بعدما حبلت "إسرائيل" وولدت معارضة مسلحة

بالعربي: لدى “إسرائيل” مشكلة معقدة جدا مع دمشق، لكنها في هذا السياق، تحب أن تستخدم صيغة تطرب لها آذان الجماعات المتشددة التي تمتهن الشؤون السياسية في الشرق الأوسط منذ أواسط القرن الماضي لتعبيد الطريق أمام تكريس الوجود "الإسرائيلي"، فحاولت في ثمانينات القرن الماضي أن تزف خبرا مفرحا ترقص عليه تل أبيب ولم تفلح، وعادت جماعة الإخوان المسلمين خالية اليدين من المهر الذي طلبته “إسرائيل” منها كي تنصبها في “قائمقامية” التمدد الأميركي في المنطقة، بدعم وإفتاء من السعودية آنذاك.

لم تقتنع تل أبيب بالخيبة وعادت لتكرار التجربة بعد إعادة تدويرها بقوالب جديدة، تعترف “إسرائيل” مطلقاً بأن مشكلتها مع دمشق والدولة السورية لا تعكر مزاجها وحسب بل تقض مضجعها.

فيما كانت تستطيع التحدث عن دول عربية كبيرة بأكملها وكأنها كالخاتم في خنصرها، لذلك أعلنت ودون مواربة أنه لن يكون لديها أي مشكلة مع كل تلك التنظيمات التي ستعادي دمشق وتفتح عليها النار، بل، إن تل أبيب كما أثبتت الوقائع فيما بعد، قدمت كل الخدمات اللازمة لتأمين تلك التنظيمات والجماعات وامدادها بما يلزم لأجل هذه المهمة إلى حين أن وضع #الجيش السوري حدا لذلك المشروع في الجنوب السوري في وقت سابق من صيف هذا العام.

المشكلة ليست فقط في السلاح الذي تم توجيه فوهاته إلى دمشق، بل في عمليات الدعاية التي تسعى تل أبيب لترسيخها كطريقة تفكير لدى الجيوب التي حفرتها مستغلة ضبابية “الربيع العربي” الذي كان رقيقاً إلى حد لم ينجح فيه إلا بلم شمل المتشددين والتكفيريين تحت عباءته التي أخيطت على الماكينات الأميركية في ليال يقال أنها كانت طويلة، باعتراف مسؤولين أميركيين، بغرض الوصول إلى دمشق وجعلها تدفع ثمن كل تلك السنين التي وقفت خلالها في وجه “إسرائيل” ومحي فلسطين عن الخريطة الشرق أوسطية، وجعلها مجرد قرية أو ضيعة ضائعة وسط مستوطنات كثيفة.

في الإطار ذاته، سحبت “إسرائيل” خوذها البيضاء من الجنوب ودفعت بهم من الشمال، وقدمت لقرائها تاريخيا مزيفا بالرغم من أنه ما زال طازجا، وحتى قبل أن ينضج الحدث كما يجري في إدلب الآن، وهي تبحث في كومات القش التي بقيت لها من مشروعها المحترق، على أي إبرة تستطيع من خلالها أن توخز دمشق التي كانت تتمنى لو أنها تستطيع ضربها في نخاعها الشوكي وعجزت، ولكنها مصرة، أي “إسرائيل” على الحفاظ على مكتسباتها في الحرب على سورية التي تظهر بصورة التنظيمات المسلحة والمعارضة المسلحة التي تلعب على حبلي الإخوانية والوهابية التكفيرية، على أملها في ألا تهدأ الجبهة على سورية.

حبلت “إسرائيل” سفاحاً من الزوج الإخواني والزوج الوهابي التكفيري وولدت المعارضة المسلحة وأطلقت عليها تسميات يتطلبها الموقف، وإن كان بغير لغة تحكيها هي، وأطلقت مواليد السفاح هذا في الأرض السورية كي تحرقها وجعلت من بين مدلليها من مواليد السفاح "الإسرائيلي" هذا، تنظيمات مسلحة، كالخوذ البيضاء التي ما زالت تعتقد بغباء مضطرة إليه أنه الحصان الأسود الذي سيدخلها إلى مساحات الأرض المغلقة التي تحلم بها، هذه الرواية يستطيع أن يعرفها الجميع لأن “إسرائيل” نفسها لا تنكرها، ولا تنكر علاقة أمومتها بهم، أما عن أنه لماذا لم تعد “إسرائيل” تعمل بالخفاء فلذلك رواية أخرى.