تشكيكٌ برواية جيش الاحتلال.. نادي الأسير يبدأ تحقيقًا بظروف "استشهاد" صالح البرغوثي

بالعربي: قال مسؤول نادي الأسير الفلسطيني، قدّورة فارس، إنّ "الجريمة الصهيوني التي وقعت بعائلة صالح البرغوثي هي جريمة مركّبة: بين خطفٍ وقتلٍ وعقوبات جماعيّة واعتقال تعسّفيّ" مُؤكدًا على أنّ "دولة وجيش ومؤسسات الاحتلال تتصرف من واقع خيبتها وأزمتها وفشلها في إخضاع الشعب الفلسطيني، سيّما بعد الضربات القاسية التي تلقّاها العدوّ مؤخرًا".

وخلال مؤتمرٍ صحفيّ لعائلة البرغوثي، عُقد ظهر اليوم الأربعاء، في قرية كوبر برام الله المحتلة، قال فارس إنّ نادي الأسير شكّل فريقًا من المحامين لمتابعة القضيّة من خلال إجراء تحقيق شامل، لأن رواية الاحتلال حول استشهاد الشاب صالح البرغوثي تشوبها الكثير من الملابسات، سيّما مع وجود شهادات ومكالمات هاتفية وصور يُمكن أن تشكل أساسًا للإدّعاء بأن صالح على قيد الحياة، أو إن كان استُشهد بالفعل فإنّه أُعدِم خارج القانون بعد اعتقاله والتحقيق معه.

وأعلن جيش الاحتلال استشهاد صالح البرغوثي (29 عامًا)، بعد اعتقاله من قبل قوات صهيونية خاصة من مركبته في قرية سردا قرب رام الله وسط الضفة المحتلة، بزعم أنّه أحد أعضاء الخلية المسؤولة عن تنفيذ عملية "عوفرا"، التي وقعت الأحد 9 ديسمبر وأسفرت عن إصابة ٧ مستوطنين. وادّعى الاحتلال أنّه اعتقل أفرادًا من الخلية.

من جهته، أوضح قدورة فارس أنّ "إسرائيل لم تُقدّم حتى اللحظة رواية للمجتمع الإسرائيلي بأنّها ألقت القبض على الخلية، ولم يصدر أيّ بيان رسمي يُشير إلى أيّة معلومات تتعلق بهذه القضية، والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية نفسها بحاجة لرواية كي تقولها للرأي العام وتُطمئنهم بأن لديها جيش قوي ومُسيطر، وفي هذا السياق لا يزال الاحتلال عاجزٌ حتى اللحظة".

وطالب مسؤول نادي الأسير من كل أبناء الشعب الفلسطيني، ومنهم الصحفيين، ممّن يمتلك أيّة معلومات أو صور تتّصل بالقضية، مهما كانت بسيطة، أن يتوجّه بها لمحامي النادي، بما يُمكن من المتابعة القانوينة لهذا الملف.

وفي إطار المتابعة القانونية، قال فارس إنّ "ما يُسمّى القضاء الإسرائيلي إنّما هو مُجنّدٌ لخدمة المؤسسة السياسة والأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وليست لدينا أوهامٌ عن عدلٍ نتوخّاه من هذا القضاء، إنّما سنطرق كل الأبواب، حتى لو كان هذا من باب مشاغلة الاحتلال. وإن كان صالح استشهد فلربّما متابعة هذا الملفّ قد تُسهم في حقن دم شاب آخر مُلاحَق". ودعا الجميع لعدم التسليم برواية الاحتلال بالمُطلق، سيّما فيما يتعلق باستشهاد الشبان الفلسطينيين وظروفه.

ودعا إلى المباشرة بتحقيقٍ دوليّ من مُختلف الجهات المُختصة: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم التحدة، الاتحاد الأوروبي، وسائر المؤسسات الحقوقية الدولية التي تتحلّى بمصداقية عالية، وأن تتحرى واقعة اختطاف، ثم اغتيال صالح، إن كان جرى اغتياله بالفعل. لافتًا إلى أنّ "هناك تصريحات من الناطق باسم الجيش لصحفيين إسرائيليين، لم يرِد فيها أنّ صالح استشهد منذ البداية، ولا أيّة معطيات خلال الاعتقال كانت تستدعي أن يتم إعدامه، فقد كان صالح في مكان عمله في التاكسي، وفي مكانٍ لا يُعتبر بؤرةَ اشتباك أو احتكاك مع جنود الاحتلال".

وشدّد على أنّ من يقود دولة الاحتلال الآن هو المستوطنون، وكل ما يتم ارتكابه من جرائم اليوم إنّما تعكس الفشل وحالة العمى والارتباك، وتحمل حالة من الاسترضاء للمستوطنين، وما قرارات نتنياهو ووزرائه وسياساتهم إلّا رجع صدى لما يخرج عن مجلس المستوطنات وغلاة المستوطنات في كيان الاحتلال.

من جهتها، قالت والدة صالح البرغوثي، خلال مداخلتها في المؤتمر الصحفي "نريد أن نفهم ما الذي حدث مع ابننا صالح، حينما هاتفونا (سلطات الاحتلال) وأخبرونا باعتقال صالح، طلبوا منّا الذهاب لجلب سيارته، لكن عند الذهاب للمكان وجدنا قوات الاحتلال تُحاصر المنطقة وقد صادرت السيارة".

