هل ستسحب اميركا قواتها من سوريا فعلا؟

بالعربي: يستبعد بعض الخبراء والمحللين السياسيين انسحابا اميركيا وشيكا من الاراضي السورية التي دخلتها دون اي مسوّغ قانوني بحجة محاربة "داعش". ويؤكد هؤلاء ان الولايات المتحدة لم تؤسس 17 قاعدة في سوريا لكي تنسحب منها ولذلك يستبعدون انسحاب القوات الأميركية فعليا من سوريا.

عبّر الخبير العسكري الروسي فيكتور ليتوفكين عن شكوكه في أن تغادر القوات الأميركية سوريا، وشدد على أن الأميركيين لم يسبق أن غادروا طواعية مناطق سيطروا عليها، وها هم قد بنوا في سوريا 17 قاعدة وبدأوا بنشر نقاط مراقبة على الحدود التركية السورية.

انسحاب الوحدة العسكرية الأميركية من سوريا، يعني أن "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي تسيطر الآن على ضفة الفرات اليسرى، ستبقى من دون دعم واشنطن، فيما تنوي تركيا السيطرة ليس فقط على منبج السورية، وإنما المناطق الكردية بأكملها.

وفي هذا الاطار أكدت رئيسة الهيئة التنفيذية في ما يسمى "مجلس سوريا الديمقراطية" إلهام أحمد، أنها لا ترى أي دلائل على انسحاب القوات الأميركية من سوريا أو تغيرا في العلاقات بين واشنطن وأكراد سوريا.

وقالت القيادية الكردية لصحيفة "واشنطن بوست" أمس الأربعاء: "لم يحدث أي تغير على الأرض، ولا يزال الوضع كما كان عليه قبل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن سحب القوات".

وأضافت أحمد التي تقوم بزيارة إلى الولايات المتحدة، أنه كان لديها لقاء قصير مع ترامب الاثنين، مشيرة إلى أنها أعربت له عن قلقها إزاء مصير الأكراد في سوريا، وأنه طمأنها بأن الأكراد "لن يتعرضوا للقتل".

وكان البيت الأبيض اعلن في 19 ديسمبر - كانون الأول الماضي أن الولايات المتحدة سوف تبدأ بسحب قواتها من سوريا بقرار منفرد من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وقد بدأت القوات الأميركية احتلالها لبعض المناطق السورية أواخر العام 2015، حيث وصل عدد من عناصر الوحدات الخاصة إلى مناطق في شرق وشمال البلاد، لتشكيل تحالف مع ميليشيات محلية وفصائل معارضة للحكومة ، بزعم مكافحة "داعش".

وقد ازداد عدد القوات الأميركية بشكل تدريجي في سوريا اعتبارا من 2016 ليصل تعدادها رسميا إلى 2000 جندي ينتشرون في قواعد عسكرية بمناطق شرق وشمال البلاد.

على العكس من ذلك، هناك من الخبراء من يرى حتمية سحب أميركا قواتها من سوريا، بدلالة، استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس، على خلفية إعلان ترامب، ومناشدة ممثلي "قوات سوريا الديمقراطية"، موسكو ودمشق حماية الأكراد من نوايا تركيا، وعدم حاجة واشنطن إلى قواعد في سوريا لوجود قواتها على مقربة منها، في العراق وقطر.

كما اثار هذا القرار معارضة في الداخل الاميركي ومن قبل حلفاء للولايات المتحدة مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا.

ويرى بعض المراقبين ان القرار الاميركي هذا يترك الفصائل الكردية السورية تحت رحمة تركيا، والرئيس التركي رجب طيب اردوغان لم يخف نواياه بتدخل عسكري في الشمال السوري واكد بأنه على استعداد لتنفيذ ضربة ضد القوات الكردية هناك.

وقالت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إن سحب القوات الاميركية من منطقتها ستكون له "تداعيات خطيرة" على الاستقرار العالمي وأن ذلك سيؤدي إلى "خلق فراغ سياسي وعسكري في المنطقة وترك شعوبها بين مخالب القوى والجهات المعادية".

وعلى صعيد ادلب ومنبج وشرق الفرات أكد مجلس الأمن القومي التركي عزم السلطات التركية على مواصلة نهجها تجاه محافظة إدلب وتطبيق "خارطة الطريق" حول مدينة منبج بشكل عاجل وتنفيذ الاتفاقات بشرق الفرات في سوريا.

وقال مجلس الأمن التركي، في بيان أصدره عقب اجتماع عقده الأربعاء برئاسة رجب طيب أردوغان، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة: "سنواصل موقفنا الحازم فيما يتعلق بالحفاظ على الوضع الحالي في إدلب وتطبيق خارطة الطريق في منبج بشكل عاجل وتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها حول شرق الفرات".

وجدد البيان دعوته إلى "وقف الدعم الأجنبي المقدم إلى الإرهاب"، كما أكد "بشدة" على "مواصلة مكافحة جميع المنظمات الإرهابية دون هوادة".

وفي يونيو الماضي توصلت واشنطن وأنقرة لاتفاق "خارطة طريق" حول منبج، التابعة لمحافظة حلب، تضمن إخراج القوات الأمريكية لعناصر "وحدات حماية الشعب" الكردية، التي تعتبرها أنقرة إرهابية، من المدينة والمنطقة المحيطة بها مع توفير الأمن والاستقرار فيها.

كما يخوض الطرفان مفاوضات متوترة حول الوضع في منطقة نهر الفرات، الواقعة في محافظة دير الزور والتي تسيطر على جزء كبير من أراضيها الوحدات الكردية التي تعاونت معها واشنطن في الحرب ضد "داعش" بسوريا، وتعهدت أنقرة مرارا بشن عملية عسكرية ضد المسلحين الأكراد هناك حال عدم إزالة الولايات المتحدة تهديدهم للأمن التركي.