هل فعلا ستنسحب الامارات من اليمن؟

بالعربي: تطور جديدة تشهده المناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرة السعودية والامارات، ففي ظل تصاعد الانقسام والوضع غير المستقر والمتأزم في هذه المناطق ترددت أنباء عن نية الامارات سحب قواتها وتاتي هذه الانباء في ظل تفاقم الازمة بين الامارات وحزب الاصلاح في العديد من المناطق خاصة في شبوة وسقطرى وتعز. تصاعد الخلافات ادى على ما يبدو الى تسريب ابوظبي اخبارا عن مساعيها لتقليص وجودها العسكري ومغادرة قواتها مدينة مارب الواقعة شمال شرق البلاد ومناطق في عدن والساحل الغربي.

الخطوة الاماراتية هذه التي لازال يشكك فيها العديد من اليمنيين جاءت على لسان مصادر دبلوماسية امريكية وغربية حيث تحدثوا لوسائل اعلامية غربية وامريكية عن نية الامارات تقليص تواجدها العسكري مضيفين ان هذا الموقف الاماراتي ياتي في خضمِ التوتراتِ في منطقةِ الخليج الفارسي مؤكدين ان الانسحاب سوف يكون من عدن جنوب البلاد والساحل الغربي. وذكرت مصادر يمنية محسوبه على حكومة المستقيل هادي والاخوان في مارب ان الامارات قامت بسحب قواتها من محافظة مارب شرق اليمن وتعد مارب اهم مدينة لجماعة الاخوان باليمن.

ويرى العديد من المحللين السياسيين في اليمن ان الخطوة الاماراتية هذه قد لا تكون حقيقية خاصة وانها جاءت بعد ايام قليلة من حملة كبيرة اطلقها العديد من الناشطين والاعلاميين اليمنيين للمطالبة باخراج وطرد الامارات من بلادهم وقد تصدر هذه الحملة العديد من الناشطين والاعلاميين المحسوبين على الاخوان وسلطة عبدربه منصور هادي. وشددت الحملة التي هاجمها الاعلام الاماراتي بشدة على ان الجنوب واليمن بشكل عام ضاق ذرعا بممارسات ابو ظبي ودورها السلبي والاستعماري والتخريبي وممارساتها الاقصائية وسيطرتها على الجزر والموانىء والمواقع النفطية وتسليم هذه المناطق لقوات ومليشيات تابعة لها وتهميش وطرد كل من هو محسوب على الاخوان وحكومة المستقيل الفار عبدربه منصور هادي. واستطاعت الحملة اخراج تظاهرة حاشدة في جزيرة سقطرى وطالبت باخراج وطرد القوات الاماراتية.

التطورات المذكورة دفعت بالامارات على ما يبدو الى ايصال رسالة للسعودية بان الهجوم من قبل المحسوبين على "شرعية هادي" وحزب الاصلاح وسكوت الرياض عن ذلك سوف يدفعها الى تقليص تواجدها العسكري في اليمن وفي هذه الخطوة الاماراتية تهديد واضح للرياض التي لم يعد لديها اي حليف في عدوانها على اليمن واصبحت تحتاج للامارات اكثر من اي وقت مضى نظرا للهزائم التي لحقت بها وسقوطها في مستنقع حرب اليمن الاستنزافية التي انهكتها وهدت قواها وامكانياتها.

ولكن العديد من المحللين اليمنيين يرون ان الامارات لن تترك اليمن بهذه السهولة خاصة وانها بنت جيوش جرارة من المرتزقة في العديد من المناطق وابرزها ما يسمى بقوات الحزم الامني والنخب وكذلك من يسمون انفسهم حراس الجمهورية التابعين لطارق عفاش. وقد استخدمت الامارات هذه الجيوش من المرتزقة لامرين الاول لسيطرة على السواحل اليمنية والموانىء والمنافذ والثاني لاضعاف ما يسمى بالجيش الوطني التابع للاخوان في بعض المناطق خاصة بالجنوب.

والجيش الوطني المذكور هو عبارة عن جماعات عقائدية اخوانية بنتها السعودية وقطر للاخوان في اليمن ويعتبر هذا الجيش امتدادا للفكر الطائفي للقاعدة وداعش وتستخدمه السعودية في اطار حربها المذهبية والعرقية التي تروج لها في اليمن غير ان الامارات تتوجس منهم في ظل الصراع على مناطق الجنوب والمناطق النفطية وترى ابوظبي فيهم خطراً يهدد وجودها في هذه المناطق على المدى المنظور في اطار حربها على جماعات الاخوان.

