ترامب يرتكِب أكبر حماقَة استراتيجيّةٍ في التاريخ

بالعربي: تَكْسِر إدارة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب قواعِدَ راسِخةً في الاستراتيجيّة الأمريكيّة بفَرضِ عُقوباتً اقتصاديّةً على كُل من الصِّين وروسيا في آنٍ واحِد، الأمر الذي سيَؤدِّي حَتمًا إلى تَقارُبِهِما أكثَر فأكثَر، والوُقوف في خندقٍ واحِد ضِدّها، أي الوِلايات المتحدة الأمريكيّة.

هَذهِ الاستراتيجيّة التي وَضَع أُسُسَها الرئيس الأمريكيّ ريتشارد نيكسون، عبر هنري كيسنجر، مُستشار الأمن القوميّ وزير الخارجيّة الأسبَق، قامَت أثناء الحرب البارِدَة، وأبرَز بُنودها فَصْل الصِّين عن الاتِّحاد السوفييتي مِن خِلال التَّقارُب معها، ودَعْمِها اقتصاديًّا وسِياسيًّا وتَعزيزِ عُضويّتها في الأُمم المتحدة ومَجلِس أمْنِها.

يوم الجمعة، نَدَّدت موسكو وبكّين سُويًّا بفَرضِ واشنطن عُقوباتً جديدةً عليهما، بسَبب شِراء الصِّين أسلحةً روسيّةً مِثل طائِرات “سوخوي 35” المُتطوِّرة وصواريخ أرض جو “إس 400”.

إدارة الرئيس ترامب تَرى في هَذهِ الخُطوة الصينيّة تَهديدًا لصِناعَتها العسكريّة، وتَقديم دعاية على دَرجةٍ كبيرةٍ من الأهميّة لنَظيرتها الروسيّة، الأمر الذي أثارَ قلقها وغَضَبها في الوَقتِ نَفسِه.

إدارة ترامب اتَّخَذت قرارًا “غبيًّا” بإعلانِ حَربٍ اقتصاديّةٍ على الصِّين، وفَرضِ ضرائِب على وارِداتٍ صينيّة قيمَتها حواليّ 200 مليار دولار مُعظَمها من الشَّرائِح والبَضائِع التَّقنِيّة، ومِن المُتَوقَّع أن تَفرِض دُفعةً جَديدةً مِن الرُّسوم الجُمركيّة على ما قيمته 300 مِليار دولار في المُستَقبل المَنظور.

الصِّين ردَّت الصَّاع صاعَين، وفرَضَت رُسومًا جُمركيّةً على سِلَعٍ أمريكيّةٍ تَستورِدها بقيمة 60 مِليار دولار، وهدَّدت باتِّخاذِ إجراءاتٍ مُماثِلةٍ في المُستَقبل.

الصِّين وروسيا اللَّتان تُعارِضان الهَيمَنة الأمريكيّة على مُقدَّرات العالم، وكذلِك الحَرب التِّجاريّة الأمريكيّة شارَكَتا الأُسبوع الماضِي في مُناوراتٍ عسكريّةٍ مُشتَركةٍ هِي الأضخَم في التَّاريخ، شارَك فيها 300 ألف ضابِط وجُندي وألف طائِرة و70 سفينة حربيّة، وآلاف الدَّبّابات والمُدرَّعات.

كان سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجيّة الروسي مُحِقًّا عندما اتَّهَم الإدارة الأمريكيّة باستخدامِ هَذهِ العُقوبات على أمَل إخراجِ روسيا مِن سُوق السِّلاح، وأضاف بأنّ واشنطن “تَلعَب بالنَّار”.

نعم.. الرئيس ترامب يَلعَب بالنَّار، ويَفرِض عُقوبات ويَخوض حَربًا تِجاريّةً تَستهدِف نِصف العالم، ولا يُفَرِّق بين عَدوٍّ وصَديق، حيث تتساوَى بالنِّسبةِ إليه كندا ودُوَل الاتِّحاد الأُوروبيّ مع الصِّين وروسيا وإيران، هَل هُناكَ غباءٌ استراتيجيٌّ أكبَرُ مِن هذا؟.

المصدر: “رأي اليوم”