هل ينفذ ترامب وعده بالخروج من سوريا في الوقت القريب

بالعربي: الأحداث التي جرت مؤخراً وتحديداً خلال اليومين الماضيين لم تكن لتوحي بأن الأوضاع في سورية ستكون مستقرة أبداً خلال الفترة القادمة وعناصر عدم الاستقرار واستمرارالحرب والتأخر في التعامل مع ما تبقى من عصابات وتنظيمات إرهابية، هو عدم تخلي بعض القوى الإقليمية والدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة عن دعمها لهذه المجموعات الإرهابية، لابل قيام هذه الدول بتنفيذ الاعتداءات بنفسها على سورية وحلفائها مازاد الوضع تعقيداً.

اليوم في ظل هذه المتغيرات التي وضعت الجميع على حافة المواجهة الشاملة يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرة جديدة عن قرار قريب للخروج من سورية بعد القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي، جاء هذا التصريح المعاكس للسلوك الأمريكي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس البولندي أنجي دودا في واشنطن اليوم الثلاثاء حيث قال: "لقد قمنا بعمل هائل في سوريا ومنطقة القضاء على "داعش"، وهذا هو سبب وجودنا هناك، نحن قريبون جداً من الانتهاء من هذا العمل، ثم سنقرر عما سنفعله"، مؤكدا: "سنتخذ القرار بسرعة".
ماهي مدى جدية تصريحات الرئيس ترامب الذي عودنا على إطلاق تصريحات مماثلة دون أن يلتزم بأي منها عندما يتعارض ذلك مع مصالح الولايات المتحدة؟

هل هذا القرار قرار ترامب فقط أم أنه قرار أمريكي اجتمعت عليه الإدارة الأمريكية التي أقرت ولو ضمناً أنه لا مستقبل لخططها في سورية؟

هل يأتي هذا التصريح في إطار تهدئة الأوضاع مع الروسي الذي تعرض لإعتداء يوم أمس عندما أسقطت طائرة إيليوشين قبالة السواحل السورية، أم أنه تطبيق للاتفاقات السرية مع الروسي التي جرى تسريبها مؤخراً؟

مالذي يمكن أن يقدمه الخروج الأمريكي من سورية لجهة تدعيم المسار السياسي وإنهاء الحرب، والقضاءعلى ما تبقى من الإرهابيين؟

هل يمكن أن يكون هذا التصريح فخ جديد تنصبه الولايات المتحدة لتحقيق غاية ما وماهي؟

قد يعتبر هذا الأمر من جهة تماهيا مع الاتفاقات الأمريكية الروسية، لكن من جهة أخرى نرى أن واشنطن أدرجت روسيا والصين، في قائمة التهديدات الرئيسية في استراتيجيتها الجديدة للأمن السبراني، نظراً لتعرض الولايات المتحدة "لمخاطر وشيكة وغير مقبولة" بسبب "نشاطات سبرانية ضارة كما تزعم،  كيف نقرأ هذا التناقض؟

الباحث في العلاقات الدولية الدكتور باسل الحاج جاسم يقول "في الحقيقة كل مايكتبه الرئيس الأمريكي ترامب على تويتر ينفذه لو بعد حين ، وفي هذا السياق أود الإشارة هنا إلى ماذكره ترامب حول عدم بقاء الأمريكيين داخل الأراضي السورية ،  ومن هنا نرى أن تغريدة الرئيس ترامب بهذا الخصوص هي الأصدق ، وهي التي تعبر عن مايدور في عقله ،عندما ذكر قائلاً:  إننا لن نبقى في سورية ، وحدد فترة زمنية لبضعة أشهر ، صحيح بعد ذلك صدرت  بعض التصريحات عن مؤسسات أمريكية أخرى بأنهم مستمرون بالبقاء في سوريا ، وربطوا ذلك بأسباب أخرى ، إلا أن تغريدة الرئيس ترامب بخصوص الخروج من سورية هي التعبير الحقيقي عم ما يدورر في خلد ترامب ".

