"اسرائيل" تطمئن جمهورها.. الحرب مع حزب الله ليست قريبة

بالعربي: لطالما كانت الحرب عند (إسرائيل) بمثابة العصا التي تهدد بها، لكنها اليوم لم تعد كذلك، إذ أصبحت، على العكس تماماً، تُبادر إلى طمأنة «شعبها» بأنّها لن تُقدم على حرب ضدّ حزب الله. أصحاب القرار هناك، أكثر من سواهم، يعرفون مدى القلق في شارعهم

يندر أن تتصدى (إسرائيل) للتأكيد أنها لن تبادر إلى حرب لأن نتائجها كارثية عليها. تخويف الأعداء من إمكان نشوب الحرب هدف مطلوب لذاته مهما كانت تداعياته، وخاصة أنه يدفع الأعداء إلى التموضع الدفاعي أكثر، والانشغال بالانكفاء عن (إسرائيل)، مع الرهان على إمكان لجم تطوير دفاعاتهم خوفاً من التسبب بحرب.

لذا، أن تبادر (إسرائيل) إلى الطمأنة بأن الحرب مع حزب الله بعيدة وغير واردة، في المدى المنظور، فمسألة تستدعي كثيراً من التأمل. في الأيام القليلة الماضية، أدخلت تل أبيب نفسها وجمهورها في سجال تطور إلى قلق لدى المستوطنين، حول «تطور أمني» كبير جداً، قد تقدم عليه في المدى المنظور، ومن شأنه التسبب بحرب شاملة.

تطور القلق إلى خشية فعلية من أن تكون التلميحات تشير الى إمكان نشوب مواجهة واسعة مع حزب الله شمالاً، وخاصة أن حديث التطور الأمني ساهم فيه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، وإن على خلفية مصالح سياسية ترتبط بمنع سقوط الائتلاف الحكومي بعد استقالة أفيغدور ليبرمان وانسحاب حزبه من الائتلاف.

مساهمة نتنياهو فتحت الباب لتطوير التكهنات، بما يشمل أسوأها مع لبنان، وخاصة أنه أعاد التأكيد على التطور الأمني الكبير جداً أكثر من مرة، بشكل مباشر أو عبر تسريبات.

أضيف إلى ذلك، حديث وزير "إسرائيلي" سابق، غدعون ساعر، الذي طالب بتوجيه «ضربة وقائية» ضدّ حزب الله في لبنان على خلفية ما سماه تطوير ترسانته الصاروخية، مؤكداً أن نافذة الفرص باتت تضيق أمام (إسرائيل)، وإلا فإن مواجهة هذا التطوير لاحقاً ستكون بأثمان لا تحتمل.

تتابعت هذه المواقف وتفاقم تأثيرها، لكن مع استحصال نتنياهو على ما أراد، وتحديداً منع سقوط الائتلاف الحكومي، عمدت الرواية "الإسرائيلية" الموجهة من أعلى إلى تهدئة الأمور والتراجع النسبي عن «التطور الأمني»، وكل ما جرى ربطه مع لبنان، من خلال إعطاء جرعة طمأنة "للإسرائيليين" بأن الأسوأ لن يقع (في مواجهة حزب الله).

كان لافتاً في السياق، قبل السجال "الإسرائيلي" البيني وبعده، مسارعة مواقع إخبارية عربية إلى ترجمة ما يرد عن (إسرائيل) مع جرعات كبيرة من المبالغة، لأهداف باتت مفهومة، في تلقف أي معطى للتأثير السلبي على المقاومة وبيئتها.

وكان التراجع "الإسرائيلي" لافتاً بقدر ما كانت لافتة إثارة القلق الذي سبق. في السياق برز أيضاً مستوى الانصياع بين إعلاميي (إسرائيل) ورقابتهم العسكرية، إلى حد الامتثال المطلق في ما يتعلق بالمسائل الأمنية، وتحديداً ما يتعلق بالساحة الشمالية مع سوريا ولبنان. معلق الشؤون العسكرية في القناة العاشرة العبرية، آلون بن دافيد، أكد في تقرير له أن الرقيب العسكري طلب منه أن يقول إن التطور الأمني لن يفضي إلى حرب ومواجهة واسعة، بخلاف ما جرى الاعتقاد ابتداءً، وإن أقصى ما يمكن أن يحدث هو أيام قتالية لا أكثر. ليعود ويؤكد في اليوم التالي أن «الأمر لا يتعلق بشن هجمات في لبنان، حيث العواقب ستكون سيئة للغاية».