تورط ابن سلمان ينهي الناتو العربي ويدفن صفقة ترامب

بالعربي: رأى مُحلّل الشؤون السياسيّة في صحيفة (هآرتس) العبرية، حيمي شاليف، أنّ الورطة السعوديّة، التي تمثلّت في قتل الصحافيّ السعوديّ، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول، كفيلةً بأنْ تُشكّل انهيارًا شاملاً لإستراتيجية رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، مُوضحًا أنّه خُصصّ لابن سلمان دورا أساسيا في خفض توقعات الفلسطينيين قبل نشر خطة التسوية النهائيّة لترامب..

وأضاف حيمي شاليف أنّ كثيرين يعتقدون أنّ استعداد ترامب للوقوف إلى جانب ابن سلمان سيُعمّق التزام الأمير بدعم الخطّة، رغم أنّه في وضعه غيرُ المُستقّر سيتردّد في الوقوف خلف الخطّة الأمريكيّة التي من شأنها إثارة غضب الفلسطينيين والعرب، بما في ذلك الشارع في المملكة.

ووفقًا لأقواله، فإنّ النجاح الدعائيّ لحماس هزّ صورة نتنياهو كـ”سيّد الأمن”، الذي يثير الخوف لدى أعداء "إسرائيل"، وإسقاط الطائرة الروسيّة في سوريّا قلّص حريّة سلاح الجوّ "الإسرائيليّ" وألقى بظلّه على العلاقات الممتازة التي طورها نتنياهو كما يبدو مع بوتين، والأزمة التي وجدت "إسرائيل" نفسها فيها في أعقاب عملية القتل في إسطنبول لم تنته بعد، مُشدّدًا في الوقت ذاته على أنّ السيناريو الأخطر سيؤدّي إلى تحطيم الحلف المُعادي لإيران، والذي بلوراها نتنياهو وترامب، وتباهى رئيس الوزراء بتعميق العلاقات مع دولٍ عربيّةٍ مُعتدلةٍ رغم الجمود في “العملية السلميّة” مع الفلسطينيين.

وشدّدّ المُحلّل، الذي استعان بمصادر سياسيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، شدّدّ على أنّ نتنياهو على قناعةٍ تامّةٍ بأنّ وليّ العهد السعوديّ، محمد إبن سلمان، سيضطر لدفع ثمنٍ ما، بسبب التصفية الفاشلة، لكنّه استدرك قائلاً إنّه من هنا وحتى المُطالبة بعزله، فإنّ الطريق ستكون طويلةّ، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه حتى لو كان التهديد على إبن سلمان لم يُشكّل خطرًا على الإستراتيجية الشرق أوسطيّة لنتنياهو ولا على ترامب، فإنّ لرئيس وزراء الاحتلال مصلحةً مهنيّةً ووطنيّةً وحتى شخصيّةً، كيْ يهُبّ للدفاع عنه ولو من وراء الكواليس، على حدّ تعبيره.

مع ذلك، تابع المُحلّل إنّ التهديد الاستراتيجيّ الذي من شأنه أنْ يُثمِر عن تداعياتٍ سياسيّةٍ، هو الذي جعل نتنياهو ينام على الجدار، حيث يرى العالم برّمته ويقوم بالتدوين والتوثيق، نتنياهو ومبعوثوه، وفي مُقدّمتهم السفير في واشنطن رون ديرمر، يعملون بدون كللٍ في الأسابيع الأخيرة بصورةٍ مُباشرةٍ وبواسطة مندوبين، من أجل دعم ترامب، ولكي يمنعوا إدارته، حسب أقوال ديرمر، من “رمي مياه الحمام مع الأمير”، مُوضحًا، نقلاً عن المصادر عينها، أنّ "إسرائيل" قامت بتوفير درعٍ واقيّةٍ للرئيس الأميركيّ  للدفاع عنه من منتقديه الكثيرين، ديمقراطيون وجمهوريون، الذين يُطالِبون بسياسةٍ مُتشدّدّةٍ أكثر، بما في ذلك عقابٍ شخصيٍّ لإبن سلمان.