وأردف الحاج جاسم "نحن في عهد مختلف عن كل عهود الرؤساء الأمريكيين السابقين ، اليوم الرئيس ترامب المتحدة يتصرف كرئيس غير عادي ، ربما كل ما يراه في مصلحة ما يتعامل معه على أساس أنه رجل بزنيس ،فيقوم رجل الأعمال ترامب بتنفيذه ، وهناك تناقض بين  ما يريده ترامب و ما تصرح به مؤسسات أخرى ، إلا أنه يبدو في كثير من  الأحيان أن الأمر يعود له ، وعلى سبيل المثال صفقة  فيما يخص الملف النووي الإيراني ، فقد رأينا أن مؤسسات أمريكية كانت تؤكد بأنه لابد من الإتفاق ، والحلفاء الأوربين أيضا كان لهم نفس النظرة، ومع 1لك رأينا أن الرئيس ترامب نفذ ماتحدث به خلال حملته الإنتخابية وماغرد به على تويتر ،  وهذا الأمر ينطبق تماماً على سورية ، غرد بأنه لن يبقى في سورية وهذه التغريدة هي الأصدق وهي تعبير فعلي عن مايفكر به ويدور في عقله حول البقاء في سورية ".

وأشار الحاج جاسم إلى أن "تغريدة ترامب الأولى كانت قبل عدة أشهر ، ونحن لانستطيع ربط كل مواقف ترامب مع بعضها البعض ، صحيح أن تغريداته أحيانا تظهر مخالفة لكل التوقعات لكن من الصعب القول أن ترامب خلال ساعات يمكن أن يغير موقف إستراتيجي ، وخاصة بما يخص ماجرى أول أمس في سورية وإسقاط الطائرة الروسية ، فقد عبر عن أسفه لهذا الحادث ، ولفت النظر إلى أنهم ، الأمريكان يقصد،  لابد أن ينهو المهمة التي أتو من أجلها إلى سورية وهي القضاء على تنظيم "داعش"  الإرهابي ، ومن هنا نلاحظ  أن وجود منظامات إرهابية على المستوى الدولي متلازمة مع إستمرار التدخلات الأمريكية وعدم وجود أي منظمة إرهابية يعني لايوجد  أي مبرر للتواجد الأمريكي ،  ومن هذه الزاوية ربما نجد أن التوافق الروسي التركي هام بإعتبار أن الكثير من مشاريع أمريكا مؤخراً ولاسيما في سورية باتت تهدد المصالح القومية العليا لموسكو وأنقرة ، وهنا وجدنا ربما ففي شق من إتفاق سوتشي الأخير بين الزعيمين الروسي والتركي للقيام بعملية عسكرية مشتركة لضرب التنظيمات المصنفة على قوائم الإرهاب الدولي وأحد بنود الإتفاق هي نزع وجود أي مبرر للتواجد الأمريكي على الأرض السورية".

وأضاف الحاج جاسم "واشنطن لايعنيها أي من الطرفين السوريين المتصارعين ولاتعنيها محادثات جنيف، ولامحادثات أستانا ولو كانت يعنيها الطرفين السورية لكانت دخلت كطرف ضامن في محادثات أستانا عندما إجتمعت الأطراف صاحبة الكلمة على الأرض السورية ، واشنطن إلتزمت بأن تكون مراقب يعني المتفرج، مع أن لها نفوذ بدعمها الإمتداد السوري لحزب العمال الكردستناني المصنف إرهابياً في تركيا والناتو،أيضا لابد أن نلاحظ العملية العسكرية التركية الأولى التي أطلق عليها إسم عملية "درع الفرات" كانت ضد المشروع الأمريكي الذي يهدف إلى تمزيق وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية ، ومن هنا نجد أن العملية المشتركة الروسية التركية قد تساهم في الحفاظ على وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية ، وهو عامل آخر لإيقاف المشروع الأمريكي ونستطيع القول أن إتفاقات أستانا كانت ضد هذا المشروع وأوقفته حتى الآن ".