وقد سارعت السعودية حسب العديد من المصادر الى ارسال تعزيزات وقوات سودانية وسعودية اضافية الى كل من مارب وعدن خاصة منظومات صواريخ الباتريوت تحسبا لاي خطوة اماراتية في هذا الاطار.

ولا تختلف السياسة الاماراتية والسعودية بشكل كبير في اليمن على ما يبدو حيث يكمل بعضهم البعض خاصة وان الرياض تحتاج لابوظبي بشكل كبير في هذه الحرب غير ان هناك اختلافات حول كيفية احتواء المرتزقة من اليمنيين الذين يعملون معهم حيث تراهن السعودية على حزب الاصلاح باعتباره حزباً عقائدياً له امتداد قبلي خاصة في المناطق الشمالية لذلك تستطيع من خلاله ان تحقق طموحها ومطامعها باليمن حتى لو كان ذا عقيدة اخوانية لكونه يملك امتداداً عشائرياً استطاعت السعودية من خلالها تحشيد قوة عسكرية كبيرة وزجت بهم في المعارك كجنود مقاتلين على حدودها وفي الجبهات الداخلية واستخدمتهم كدروع بشرية حامية ومحافظة عن جنودها وحدودها من هجمات القوات اليمنية المشتركة لذلك ترى السعودية ان التخلي عن الاخوان في هذه الفترة سوف يعجل بهزيمتها وسوف يكون له اضرار بليغة على تواجدها في اليمن وترى الرياض ان الاخوان في اليمن حلفاء اثبتوا اخلاصهم للسعودية خلال هذه الاعوام الماضية وكانوا سلاحها الرخيص في خاصرة اليمن.

غير ان ابوظبي تختلف مع الرياض في هذه النقطة وتعتبر الاخوان قوة غير مؤتمنة وغير منضبطة او موثوق بها خاصة وان لها رؤية سياسية وعقائدية قد تستطيع من خلالها ادعاء الاستقلالية في المستقبل خاصة في مناطق الجنوب والمحافظات الشرقية وسيؤدي ذلك الى تضارب المصالح في هذه المناطق التي تريد الامارات الاستقرار فيها والبقاء فيها لذلك فضلت ابوظبي التعامل في اليمن من خلال بناء قوات خاصة بها من السلفيين والجنوبيين وبعض المرتزقة التابعين لحزب المؤتمر والحزب الناصري واستخدمتهم لتحقيق مصالحها في اليمن. وترى الامارات ان اقصاء وطرد الاخوان واجتثاثهم من جميع المناطق هو الطريق الانسب والاساسي لتثبيت اقدامها في هذه المناطق التي تسيطر عليها.

ويرى العديد من اليمنيين ان الامارات والسعودية من اجل تثبيت تواجدهما في اليمن يسعون الان الى رسم خارطة جديدة للبلاد على اسس مناطقية ومذهبية وعرقية حيث دفعت هذه الدول بالجماعات والاحزاب التابعة لهم منذ البداية الى تهجير الاسر الهاشمية والصوفية والزيدية من عدن والعديد من مناطق الجنوب وقامت في البداية بهدم حي كامل ومسجد كبير تابع للشيعة الهنود في عدن وتسعى هذه الجماعات خاصة الاصلاح والسلفيين في اطار هذا المخطط الى العبث بالتركيبة السكانية والديمغرافية للبلاد وقد تزايدت عمليات الطرد والاستهداف الممنهج في الاونة الاخيرة وكانت اخر عملية عرقية ما حصل من قتل لساده في منطقة الازارق بالضالع كما عملت هذه الجماعات على تهجير الاف السكان من الهاشميين والصوفيين من تعز والسيطرة على منازلهم ومناطقهم وتعمل هذه الجماعات اليوم على تنفيذ السياسة نفسها في محافظة مارب وشبوة وحضرموت حيث يعمل حزب الاصلاح بشكل علني على تهجير اشراف مارب وشبوة وسادات حضرموت ويقوم بشن حملة عرقية ضدهم استطاع من خلالها السيطرة على العديد من منازلهم وممتلكاتهم وتهجير بعضهم وتخدم هذه السياسة حسب العديد من المختصين اليمنيين المشروع الاماراتي والسعودي الذي يعمل على تفتيت البلاد وتمزيقها على اسس مناطقية ومذهبية من اجل خلق ازمات واختلافات في المناطق الجنوبية والشرقية ويصنع المزيد من حالات الاحتراب والتمزق الداخلي بين اليمنيين وفرز البلاد على اسس عرقية. يستطيع من خلالها الاستمرار في التواجد العسكري باليمن.