استقالة هايلي المفاجئة تطلق سيلا من التكهنات

بالعربي: أثارت الاستقالة المفاجئة لمندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، يوم أمس الثلاثاء، موجة من الشائعات والتقديرات. وبحسب التقارير الأميركية فإن استقالتها تمت خلال وقت قصير جدا، واقتصرت على لقاء شخصي جمع هايلي مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بدون أي تدخل المستشار للأمن القومي، جون بولتون، أو وزير الخارجية مايك بومبيو، ودون أن يسبق ذلك أي مقدمات أو تسريبات.

وتنشغل وسائل الإعلام الأميركية، حاليا، بالأسباب والظروف التي دفعتها للاستقالة، إضافة إلى المرشحين المحتملين للمنصب، وبضمنهم إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس الأميركي.

ونقلت شبكة "CNN" عن مسؤول أميركي قوله إن هايلي أبلغت طاقمها باستقالتها صباح الثلاثاء، قبل ساعات معدودة من الإعلان الرسمي من قبل البيت الأبيض.

وفي هذا السياق، قالت قناة "شركة الأخبار" الإسرائيلية" أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ومندوب "إسرائيل" في الأمم المتحدة، داني دانون، لم يكونا يعرفان شيئا عن استقالتها.

وبدأت الإدارة الأميركية بفحص المرشحين المحتملين للمنصب. وفي رده على أسئلة صحافيين، الليلة الفائتة، ذكر ترامب مرشحة مفاجئة وهي ابنته، بادعاء أنها الأنسب، مضيفا في الوقت نفسه أن ذلك لا يعني أنه سيختارها خشية اتهامه بتفضيل الأقارب.

وفي المقابل، نفت إيفانكا نيتها المنافسة على المنصب، وأكدت أن الرئيس سيختار أحد المؤشحين الجديرين، وأنها لن تكون ضمنهم.

وبالنظر إلى حقيقة أن هايلي تمكنت من الحفاظ على علاقة جيدة بترامب، فإن استقالتها المفاجئة دفعت وسائل الإعلام الأميركية إلى استعراض عدة أسباب محتملة لذلك.

أولها أنه من الناحية المهنية، فإن الاختلاف في التوجهات لدى المستشار الجديد (بولتون) لترامب ووزير الخارجية (بومبيو) من شأنه أن يدفع هايلي إلى خارج الإدارة الأميركية، حيث أنهما يتنبيان مواقف صارمة ومتشددة بكل ما يتصل بالسياسة الخارجية.

وفي المقابل، فإن هايلي عبرت دائما عن مواقف "معتدلة" (نسبيا) في المباحثات الداخلية في الإدارة الأميركية، رغم التوجه الحاد والمتشدد الذي اعتمدته في الأمم المتحدة.

وبالنتيجة ليس من المستبعد أن تكون هايلي قد قررت الاستقالة في الظروف المريحة بالنسبة لها قبل احتداد خلافات جوهرية في الرأي مع تصاعد شأن النجمين الجديدين في إدارة ترامب.

أما الاحتمال الثاني فهو يتركز في الشؤون الشخصية والمالية لهايلي، حيث أشار تقرير الضرائب للعام 2018 إلى دين بقيمة 65 ألف دولار في بطاقة الاعتماد الخاصة بها، كما تسدد بشكل ثابت قرضا سكنيا ضخما، ويبدو أن راتبها لم يكن يكفي لتغطية احتياجاتها.

ولم تستبعد التقديرات أن تكون هايلي قد استجابت لإغراءات مالية في الحصول على راتب عال في القطاع الخاص، حيث تحدثت تقارير عن إمكانية حصولها على وظيفة تضمن لها دخلا بمبلغ يتألف من 7 منازل (أكثر من مليون دولار).

كما تواجه هايلي إمكانية توجيه اتهام لها وإخضاعها للتحقيق، وذلك بعد أن أعلنت هيئة مراقبة في واشنطن، مؤخرا، أن لديها معلومات تشير إلى حصولها على اميتازات وهدايا من رجل أعمال من كارولاينا الجنوبية، بضمنها السفر عدة مرات بطائرات خاصة.

أما الاحتمال الثالث فهو يستند إلى شائعة مفادها أن هايلي تنوي ترشيح نفسها في إحدى المعارك الانتخابية القريبة. ورغم نفيها الجارف، في مؤتمر صحفي عقدته مع الرئيس الأميركي، إلا أن تقارير أميركية تحدثت عن رغبتها في وظيفة في البيت الأبيض. وبحسبها فإنها تنوي المشاركة في حملة ترامب للانتخابات القادمة عام 2020.

ينضاف إلى ذلك أنه ليس من المستبعد أن هايلي ستبدأ حملتها للانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة في العام 2024، وفي تقديرات أخرى معركة الرئاسة عام 2020، خاصة وأن ابتعادها عن واشنطن، بحكم وجود مركز عملها في نيويورك، ساهم في حماية موقعها، إذ أبقاها بعيدة عن الصراعات الداخلية في الإدارة والبيت الأبيض، علاوة على رصيدها القوي في صفوف الجمهوريين والمحافظين، فهي تعتبر من أبرز رموزهم السياسية في الجنوب الأميركي الذي يعتبر ركيزة قوتهم الانتخابية.

ومن الأسباب المتداولة كذلك أن هايلي أرادت الابتعاد مبكرا عن البيت الأبيض قبل صدور تقرير التحقيقات الروسية، الذي قد يخلق تحديات ومتاعب كبيرة لرئاسة ترامب.

وألمحت تقارير أخرى إلى التباين في المواقف، وخلافات مع البيت الأبيض، بدات في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عندما أكدت وجوب حفظ حق المرأة في عرض قضيتها عندما تتعرض لمضايقات وتحرشات غير لائقة، وكانت بذلك تتحدث عن الممثلة ستورمي دانيال، التي رفعت شكوى ضد ترامب يعود موضوعها إلى علاقة سابقة مزعومة لها معه، ما أثار استياء البيت الأبيض، الذي رد عليها آنذاك بملاحظة قاسية ردت هي عليها بالمثل.

وعاد هذا التوتر وتجدد خلال معركة القاضي بريت كافانو أخيرا، عندما جددت هايلي تأكيدها حق المرأة في طرح قصتها وفضح أي اعتداء عليها، في موقف بدأ كأنه دعم للسيدة التي اتهمت كافانو بمحاولة الاعتداء عليها، الأمر الذي حمل البيت الأبيض، بحسب هذه الرواية، على الإيعاز بضرورة استقالتها، لكن بعد الانتخابات في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، فكان ردها خلافاً لهذه الرغبة بإعلان الاستقالة، وبصورة خطفت الأضواء عن الانتصار الذي حققه الرئيس مع الجمهوريين بتنصيب كافانو في المحكمة العليا التي باشر مهامه فيها.