ضباط الاحتلال يشعرون بالقلق من أنّ مُقاتلي حزب الله.. "أصبحوا أكثر خبرةً بالحرب من جنودنا"

بالعربي: ما زالت مفاعيل التقرير السريّ، الذي قام بإعداده أمين المظالم السابق في جيش الاحتلال الجنرال في الاحتياط يتسحاق بريك بشأن عدم جاهزية جيش الاحتلال لخوض معركةٍ واسعة النطاق، تُثير غضبًا عارِمًا في إسرائيل، الأمر الذي استدعى الدعوة إلى تشكيل لجنةٍ تحقيقٍ خارجيّةٍ.

وبحسب وسائل الإعلام العبريّة، فبينما رفض كبار القضاة تلك الاستنتاجات بشدّةٍ مصرّين على أنّ الجيش الإسرائيليّ في شبه ذروة حالة استعداده، فإنّ المدقق السابق لوزارة الأمن للاحتلال قد تحدّث عن دعمٍ للعديد من آراء الجنرال بريك.

وقد قام رئيس أركان الجيش، الجنرال غادي آيزنكوت، بتشكيل لجنةٍ لفحص التقرير، لكن هذه الخطوة أثارت أيضًا انتقادات حيث إنّ أعضاء اللجنة من داخل الجيش. فلماذا لا يتفق الجنرالات؟.

وبحسب المُحلّل ألون بن دافيد، من صحيفة (معاريف) والقناة العاشرة في التلفزيون العبريّ، يدعم كلا الجانبين مزاعمهما بالأرقام والأدلة السرديّة، ويشير الموظفون العّامون للجيش إلى زيادةٍ في تدريبات إطلاق النار الحيّة خلال السنوات الأخيرة، واقتناء الأسلحة والمعدات الجديدة.

في المقابل، يُشير المنتقدون إلى قِدَمْ المعدات بمستودعات الطوارئ، ووجود ضباط شبان يتذمرون من التدريبات التي تتعطل بسبب التوتّر على الجبهة الفلسطينيّة، وتحديدًا حشد القوّات العسكريّة "الإسرائيليّة" على الشريط الحدوديّ مع قطاع غزّة، بأمرٍ مُباشرٍ من وزير الأمن المُتشدّد، أفيغدور ليبرمان، الذي أعلن عن دعمه للجنرال آيزنكوط.

ووفق التقرير فإنّ العدو الرئيسيّ لكيان الاحتلال هو تنظيم حزب الله اللبنانيّ، الذي يمتلك ترسانةً إيرانيّةً أكبر من ترسانة العديد من الدول، ومن بينها العديد من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسيّ (الناتو)، كما أكّد وزير الأمن ليبرمان، وبحسب المصادر الأمنيّة في تل أبيب، فقد انخرط الحزب بعمقٍ في الحرب السوريّة على مدى السنوات السبع الماضية، الأمر الذي أكسبه خبرةً قتاليّةً عاليّة جدًا، خصوصًا وأنّه حارب جنبًا إلى جنب مع القوّات الروسيّة.

وحيال ذلك، شدّدّت المصادر الأمنيّة في تل أبيب، يشعر الضباط "الإسرائيليون" بالقلق من أنّ مقاتلي الحزب اللبنانيّ أصبحوا الآن أكثر خبرة في الحرب من جنودهم.

ولكنّ المصادر ذاتها، استدركت قائلةً إنّ القلق الأعمق أنّه إذا ما دُعيت قوّات الاحتلال البريّة لخوض حربٍ شاملةٍ أخرى ضد حزب الله بلبنان، فإنّ تشكيلاتها المنتظمة والاحتياطية ستفتقر لأحدث ما يُمكِن للفوز به في وقتٍ مُبكرٍ ضدّ عدوٍّ أصغر، وهو ما سيجر الألوية المدرعة إلى حرب استنزافٍ دمويّةٍ، كما أكّدت المصادر.

ويتبيّن من النشر في وسائل الإعلام العبريّة أنّ جيش الاحتلال يعمل كلّ ما في وسعه من أجل عدم الدخول في حربٍ بريّةٍ مع تنظيماتٍ مثل حزب الله وحماس، والتي تتبنّى حرب العصابات، ذلك لأنّه من المعروف تاريخيًا بأنّ الجيش النظاميّ يجد صعوبةً بالِغةً في مُواجهة التنظيمات التي تعتمد على حرب العصابات، وهو ما جرى لجيش الاحتلال في حرب لبنان الثانيّة بصيف العام 2006، كما قالت المصادر في تل أبيب.

ومن ثمّ عاد السيناريو عينه في العدوان البربريّ على غزّة، في صيف العام 2014، وتحديدًا في المعركة التي جرت في حيّ الشجاعيّة بغزّة، والتي أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من قوّات لواء “غولاني”، الذي يُعتبر في جيش الاحتلال من أقوى الوحدات، ولكنّه في المحصلّة العامّة هُزِم لأنّ التنظيمات الفلسطينيّة اعتمدت حرب العصابات، في الحرب التي استمرّت 51 يومًا، رغم عدم التكافؤ في القوّة والفرص.

عُلاوةً على ما ذُكر آنفًا، فبحسب المُحلّل للشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) عاموس هارئيل، ما زال سلاح البريّة يُعاني من عدّة مشاكل تجعله يرى في العمليات البريّة كابوسًا يُحاوِل كلّ مرّةٍ تفاديه، خشيةً من الخسائر، على حدّ تعبيره.

ونقل المُحلّل، المعروف بصلاته الوطيدة مع المؤسسة الأمنيّة، نقل عن مصادره في تل أبيب قولها إنّ العدوان على غزّة في العام 2014 كشف حدود قدرة سلاح البر، وكان الحلقة الأخيرة حتى الآن في سلسلة مخيّبة للأمل بدأت مع حرب لبنان الثانية في سنة 2006، إنْ لم تكن بدأت قبل ذلك، مُوضحًا أنّه بعد الفشل في لبنان وخيبة الأمل، أعلن جيش الاحتلال القيام بعمليات إصلاحٍ واسعةٍ، وعادت الوحدات إلى التدرّب بصورة أكثر جديّةً، وحصل جيش الاحتياط على عتادٍ جديدٍ.

لكنّ المصادر الأمنيّة في تل أبيب، بحسب المُحلّل هارئيل، استدركت قائلةً، إنّ التغيير لم يكن عميقًا بما فيه الكفاية، فقد ظلّ سلاح البر في مرتبةٍ أدنى في سلّم أولويات الجيش، وبقي المستوى السياسي يُشكك في القدرة على القيام بمناورةٍ بريّةٍ في عمق أراضي العدو في أثناء الحرب، على حدّ قولها.

المصدر رأي اليوم