ترامب ومحاولات التستر على بن سلمان.. الى متى؟

بالعربي: لا مجال للادارة الاميركية بعد اليوم لمواصلة التستر على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قضية التورط في مقتل الصحفي جمال خاشقجي بعد أن أعلن فريق التحقيق الاممي أن الجريمة نفذها مسؤولون سعوديون وبتخطيط مسبق. وقام الكونغرس بتضييق الخناق على الرئيس دونالد ترامب عقب انتهاء المهلة المحددة له لتحديد ما اذا كان ولي العهد السعودي لعب دورا في مقتل خاشقجي.

بعد ان انتهت المهلة التي وضعها الكونغرس أمام الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتحديد ما إذا كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد أمر باغتيال خاشقجي الذي قتل في القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 تشرين الأول/ أكتوبر، توعد مشرعون أمريكيون باتخاذ إجراء أكثر صرامة في حق السعودية، على خلفية قضية قتل خاشقجي.

وطالب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين والديموقراطيين، بإجراءات تلزم ترامب تقديم نتائج تحركاته في شأن اختفاء خاشقجي إلى الكونغرس بعد 120 يوما.

وقدمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، مشروع قانون يمنع بعض مبيعات الأسلحة للسعودية بما في ذلك دبابات، وييشمل مشروع القانون فرض عقوبات بحق أي شخص سعودي متورط في قتل خاشقجي.

وقال السيناتور الديموقراطي روبرت مينينديز إن "على الكونغرس الآن أن يتحمل مسؤولياته ويفرض تدابير لإعادة النظر جذريا في علاقاتنا مع المملكة العربية السعودية".

ويحظى مشروع القانون هذا بدعم من كبار الجمهوريين، بمن فيهم السناتور "ليندسي غراهام"، وهو عادة حليف قريب من ترامب.

وعلقت صحيفة "نيويورك تايمز" على تقرير لمراسلها يوم الخميس، حول تهديد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بجلب الصحفي جمال خاشقجي، شاء أم أبى، وبالرصاص إلى السعودية.

وتقول الافتتاحية، التي جاءت تحت عنوان "التستر السعودي ينكشف أكثر"، إن "الوريث للعرش السعودي وأصدقاءه في البيت الأبيض ظنوا على ما يبدو أن الشجب الدولي لجريمة قتل جمال خاشقجي البربرية ستخفت مع مضي الوقت، وبأن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سيكون حرا في مواصلة أساليبه المستبدة، وقمع النقاد والمعارضين دون خوف من حساب أو عقاب، كانوا مخطئين".

وتشير الصحيفة إلى أن "أكثر من أربعة أشهر مضت على خنق خاشقجي وتقطيع جثته في القنصلية السعودية في إسطنبول، ومن ثم التخلص من جثته، لكن الأكاذيب الوقحة التي قالها السعوديون لحماية ولي العهد، ومن بينها محاولة تحميل 11 شخصا مجهول الهوية المسؤولية، بينهم خمسة يواجهون حكم الإعدام، وتبرير الرئيس دونالد ترامب، الذي يخدم المصلحة وهو أن الصفقات السعودية أهم من العدالة، لم تؤد إلا إلى زيادة المطالب بالمحاسبة".

وتلفت الافتتاحية، إلى أن "المطالب الأخيرة جاءت من الوكالات الأمنية الأمريكية ومن الأمم المتحدة وتحالف من المنظمات غير الحكومية ومصادر يجب أن تكون في تنوعها وتوسعها بمثابة تحذير للأمير محمد وثروته النفطية كلها وأصدقائه المؤثرين، بأنهم لن يكونوا قادرين على غسل دم الصحافي الذبيح".

وتنوه الصحيفة إلى أن تقريرها يوم الخميس كشف عن أدلة تعرفت عليها وكالة الأمن القومي وبقية أجهزة التجسس الأمريكية، التي جاءت على شكل تنصت عن محادثة بين ولي العهد ومساعد له قبل عام من قتل خاشقجي، يقول فيها إنه لو لم تنجح محاولات جر الصحافي وإقناعه بالعودة إلى السعودية كلها فإنه يجب استخدام القوة، وإن لم تنفع يقول ولي العهد إنه سيطلق عليه الرصاص.

