شرائح خطيرة وخطة للمنطقة.. الصين تتقرب من "إسرائيل".. تذكروا ما فعله ريغان

بالعربي: في وقت يتحدّث فيه الخبراء عن انحسار النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط لصالح روسيا، تتنامى العلاقات بين حليفة واشنطن الأولى، "إسرائيل"، والصين. هذا التحوّل الذي يُتوقع أن يخلط أوراق المنطقة استفز الولايات المتحدة المنخرطة في حرب تجارية مع بكين: ففي نهاية شهر آذار الفائت، وجهت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديداً "للإسرائيليين" بتخفيض مستوى العلاقات الأمنية ما لم تقطع تل أبيب علاقتها بالصين. لكن، ما الذي يجمع الصين و"إسرائيل"؟

تحوّلت الصين إلى مركز مهم لعدة قطاعات تكنولوجية أهمها: العسكرية، الزراعية الطبية، الأمن الإلكتروني والمراقبة، الذكاء الصناعي Artificial intelligence والـbig data. وشهدت الأعوام العشرين الماضية بعد اتفاقية كامب ديفيد، 60 تبادلاً تكنولوجياً بين بكين وتل أبيب بقيمة تقارب 2 مليار دولار، وشملت تطوير الدبابات، نظام الرؤية الليلي، أنظمة حروب إلكترونية والحروب الجوية الحربية، بالإضافة إلى تزويد الصين بصواريخ البايثون (3 air-air) عوضاً عن الطائرات المسيرة. وحتى أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الثانية، طغى العسكري على معظم التبادل التكنولوجي بين بيكن وتل أبيب.

توازياً، يُعدّ الارتباط الاقتصادي هائلاً بين البلدين، فقد بلغت قيمة الصادرات "الإسرائيلية" إلى الصين 8 مليارات دولار مسجلة قفزة معتبرة عن 12.8 مليون دولار في 1992. وفي عام 2015 كان هناك 700 براءة اختراع (patent) تكنولوجي "إسرائيلي" لدى الصين، عوضاً عن أن 40% من رأس المال الاستثماري أو المغامر (venture capital) في "إسرائيل" يأتي من الطرف الصيني. وفي تقرير نشرته مؤسسة "راند" غير الربحية ورد تقييم لـ 92 استثماراً صينياً في "إسرائيل" بقيمة مجموعها 12.9 مليار دولار جاءت موزّعة بشكل أساسي على ثلاثة قطاعات متمثّلة بمشاريع في البنية التحتية واستثمارات في الزراعة والتكنولوجيا.

مكامن الخوف الأميركي

إلى جانب الخوف من النفوذ السياسي، تخشى الولايات المتحدة من عمليات التجسس والقرصنة، إذ رصدت شركة الأمن الإلكتروني (CyberESI) محاولات من قراصنة مشكوك بارتباطهم بالجيش الصيني الشعبي حاولوا استهداف وسرقة معلومات عن تكنولوجيا صواريخ القبة الحديدية، بالإضافة إلى حقوق ملكية تتعلّق بتكنولوجيا عسكرية تخص ثلاث شركات سلاح أميركية.

وبالعودة إلى تقرير "راند"، فقد حذّر من أنّ 11 مؤسسة من بين 40 مؤسسة صينية و80 "إسرائيلية" متداخلة في الاستثمارات المشتركة داخل "إسرائيل" لارتباطاتها بالحكومة الصينية ونشاطاتها التي تؤثر على الأمن، الخصوصية والمراقبة. واللافت أنّ عدداً كبيراً من المدراء التنفيذيين لهذه المؤسسات إما أعضاء في مجلس الشعب أو كانوا يشغلون سابقاً مناصب حكومية مرموقة، وهذه الحالة تنطبق على الرئيس التنفيذي لشركة هواوي ومؤسسها زن تشانغ فاي. كما تمتلك شركات ضخمة مثل Ali Baba, Tencent, Baidu, صلات قوية مع الحكومة الصينية. وتتعقد الأمور أكثر عندما نتحدث عن شركات اتصالات مثل ZTE, Xiaomi وهواوي.

حرب الشرائح والبيانات

حصلت Xiaomi على تمويل مباشر من الحكومة الصينية لإنتاج هاتفها الذكي، إضافة إلى عمليات بحث وتطوير قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن المنوط بها تطوير شرائحها الخاصة (semiconductor technology) مستغنية بذلك عن تكنولوجيا غوغل وأندرود الأميركيتين. وما يلفت الانتباه هو أن شركة "هواوي" هي التي تريد أن تنتج شرائحها الخاصة، فهل تريد الحكومة الصينية خلق منافسة داخلية؟ يعود التناحر الشديد على من ينتج الشرائح إلى الثمانينيات من القرن الماضي، عندما حارب الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان وجود منافسة يابانية في هذا المجال. وتتعدد النظريات التي تقول إنّ هذه الشرائح تُستخدم في الأسلحة أيضاً. وربما لهذا السبب صنّفته إدارة ريغان كما تصنّفه اليوم إدارة ترامب اليوم بمسألة أمن قومي.

إلاّ أنّه من المؤكد أنّ التكنولوجيا تساهم بنشر الهيمنة، وهذا ينطبق أيضاً على منافسة الشركات الأميركية على تكنولوجيا الـ5G، ولكن يبدو أن الجانب الأميركي تأخّر في هذه المسألة وخسر المعركة لأن الصين بالفعل بدأت بناء وتطبيق هذه التكنولوجيا في عدّة دول خاصة الأوروبية. وشعرت الإدارة الأميركية بالغضب لأن تكنولوجيا كهذه تعني توسيع رقعة الشبكات الإلكترونية من 10000/كم2 إلى 3ملايين/كم2 مما يعني أن الشركة المالكة سيكون لها قدرة التحكم بملايين البيانات حول العالم.
على مستوى مشاريع الإعمار والتطوير للبنى التحتية، حيث تتعلق 5 مشاريع بالأنفاق، سكك الحديد، والموانئ في مدينتي أسدود وحيفا التي بالإضافة إلى سكة الحديد التي ستربط مدينة إيلات بالمتوسط. وتمثّل هذه المشاريع جزءاً مهماً من مبادرة "الحزام والطريق"، التي تشكّل الصين جزءاً منها. وتشعر الإدارة الأميركية بالهلع من مشروع الموانئ خاصة، القابع في حيفا، إذ يُستخدم كقاعدة للبحرية "الإسرائيلية" وهو وجهة مستمرة للأسطول البحري الأميركي السادس. بدوره، لم يخفِ الأميرال المتقاعد في البحرية الأميركية غاري روغهيد تخوّفه من هذا المشروع مصرحاً بما مفاده أن موقع الميناء سيعطي الصينيين فرصة مراقبة تحركات السفن الأميركية، ناهيك عن أنّ المعلومات والأمن الإلكتروني سيكونان عرضة للتجسس الصيني.

ماذا عن العالم العربي؟

يكمن الحل في ما يصفه الأكاديمي في جامعة اليرموك الأردنية الدكتور وليد عبد الحي بالتمييز ما بين الأخلاق الفردية والسياسية. وهنا يدعو إلى أن نعرف آلية التعامل مع الصين التي تربطها علاقة متنامية مع الكيان "الإسرائيلي"، في الوقت الذي تواظب فيه بكين على علاقة مباشرة بإيران و "حزب الله"، وتساعد على إعادة إعمار سوريا كجزء من مبادرة "الحزام والطريق". فهل تكون هذه العلاقة مع "إسرائيل" مصلحية ومحددة بمدى قصير من أجل أهداف معينة؟

المصدر: الأخبار