازنة الاستثنائية، لأنه يوجد لدينا حالة "عدم يقين" وما يتاح يتم انفاقه، حتى الأوليات غير واضحة بل هي أقرب للاجتهادات الشخصية".

وفيما يتعلق بآلية إعداد الموازنة، أوضح عبد الكريم أن هناك قانون تنظيم الموازنة، يحدد الآليات ونشرها ومتابعتها والتدقيق عليها، وفي تاريخ (1/ تموز) من كل عام تقوم وزارة المالية بتعميم بلاغ الموازنة على مراكز المسؤولية "الجهات الحكومية التي تنفق المال العام" وبلاغ الموازنة يحدد الأولوليات والتوجهات والأسس والمعايير حتى تبني كل وزارة أولولياتها وموازنتها على هذا الاساس، وفي تاريخ (1/ أيلول) يفترض أن إعداد بناء الموازنة من وزارة المالية، وفي تاريخ (1/ تشرين الثاني) وهو تاريخ مهم، حيث يتم تقديم مشروع الموزانة للمجلس التشريعي الذي يقوم بمناقشتها وله الصلاحية في إعادتها في حال كان له اعتراض عليها أو على أي بند فيها، والحكومة تقوم بإقناع التشريعي بها أو تعديلها لطرحها للتصويت مجدداً، لكن في ظلّ غياب المجلس التشريعي، أصبحت حدود التشاور حول الموازنة في السنوات الاخيرة جداً محدودة،  وأضاف عبد الكريم: في حال تعذر إقرار الموازنة بسبب خلاف بين التشريعي والحكومة، يتم الإنفاق في السنة الجديدة بناءً على موازنة شهر 12 "كانون أول" من السنة الماضية، ويمكن أن  يستمر هذا الوضع حتى تاريخ (31/آذار)، لكن بعد ذلك يصبح الإنفاق غير قانوني لأنه تجاوز التاريخ المسموح به قانونياً، وأكد أن ما يهم المجتمع المدني هو التشاور حول متابعة تنفيذ الموازنة والرقابة عليها، مشيراً إلى أن الملاحظات التي يبديها المجتمع المدني على الموازنة لم يتم تبنيها من قبل الحكومة الضرائب والاقتراضات تساهم بتغطية 85% من النفقات العامة وبشأن موازنة الطوارئ، أوضح الخبير الاقتصادي أن الرئيس أصدر قرار بقانون بأن الموازنة الحالية، هي موازنة طوارئ تنتهي في تاريخ (31/تموز)، وقد انتهى هذا التاريخ، ولا يمكن تطبيق معايير طبيعية في هذا العام، وأكد على حق المواطن أن يعرف أين يتم إنفاق كل دولار من المال العام لأن اليوم يتم تغطية 85% من النفقات من خلال الضرائب التي يدفعها المواطنون والاقتراض الذي ستتحمله الاجيال المقبلة ،وأوضح عبد الكريم أن الدين العام على الحكومة يبلغ قرابة 15 مليار شيكل، مشيراً إلى أنه بالرغم من أنه لا يمس الخدمات المقدمة للمواطنين إلا أنه يؤخر مستحقات كثيرة.

وأكد أن النظام الضريبي الفلسطيني غير عادل لأن من يدفع معظم الضرائب هم المواطنين غير المقتدرين، وأعتبر أنه لا يوجد هناك تفكير جدي للخروج من الأزمة الحالية، ولا يوجد تغيير في السلوك المالي في كيفية تخفيض النفقات وتحديد أولويات الإنفاق وغيرها.
ومن جانبها، قالت منسقة التدقيق المجتمعي في ائتلاف "أمان" ومنسقة الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة لميس فرّاج، إن المطلوب هو الشفافية ونشر المعلومات واشراك المواطنين في نقاش مشروع الموازنة، وتحديد الأوليات، وأخذ توصيات النقاش والملاحظات حول الموازنة، والمراجعة الدورية في كيفية تنفيذ الموازنة العامة.

وأوضحت فرّاج: "ننظر للموازنة ليس من منظور الأرقام، وإنما انعكاس هذه الأرقام على الصحة والتعليم وغيرها، فمثلاً تكلفة التحويلات الطبية سنوياً تبلغ قرابة مليار شيكل، لكن ما يخص للتحويلات هو 450 ألف شيكل وبالتالي هناك فجوة" وأضافت "نسعى للإدارة المثلى للمال العام، وأن يتم توزيعه بالشكل الأمثل وأن يتم تخصيصه للتنمية ودعم الفقراء".

وأضافت فرّاج أنه في عام 2018 لم يكن هناك لقاءات وأصبح الوضع في العام الحالي أفضل لكن ليس بالشكل المطلوب، حيث كان هناك لقاءات مع ممثلين عن وزارة المالية، وقمنا بتنظيم حملة ضغط لنشر قانون الموازنة العامة، إلا أننا توقفنا عن الحملة بسبب الظرف السياسي الحالي، وبيّنت أنه كان من المفترض نشر قانون الموازنة في شهر "تشرين الثاني"، وهذا لم يحدث، ومن غير المبرر عدم نشر قانون الموازنة العامة نتيجة الظرف السياسي أو تغيير الحكومة، ومن المفترض في الوقت الحالي أن تكون الحكومة قد بدأت بالاستعداد للتحضير لموازنة 2020، وحول تأثر جباية الضرائب جراء الأزمة المالية الحالية، قالت فرّاج إن الإيرادات انخفضت للنصف، وهناك خوف من تأثر الجباية المحلية، لأن عدم صرف الرواتب كاملة وانخفاض الدعم الخارجي يؤثر على جباية الضرائب.