مأساة الروهينغا والسلاح "الإسرائيلي" المشارك فيها

بالعربي: في بورما سبع ولايات غير مسلمة، وفي ولاية أراكان هناك عرقيّتان بوذية ومسلمة، والبوذيون يريدون استقلال هذه المنطقة باسمهم فقط ولا يريدون أن يشاركهم في ذلك غيرهم من المسلمين.

أراكان كانت مملكة مستقلة حتى عام 1784 ثم احتلها ملك بورما البوذي، ومنذ ذلك اليوم المسلمون في معاناة شديدة من سغب وفقر وقمع واغتصاب وحرق للمساجد في حرب دينية بلا هوادة يشنها عليهم البوذيون، ثم جاءها الاستعمار البريطاني، الذي وعد سكانها بالحُكم الذاتي أو الاستقلال، إلا أنه عند الانسحاب ضمّها إلى بورما.

أراكان مازالت عاصمة للحضارة الإسلامية، والرهبان البوذيون المُتشدّدون يخافون من تمدّد الإسلام الحنيف إلى مناطق أخرى وأسلمَة بورما. لكن هذه المخاوف لا تبرّر ما يتعرّض له سكان أراكان.

أسفرت الجرائم المستمرة بحق الروهينغا منذ سنوات، عن لجوء نحو 826 ألفاً إلى بنغلادش، بينهم 656 ألفاً فرّوا منذ 25 أغسطس / آب 2017، وفق الأمم المتحدة. 

إضافة إلى أنه من بين أكثر من ألف مسلم - تم اختيارهم عشوائياً من الروهينغا الذين شملهم المسح في تقرير وزارة الخارجية الأميركية - شهد 82% من هؤلاء اللاجئين عمليات قتل لأقرانهم.
كما شهد 65% بأعينهم عمليات إصابة وضرب لأعضاء في أسرهم و51% شهدوا عنفاً جنسياً ، و45% شهدوا أعمال اغتصاب، فإن أفراد الجيش والشرطة في ميانمار كانوا "يتنقّلون من منزل إلى آخر في راخين (أراكان) بحثاً عن النساء، والفتيات، واغتصابهن علناً".  وفق التقرير.

أشار تقرير بعثة الأمم المتحدة المستقلّة لتقصّي الحقائق في ميانمار الأخير، الذي وثّق «عمليات اغتصاب جماعية وحوادث قتل»، استهدفت حتى الرُّضع والأطفال الصغار، إلى جانب أسلوب الضرب الوحشي والاختفاء على أيدي قوات ميانمار.

وقدَّرت استطلاعاتٌ أجرتها منظَّمة هيومان رايتس ووتش في نوفمبر/تشرين الثاني أنَّ ثلثي النساء ممَّن تعرَّضن للعنف الجنسي في ميانمار لم يبلِّغن السلطات أو مجموعات الإغاثة في بنغلاديش بالأمر.

وتقول منظمة أطباء بلا حدود إنَّها قد عالجت 224 ضحية عنفٍ جنسي حتى تاريخ 25 شباط/فبراير 2018، لكن تقرُّ المنظمَّة أنَّ عدداً أكثر من هذا بكثير لا يسعى للحصول على المساعدة.

لكن المأساة لم تنته عند هذا الحد، بل ينتظر أن يولد الأطفال الذين تكوّنوا في أحشاء أمهاتهم قبل تسعة أشهر جرّاء جرائم الاغتصاب أثناء حملة القمع التي شنَّها جيش ميانمار على الروهينغا. ويحظّر القانون البنغلاديشي الإجهاض بعد الشهور الثلاثة الأولى من الحمل، إضافة إلى خطر تعرّض الحامِل للنزيف ما يشكل خطراً على حياتها، وعليه إن نِسَب الإجهاض تكاد تكون نادرة جداً، فالأمّ الروهينغية تقبل بالجنين الذي يغيض في رحمها والمفروض عليها في نفس الوقت ولكنه في النهاية إبنها.

وقال ناشطٌ سياسي من الروهينغا مُقيم في بنغلاديش، إنَّه على علمٍ بوجود 15 حالة لنساءٍ حملن بعد الاعتداء عليهن جنسياً على يد جنود ميانمار خلال الحملة العسكرية التي بدأت في آب/أغسطس 2017  لكنَّه متأكّد أنَّ عدداً يفوق ذلك لم يوثَّق.

وقدَّرت استطلاعات أجرتها منظَّمة هيومان رايتس ووتش في تشرين الثاني/نوفمبر أنَّ ثلثي النساء ممَّن تعرَّضن للعنف الجنسي في ميانمار لم يبلِّغن السلطات أو مجموعات الإغاثة في بنغلاديش بالأمر.