وتعلق الافتتاحية قائلة إن "ولي العهد، سواء كان يعني ما يقول أم أنه استخدم كلمة الرصاصة للمجاز، فنحن أمام أمير شاب، شرس ومستبد وطامح وغاضب على رجل كان ذات مرة من داخل الدائرة المقربة للعائلة المالكة، لكنه تجرأ على الانتقاد والتعبير عما يريد، وبعد هذه المحادثة كتب خاشقجي أول مقال له في صحيفة (واشنطن بوست)، وقال فيه: (لقد تركت بيتي وعائلتي ووظيفتي وأرفع صوتي الآن، وعدم فعل هذا سيكون بمثابة خيانة للقابعين في السجن)، وختم مقالته بالقول: (نحن السعوديون نستحق أفضل من هذا)".

وتستدرك الصحيفة بأنه "رغم محاولات الرئيس ترامب دحض الاتهامات كلها الموجهة لولي العهد السعودي، الذي أقام علاقة وثيقة مع صهره جارد كوشنر ومستشاره البارز، فإن تقييما لوكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية توصل إلى أن ولي العهد هو الذي أمر بعملية القتل".

وتفيد الافتتاحية بأن مقررة الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان أغنيس كالامار قدمت تقريرا يوم الخميس عن استنتاجاتها الأولية، التي تظهر أن جمال خاشقجي كان ضحية جريمة قتل نفذها مسؤولون في الدولة السعودية، مشيرة إلى أنه "مع أن ما جاء في تقرير كالامار يؤكد ما نعرفه عن الجريمة، إلا أن حقيقة قيام محققة محترمة مثل كالامار، وهي مديرة برنامج المشروع العالمي لحرية التعبير في جامعة كولومبيا، ويضم عددا من المحامين البريطانيين والبرتغاليين، يمثل تصعيدا مرحبا به في الضغط على السعودية وضرورة أن تبرئ نفسها، وسيقدم الفريق نتائجه في حزيران/ يونيو المقبل".

وتشير الصحيفة إلى تحالف من المنظمات غير الحكومية قام بإصدار بيان اتهمت فيه السعودية بمواصلة قمع الناشطين والصحافيين والأئمة المستقلين، وتضم المجموعة كلا من لجنة حماية الصحافيين و"هيومان رايتس فيرست" و"هيومان رايتس ووتش" و"أوبن سوسيتي جاستس إنشييتف" و"بين أمريكا" و"صحافيون بلا حدود"، واتهمت المجموعة إدارة ترامب بالتستر نيابة عن الحكومة السعودية، ووصفت محاكمة 11 سعوديا بالمهزلة.

وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بالقول إن "الضغط على السعودية يجب أن يتواصل، وعلى الكونغرس مواصلة مطالبه بالكشف الكامل عن تقييم (سي آي إيه) فيما يتعلق بجريمة قتل خاشقجي، وتحديد هوية المتورطين في الجريمة، وعلى التحقيق الذي تجريه الأمم المتحدة أن يحظى بدعم تركي وسعودي كامل، وكذلك من الحكومات الأخرى، ويجب على الجميع الذين غضبوا على مصير خاشقجي الطلب من السعودية التوقف عن قمعها للسعوديين الذين تجرأوا على الحديث".

وتغربل وكالة الأمن القومي وأجهزة أمنية أميركية أخرى محتوى سنوات كاملة من التسجيلات الصوتية والرسائل القصيرة لولي العهد السعودي مثلما تفعل عادة مع زعماء الدول، بمن فيهم حلفاؤها.

