دراما حكومية ومواطن منساق

بالعربي-كتب- عثمان نخلة: 

في دول العالم كافة، تتعامل الحكومات مع المواطنين بشكل عام وموظفين القطاع العام بشكل خاص بطريقة جيدة، في محاولة لكسب رضا المواطن لتحقيق الرضا الحكومي في المقابل من حيث الانتاج والسلوك الشعبي المنبثق من أفكار مختلطة بتناقض العطاء والاستغلال المبرر بالتسهيلات المغطاة بغطاء استنزاف الموارد البشرية.

في دولتنا المتنازع عليها ما بين احتلال واحزاب هرمة ما عادت تنتج وطنية تذكر في المقاومة والنضال المنشود، نعاني من قهر المواطن، بل وجعله أرخص ما يكن من بين الموارد كلها، لنرفع من شأن المادة، والمحسوبيات، والفساد والفكر الحزبي، والتعصب العائلي، ندافع عن أفكار ومعتقدات عقيمة تأتي دائما على حساب الفرد، ليصبح في مرمى النيران الخطابية وحتى القاتلة، ومن يعي طبيعة الشارع الفلسطيني والاحداث التي يشهدها يفهم ما نرمي إليه في هذا المقال.

لا أثر، لا تغيير

أصبحت الحالة الفلسطينية السياسية والاجتماعية والاقتصادية على حد سواء تعاني من مفرزات المراحل التي تمر على القضية الفلسطينية من علاقات داخلية وانقسامات في الآراء والأهداف، والعلاقات الخارجية الإقليمية والدولية من خلال التحولات في الخطاب الفلسطيني الرسمي والمباحثات والتقاربات مع عدد من الدول الغربية والعربية بما تنتج تقليلا من الشأن الفلسطيني وقضية الصراع الأزلي والمواطن الفلسطيني يتشكل بصورة مختلفة في أذهان الكثير من الشعوب بصورة مغايرة نتيجة التأثيرات والتقلبات التي فرضت وغيرت طبيعة الفكر والثقافة لدى المواطن.

في سبيل التعرف على المواطن الناقد الذي نتمنى أن يتصدر الساحة الفلسطينية لمحاولة درء ما يؤدي لتراجع القضية الفلسطينية ويحاسب الحكومات والاحزاب بدور المراقب الدائم والناقد ذو النقد البناء، توقف على كل قضية ممكن أن تحدث، فمثلا عند فوز الحزب المسيطر على الحكم في فلسطيني في انتخابات صغيرة تحاكي مجموعات شبابية في مؤسسات تعليمية وما شابه ذلك، نرى بعدها العتاد من السلاح والملثمين يجوبون كل منطقة في فلسطين ويطلقون الرصاص بكثافة المتعطش لتوجيهها لصدر ابن بلده لا العدو المترصد له ولكل فلسطيني، هذا التناقض الذي صنعته الحزبية العمياء في عدم المحاسبة والعقاب، أدت لبروز عدد من الأفراد يتعالون على القانون والأدهى أن القانون لا يحاسبهم فالفاعل والسلوك المفتعل و"المحاسب" في خندق واحد والتصريحات باعتقال هذه الشخصيات من قبل المسؤولين لم تنفذ على أرض الواقع في المقابل تجرأ وامتلك سلاحا ووجهه لعدوك الجائر، وكذا الأمر في الضفة وغزة لا نستثني أحد، والمواطنين الخارجين عن الفكر القطبي المتناحر هذا يأخذون دور المنتقد الدائم خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي ولكن في الحقيقة والواقع الكل يركض خلف مصالحه المتمثلة في الائتمان من هؤلاء وكسب رضا الطرف الأقوى، ولعل حادثة جفنا التي حصلت قبل مدة وجيزة شاهدة على ذلك في خطوة كادت أن تنتج خلافا بين "مسيحي ومسلم" وكأنه ينقصنا صراع الطوائف والأديان؟!.

الأزمة المالية والدعم المتواصل

في بداية الأزمة التي حلت على الحكومة الفلسطينية بعد اقتطاع أموال المقاصة من قبل الجانب الصهيوني، ورفق الحكومة من استلامها بسبب اقتطاع ما هو مخصص للأسرى والشهداء، ولعل ما شوهد في اللحظات الأولى أن الشعب الفلسطيني تضامن قاطبة معهم ومن الموظفين من تبرع "شكليا" براتبه في سبيل توفيره للأسرى والشهداء، واعتزام الرئيس بدفع رواتب الأسرى والشهداء والاقتطاع النصف كم الموظفين في سبيل القضية العادلة وهذا ما لا يعارضه أحد، ولكن يدخلنا في الشك والتساؤل هو قطع رواتب عدد من الأسرى من قبل الرئيس بغض النظر إن كان القطع نتيجة انتمائه السياسي أو افكاره المغايرة للفكر الحكومي ولكن ما هذا التناقض في إنصاف حقوق الفئة الأولى التي تستحق أن نكون داعمون لها، ما يثير الجدل حول الازمة المالية أن كل موظف حكومي يزدرء ما تقوم به الحكومة خاصة أن الوضع الاقتصادي لهذه الفئة متهالك لا تحتمل، وماذا لو تم الانصاف من خلال التخلص مما يثقل الميزانية الحكومية من التزامات بلهاء وعدد من الأسماء التي تحمل مسميات وظيفية كبيرة ترأس عملها واخرى لا وما زلت تحصل على المحفزات والأموال الطائلة، والمزظف الذي يبحث عن قوت يومه تمارس تجاهه هذه السياسة "الدرامية" ويتكلم من خلف الستار ولكن لا ردود أفعال على أرض الواقع ويخيم الصمت والخنوع.

إن لزم الأمر الوقوف مع أهل الأسرى والشهداء كل الشعب الفلسطيني سيكون درعا حامية، لكن إن استغلت تلك القضية من قبل رأس الهرم هنا المعضلة، فكثير من الدعم الذي وصل الحكومة منذ بداية الأزمة من قبل عدد من الدول لا سيما الديون التي يعتزم الرئيس طلبها، ولكن لا تغيير؟!؟، ألا يعقل أن يكون هنالك طرح واضح للميزانية والمصروفات للشعب كي يعي ما يحصل، أم أننا نعيش في مسرحية درامية لا ندري ما الواقع فيها من الخيالي، ولعل الاجتماعات السرية التي تحدث من تحت الطاولة مع الجانب الاسرائيلي خاصة بعد الامتعاظ الحكومي من الجانب الصهيوني والتهديد بقطع التنسيق الأمني وما إلى ذلك تأكد اللعبة التي تحدث بملامح مسرحية ملفقة للاستهتار بعقول الشعب الفلسطيني، وبعد الاغراق في معتقدات ورغبات مستمرة للشعب لم يتبق إلا ثلة قليلة ما زالت تنظر بتلك النظرة للاجراءات الحكومية لاكن دون جدوى...

هل ما يحدث يمهد لصفقة القرن، ليتم تطبيقها بصورة كي لا نخضع حكوماتنا فيها إلى المحاسبة والعتب حول ذلك، أم أن المواطن رضخ للواقع وما عاد يهمه سوى المال والجاه والسطلة العصابية بالترفع عن القانون والانجذاب لمن يملك القوة؟!.