وفي سياق متّصل وبامتعاضٍ واضحٍ من الفظائع التي ارتكبت، قال المفوض السامي في الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، زيد بن رعد الحسين ل بي بي سي البريطانية، إن زعيمة ميانمار أونغ سان سو تشي كان يجب أن تستقيل بعد حملة الجيش العنيفة على المسلمين من طائفة الروهينغا العام الماضي.

وأضاف أن سو تشي، الفائزة بجائزة نوبل، كان ينبغي لها أن تفكّر في العودة إلى الإقامة الجبرية، بدلاً من تقديم الأعذار عمّا فعله الجيش.

جاءت هذه التصريحات بعد جلسة لمجلس الأمن دعت عدّة دول ، إلى محاكمة القادة العسكريين البورميين أمام القضاء الدولي.

جاءت تصريحات الحسين بعد انتقادات واسعة تعرّضت لها سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام، وذلك جرّاء صمتها إزاء ما تعرّضت له الأقليّة المحرومة من الجنسية البورمية.

وأفاد التقرير الأممي الذي أدان ميانمار بأن سو تشي "لم تستخدم منصبها الممنوح إليها بحُكم الأمر الواقع كرئيسة للحكومة ولا سلطتها المعنوية لمنع أو وقف الأحداث الجارية" في بلادها.

ورغم إقرار المحقّقين بمحدودية نفوذها ونفوذ مسؤولي السلطات المدنية على أفعال المؤسّسة العسكرية، فإنهم أشاروا إلى أنهم "ساهموا عبر أفعالهم وتقصيرهم  في الفظائع التي ارتُكبت".

اتهمت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الحقوقية، بريطانيا بالانسياق وراء رئيسة حكومة ميانمار، أونغ سان سو تشي، وعدم الالتفات إلى "الانتهاكات الفظيعة" التي يرتكبها جيش ميانمار ضد مسلمي الروهينغا في إقليم أراكان في محاولة منه للتغطية على توريد "إسرائيل" للسلاح لها.

ولفت ديفيد ميفام، مدير المنظمة في المملكة المتحدة، الأربعاء، إلى أن رئيسة حكومة ميانمار (الحاصلة على جائزة نوبل للسلام) لم تنطق بكلمة إدانة.

لكن من جهةٍ أخرى، هاجم زعيم المعارضة البريطانية جيرمي كوربن في خطاب نهاية المؤتمر العام لحزب العمال الذي يرأسه رئيسة حكومة ميانمار أونغ سان سوتشي، لمسؤوليتها عما أسماه "التطهير العرقي" في ميانمار .

فحسب الناشط الروهينغي قطب شاه محمّد سعيد ان "إسرائيل" تريد كسب صداقة بورما خاصة في ظلّ علاقتها القوية مع الهند، مشيراً إلى أن البوذيين لديهم المشروع البوذي السرّي الذي يعتقدون على أساسه أنه من أفغانستان إلى أندونيسيا ومن اليابان إلى سريلانكا أرض بوذية ويعملون بالتدريج عليه لتحويل هذه المنطقة إلى عالم بوذي.

فما يعزّز النفوذ "الإسرائيلي" في ميانمار، حقيقة أن قيادة الجيش هناك ما زالت تحتفظ بنفوذ قوّي وحاسِم في البلاد على الرغم من الانتقال للحُكم المدني، منوّها إلى أن الجيش يحتكر ربع عدد أعضاء مجلس النواب ويسيطر على وزارات الدفاع والأمن الداخلي وأمن الحدود.

يبدو أن الانقلاب العسكري الذي وقع في ميانمار عام 1988 وأفضى إلى إسقاط الحكم المدني؛ مثّل نقطة تحوّل فارقة نحو تعزيز العلاقات مع "إسرائيل"، ويشير الموقع إلى أن تقريراً سابقاً أصدرته "شركة الاستخبارات المدنية" (جينس)، نشر عام 1989؛ أظهر أنه في أعقاب فرض الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مقاطعة على الحكام العسكريين لميانمار، التي كان يطلق عليها بورما، فقد كانت "إسرائيل" هي الوحيدة التي واصلت مدّها بالسلاح الذي هدف بشكلٍ أساسي إلى قمع المظاهر الاحتجاجية ضد حكم العسكر.

وأشار موقع "واللا" إلى أن الجنرال أونغ هلينغ، المسؤول الرئيس عن المجازر التي يتعرّض لها الروهينغا، يرتبط بشكلٍ خاص بعلاقاتٍ وثيقةٍ بالمؤسّسة الأمنية "الإسرائيلية"، حيث قام في العام 2015 بزيارة رسمية لـ"اسرائيل"، التي حاولت إخفاء حدوث الزيارة والتعتيم عليها خشية الوقوع في حَرَج مع المجتمع الدولي، إلا أن "هلاينغ" كشف عن الزيارة في صفحته على "فيس بوك"، وأشار إلى أنه وقّع عقوداً لشراء سلاح من "إسرائيل"، وتدريب لقواته فيها.