ألف ستار لتغطية مجزرة اليمن

بالعربي: أتمت الأمم المتحدة بالأمس اتفاقً جديدًا بشأن ميناء ومدينة الحديدة اليمنية، وهو ما يفترض أن يسمح بدخول المساعدات لليمنيين عبر هذا الميناء، الذي شكل منفذ أخير للمواد الغذائية والاحتياجات الحيوية، والذي سعت قوات العدوان للسيطرة عليه وتعزيز حصارها المطبق على اليمن، كجزء من حملتها المستمرة لتركيع اليمنيين من خلال استراتيجيات التجويع والابادة، وهو ذات المسعى الذي قاد قوى العدوان لاسقاط عديد من الاتفاقيات السابقة التي تم توقيعها بشأن الحديدة.

لعل أشد ما يلفت الانتباه في المجزرة الدائرة بحق اليمنيين، هي تلك الجرأة التي اكتسبتها قوى ونظم الرجعية العربية، لخوض عدوان بهذا الحجم، وعلى نحو يجافي نمط سياساتها التقليدي القاضي بدفع فواتير العدوان الأمريكي على هذا البلد أو ذاك، أو تكليف ميلشيات تديرها جهات أخرى بأحداث التخريب والتدمير المطلوب في بعض الدول، و السر في هذه الجرأة لبعض دول الخليج، لا يكمن في تطور مفاجئ في قدرات هذه النظم، ولكن تطورًا كبيرًا في علاقتها مع الكيان الصهيوني ودرجة تماهيها مع مصالحه، فهذه النظم ببساطة قررت أن بإمكانها الحصول على الدعم الأمريكي لمشاريعها ومغامرات أمرائها الحربية الفاشلة، طالما تماهت مع الأجندة الأمريكية الصهيونية.

بالأمس فقط أعاد البيت الأبيض تأكيده على تأييد "جهود" تحالف العدوان في اليمن، وكأن زج مئات الآلاف من المرتزقة المسلحين في اليمن، وإستجلاب القتلة من أصقاع الأرض لذبح اليمنيين مهمة إنسانية تستوجب الدعم والتأييد، الموقف الأمريكي المتجدد في دعمه لهذا العدوان يؤكد حقيقة بسيطة مفادها أن نظم العدوان تلبي أهداف أمريكية وصهيونية في عدوانها المستمر على شعب اليمن.

أقدم محمد بن زايد، ومحمد بن سلمان، والحليف الذيلي السابق لهما تميم بن حمد، على غزو اليمن، في واحدة من أقذر الحروب عبر التاريخ، التي لم تجر دفاعًا عن الأمن القومي لأي من هذه البلدان، أو حتى ضرورات ملحة تتعلق ببقاء هذه النظم السيئة السيرة والصيت، ولكن بالأساس في إطار تلبية طموحات هؤلاء الأمراء في بناء سيرة ذاتية تعزز مكانتهم لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وتعطيهم فرصة لاقتناص عروش أسرهم والإحتفاظ بها لفترة طويلة في نسلهم.

ملايين اليمنيين تتواصل معاناتهم في ما يشبه حملة الصيد التي شنها أمراء الخليج، للتباري أمام الإدارة الأمريكية في تظهير مهاراتهم الخاصة بتلبية أهدافها في المنطقة، والأكثر دناءة وخسة من هؤلاء، كانت المنظومة العربية الرسمية التي دعمت العدوان، وهللت له، ومنحته غطاء سياسي وطائفي، وفي ذيل هذه القائمة من أذيال العار، تطول قائمة "المثقفين" و"الكتاب" من مرتزقة نظم الخليج، الذين برروا هذه الحملة وسوقوا لها بأغطية مختلفة، وآخرهم حفنة من أبواق الاعلام في فلسطين، يتطوعوا لتسويق مقولات وزير إعلام حكومة المرتزقة التابعة للتحالف العدواني، والتي هدف من خلالها لتغطية السلوك التطبيعي مع العدو الصهيوني لسادته، وتبرير استمرار المجزرة والعدوان على اليمنيين باستعداء الشعب الفلسطيني على الأشقاء اليمنيين المظلومين.

في فلسطين لا يعرف الناس الكثير من التفاصيل عن اليمن، لكن هناك مسلمات بسيطة عن هذا البلد الشقيق، وشعبه الأبي، أبسطها وأكثرها رواجًا أن شعب اليمن لم يقف يومًا ضد فلسطين، وأنه تظاهر بالملايين تحت القصف السعودي نصرة لفلسطين وقضيتها.

هذه الذاكرة تصرخ فينا اليوم، يسقط العدوان، المجد والنصر والحرية والكرامة لشعب اليمن وشعب فلسطين.