وتابعت "بعدها تضاربت الروايات، ما بين اعتقال صالح وإصابته، شهود عيان قالوا لنا إنّ قوات الاحتلال اعتقلت صالح وأخرجته من المركبة مُقيًدا وكان حينها على قيد الحياة، بعد هذا بنحو نصف ساعة كان الخبر يتردّد عبر فيسبوك بأنّ صالح استُشهد".

وبالنيابة عن العائلة، قال فخري البرغوثي "نتّهم الاحتلال بتعمّد إعدام صالح، وكان القصد من هذا الانتقام من العائلة المشهود لها بالنضال ومقاومة الاحتلال. وسلطات الاحتلال تعمل على تدفيع العائلة الثمن".

وقال خلال مداخلته في المؤتمر الصحفي "بعد دقائق من تداول خبر اعتقال صالح اقتحمت القوات الخاصة الصهيونية منزل العائلة بأعداد كبيرة جدًا، وأطلقت النيران وتسببت بإصابة نحو 5 من أفراد العائلة، بُترت قدم أحدهم، ماذا كان الداعي لهذا كلّه؟!". لافتًا إلى أنّه جرى اعتقال نحو 20 خلال عملية اقتحام المنزل وتخريبه بحجّة التفتيش، منهم والد وشقيق صالح، علمًا بأنّ والد صالح وهو أبو عاصف البرغوثي مريضٌ بالقلب والضغط وأمراض أخرى.

وأضاف "الاحتلال قتل صالح بدون أي سبب، اعتقل صالح على أقدامه ولم يكن مصابًا، وإذا ما جرى إعدامه بالفعل فهذا كان بعد ساعة أو ساعتين من اعتقاله، ونعتبر كل ما يتم تداوله في الإعلام غير صحيح، فلا إشارة حقيقية ومؤكدة حتى اللحظة عن مقتل صالح."

ودعا المتحدث باسم العائلة المؤسسات الوطنية والدولية تسليط الضوء على قضية صالح، والتحقيق في ظروف إعدامه إن كانت حقيقية.

يُشار إلى أنّ قوات كبيرة من جيش الاحتلال اقتحمت منزل لعائلة البرغوثي (منزل شقيقه) صباح اليوم الأربعاء وأخذت مقاساته، ويُرجّح أن يكون هذا الإجراء تمهيدًا لهدم المنزل.

بدوره، قال المُختص بشؤون الأسرى، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين السباق، عيسى قراقع، إنّ ظاهرة الإعدامات الميدانية تتّسع، وجيش الاحتلال "الإسرائيلي" بات محكمة متحركة تجوب شوارعنا ومدننا وقرانا ومخيّماتنا، يقومون بعمليات التصفية والاغتيال بدون مساءلة، وهذه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لا يجب السكوت عنها.

وأفاد بأنّ "250 عملية إعدام ميداني اقترفها جيش الاحتلال الإسرائيلي خارج نطاق القضاء منذ العام 2015" منها عملية إعدام الشهيد محمد حبالي في طولكرم، قبل أسبوعين، وهو مُقعدٌ على كرسي متحرك، وقبل عامٍ أعدم الاحتلال إبراهيم أبو ثريا في قطاع غزة، وهو مبتور القدمين.

وشدّد قراقع، في كلمته خلال المؤتمر، على ضرورة متابعة هذه القضية كي لا تبقى دولة "إسرائيل" دولة غير مساءلة من المحاكم الدولية والقانون والمجتمع الدولي. وقال إنّ "جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني متواصلة وأصبحت روتينًا بالنسبة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وبدلًا من أن يقوم نتنياهو بمنح الأوسمة والنياشين لهؤلاء القتلة من قوات الجيش، على حكومة الاحتلال أن تُساءَل وتُحاكَم من قبل المؤسسات الحقوقية الدولية وخاصة المحكمة الجنائية الدولية".

وعن الغموض الذي يُحيط باختفاء الشهيد صالح البرغوثي، قال "المحامون المتابعون للقضية غير قادرين على الحصول على بيّنات أو معلومات أو تقرير طبي من الجانب الإسرائيلي، إسرائيل يبدو وكأنّها فعلًا ارتكبت جريمة مع سبق الإصرار، تُريد إخفاءها. بإعدام صالح رغم أنّه لم يكن يُشكّل خطرًا فلم يكن مُسلّحًا ولم يهرب كما تدّعي إسرائيل، كان بالإمكان الاكتفاء باعتقاله أو تحييده ولكن تم اغتياله ميداينًا".

وتابع "هذا الغموض وعدم تزويد الجانب الرسمي ممثلًا بالسلطة الفلسطينية أو المحامين المتابعين بالمعلومات يُؤكّد أن العدو ارتكب جريمةً بشعة نكراء بحق صالح والعائلة التي يتم استهدافها بعقوبات جماعية".

وأشار إلى أنّ المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بصدد زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعليه دعاها لأن تقوم بزيارة العائلة والمؤسسات وأن تجمع المعلومات وأن تقوم بواجبها ودورها مسؤولياتها في متابعة هذه الجرائم المتواصلة من قبل حكومة الاحتلال