ونقلت نيويورك تايمز عن المسؤولين الأميركيين والأجانب الذين اطلعوا على تقارير وكالة الأمن القومي بعد أسابيع من اغتيال خاشقجي في الثاني من أكتوبر الماضي في قنصلية بلاده بإسطنبول، أن محمد بن سلمان قال للإعلامي المقرب منه تركي الدخيل إنه سيستخدم رصاصة ضد خاشقجي إذا لم يعد ولم يتوقف عن انتقاد الحكومة السعودية.

وكان خاشقجي شرع في تلك الفترة في كتابة مقالات رأي في صحيفة "واشنطن بوست" تتضمن انتقادات للسياسات السعودية، بينما كان ولي العهد السعودي يقوم في المقابل بترسيخ حكمه والتسويق لنفسه في الولايات المتحدة والغرب باعتباره داعية للإصلاح، وفي الوقت نفسه كانت السلطات السعودية تحاول استدراج خاشقجي.

ووفق ما ورد في التقرير، فإن وكالة الأمن القومي الأميركي -المتخصصة في اعتراض المكالمات الهاتفية والمحادثات الإلكترونية- اعترضت قبل ذلك بأيام محادثة أخرى عن الموضوع ذاته بين بن سلمان ومساعده سعود القحطاني.

وفي هذه المحادثة عبر ولي العهد السعودي لمساعده عن قلقه من تعاظم تأثير جمال خاشقجي، وقال إن مقالاته وتغريداته تشوه صورته (أي ولي العهد السعودي) كمصلح، وإن انتقادات خاشقجي له مضرة جدا بما أنها تأتي من صحفي كان يعد في وقت ما مؤيدا لسياساته.

وجاء في تقرير نيويورك تايمز أن القحطاني رد عليه آنذاك، بأن أي استهداف لخاشقجي قد يكون مجازفة وقد يجر غضب العالم على السعودية، ليرد بن سلمان بالقول إن على العالم ألا يهتم بما تقوم به السعودية إزاء مواطنيها، وإنه لا يريد أنصاف الحلول.

وأضافت الصحيفة أن المحادثة التي اعترضتها الاستخبارات الأميركية هي الدليل الأكثر تفصيلا حتى الآن على نية ولي العهد المسبقة لقتل خاشقجي.

وقالت أغنس كالامارد، المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالات الإعدام التعسفي، الخميس، إن التحقيق في جريمة قتل خاشقجي خلص إلى أن الأدلة تظهر أنه كان ضحية قتل وحشي ومتعمد خَطط له ونفذه مسؤولون في الدولة السعودية.

وأضافت المقررة الأممية المشرفة على التحقيق خلال إفادة قدمتها عن مهمتها في تركيا أن السعودية قوضت جهود أنقرة للتحقيق في مقتل خاشقجي. وأعربت عن قلقها الشديد بشأن نزاهة إجراءات محاكمة 11 شخصا في مقتل خاشقجي.

وقد قضت كالامار أسبوعا في تركيا في سياق عملها في البحث عن أدلة بشأن مقتل خاشقجي. تركيا في الفترة مابين 28 يناير/كانون الثاني و 3 فبراير/شباط. واستمعت كالامار خلال زيارتها لتركيا إلى التسجيلات الصوتية التي توثق لحظات قتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.

وستُقدم نتائج التحقيق والتوصيات التي ستخلص إليها اللجنة في تقرير لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في جلسته المقررة في يونيو/حزيران 2019.

من جهتها قالت الرئاسة التركية، إن "الافتقار التام للشفافية من المسؤولين السعوديين بشأن التحقيق في مقتل الصحفي جمال خاشقجي، يثير قلقا عميقا ويضر بمصداقيتهم".

وأدان ناطق باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "النفي السعودي الكاذب" حول اغتيال خاشقجي قبل أربعة شهور.

وقال رئيس قسم الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، إن "السلطات السعودية يجب أن تسلم قتلة جمال خاشقجي، كدليل على رغبتهم في خدمة العدالة".

وتتوافق تصريحات الناطق التركي مع الانتقادات التي وجهتها للسلطات السعودية لجنة تحقيق أوفدها مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة إلى تركيا "لعدم تعاونها مع الجهات التركية في التحقيق في قضية خاشقجي".