المصادر في تل أبيب، بحسب الصحيفة العبرية، توقفّت عند عدم تردّد ترامب في استغلال سمعة "إسرائيل" الجيّدة، أوْ ما بقي منها، من أجل الدفاع عن قراره بعدم إدانة إبن سلمان في جريمة قتل خاشقجي، حيثُ أعلن إنّه لولا السعودية لخضعت "إسرائيل" لأزماتٍ كثيرةٍ، مُضيفًا أنّه ذكر في بيانه اسم "إسرائيل" مرتين: مرّةً من أجل التأكيد على أهمية السعودية في النضال الأميركيّ ضد العدو اللدود إيران، ومرّةً أخرى من أجل الإشارة إلى أنّ واشنطن ستُحافِظ على علاقاتٍ وطيدةٍ مع المملكة من أجل ضمان مصالح أمريكا و"إسرائيل" وباقي الحلفاء في المنطقة.

وطبقًا للمُحلّل، فإنّ استخدام "إسرائيل" كـ”قبّةٍ حديديّةٍ” لقراره غير الشعبي لم يأتِ صدفةً، فهذه كلمة ساحرة، التي يأمل ترامب بمساعدتها بتجنيد مؤيديه الإنجيليين من أجل أنْ يعملوا على تخفيف انتقاد أعضاء الكونغرس الجمهوريين، وعلى رأسهم ليندسي غراهام، الذين لم يألوا جهودهم في توجيه الانتقادات لإبن سلمان وأفعاله.

بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ المُحلّل على أنّ تبريرات نتنياهو ومندوبيه ربمّا تستطيع إرضاء آذان "إسرائيليين" ومؤيدين في اليمين الأميركيّ، ولكن بالمُقابِل، سلوكه في القضية السعوديّة وفي أعقاب القتل في الكنيس ببطسبورغ الأمريكيّة سينضّم إلى لائحة الاتهام الخطيرة والشديدة أصلاً ضدّ نتنياهو الذي بات تأييده للرئيس الأميركيّ المكروه جدًا يعبر برأيهم حدود الضروريّ والمعقول والمقبول، بحسب قوله، مُتابِعًا أنّ تل أبيب تسير الآن على جليدٍ رقيقٍ في علاقاتها مع الديمقراطيين، الذين أعادتهم سيطرتهم على مجلس النواب في الانتخابات الأخيرة إلى مركز القوّة في واشنطن، وقد غابوا عنه في السنتين الأخيرتين منذ انتخاب ترامب، مُشيرًا إلى أنّه بالنسبة لكثيرين من الديمقراطيين، تُعتبر "إسرائيل" دولةً احتلال تتدحرج بالتدريج، ولكن بثباتٍ، إلى معاقل القوميّة المتطرفّة والعرقيّة المركزيّة، المكروهة لديهم والتي تُبعد عنهم المُصّوتين اليهود.

واختتم إنّ استعداد نتنياهو للدفاع بجسده عن إبن سلمان يتناقض مع المُقاربة "الإسرائيليّة التقليديّة" التي تُفضل إخفاء دورها في تحريك السياسة الخارجيّة في واشنطن، وعلى نحوٍ خاصٍّ في القضايا التي من شأنها أنْ تتدهور إلى مُواجهةٍ عسكريّةٍ، وأضاف: "إسرائيل" وممثلوها عملوا بشكلٍ حثيثٍ من أجل دحض ادعاءاتٍ مًبالغ فيها، بأنّ تل أبيب هي التي دفعت أميركا إلى غزو العراق في العام 2003، ولكن إذا تعقّد الوضع في الرياض فإنّ اسم "إسرائيل" ورئيس وزراءها سيتّم نقشهما بحروفٍ مُقدسّة بيضاء على السقوط.

ويُمكِن القول-الفصل إنّ ما كان لن يكون: إبن سلمان، الذي كان “محبوب الغرب” بات شخصيّةً مكروهةً جدًا، وتكفي الإشارة إلى أنّ عضو لجنة القوات المسلحّة في مجلس الشيوخ الأميركيّ، الجمهوريّ ليندسي غراهام، وصفه بأنه “معتوه وغيرُ عقلانيٍّ وكرّةً مُدمرّةً في الشرق الأوسط”. قضية خاشقجي باتت قضية رأيُ عامٍ عالميٍّ، لا يستطيع ترامب، وبطبيعة الحال نتنياهو، أنْ يُنهيانها بصفقةً هنا أوْ هناك، إذْ أنّ الدولة العميقة في واشنطن، لن تسمح لهما بذلك، ناهيك عن إمبراطوريات الإعلام الأميركيّ التي تبنّت القضيّة.