تل أبيب تشكك بقدرة سلاح البرية على مواجهة حزب الله وحماس!

بالعربي: منذ قيام "إسرائيل" في العام 1948 كانت العقيدة القتاليّة لجيش الاحتلال، وما زالت، تعتمد على تفوّق سلاح الجوّ على جميع الجيوش العربيّة مُجتمعةً، وفي عدوان حزيران (يونيو) من العام 1967، المعروف عربيًا بالـ”نكسة”، حُسِمت المعركة لصالح كيان الاحتلال ضدّ مصر وسوريّة والأردن خلال ستّة أيّامٍ، بفضل التفوّق النوعيّ والكميّ للمُقاتلات "الإسرائيليّة".

ويبدو أنّ قادة تل أبيب منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا اعتمدوا قولاً وفعلاً مقولة رئيس وزراء الاحتلال الأسبق، يتسحاق شامير، بأنّ العرب هم نفس العرب، والبحر هو نفس البحر، ولم يعملوا على تطوير سلاح البريّة، لمُواجهة التحدّيات الجديدة التي طفت بقوّةٍ على السطح، وتحديدًا سطوع نجم التنظيمات العربيّة العسكريّة التي هي ليست دولاً، كما تُعرّف في القاموس العسكريّ، وفي مُقدّمتها حزب الله اللبنانيّ، وحركة حماس، وباقي التنظيمات الفلسطينيّة ذلك أنّه من المُسلّمات المعروفة أنّ سلاح الجوّ في جيشٍ نظاميٍّ لا يُمكنه حسم المعركة مع تنظيماتٍ تقود حرب عصاباتٍ.

الأمر الذي أدخل "إسرائيل" إلى حالةٍ من الصدمة النفسيّة، أوْ رهاب القتال برًا ضدّ هذه التنظيمات، التي ألحقت بها الأضرار الماديّة والبشريّة على حدٍّ سواء، كما أنّه بحسب المُحلّل للشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبرية عاموس هارئيل، ما زال سلاح البريّة "الإسرائيليّ" يُعاني من عدّة مشاكل تجعله يرى في العمليات البريّة كابوسًا يُحاوِل كلّ مرّةٍ تفاديه، خشيةً من الخسائر، على حدّ تعبيره.

وتابع قائلاً إنّه عندما تسلم الجنرال غادي أيزنكوت منصبه في رئاسة الأركان في شباط (فبراير) 2015، وجد سلاح البر في وضع سيء جدًا، ولأنه كان نائباً لرئيس الأركان بني غانتس في عملية “الجرف الصامد”، يبدو أنّه لم يفاجأ، والانتقادات التي تجرأ القلائل في رئاسة الأركان على توجيهها في نهاية القتال في تلك العملية، تحولّت خلال أشهر معدودة إلى إجماع تقريبًا: في “الجرف الصامد” فشل الجيش في القضاء على إطلاق الصواريخ والراجمات من القطاع، لم يكن لدى سلاح الجو معلومات استخباراتية دقيقة عن أهداف “حماس″، مستوى الجهوزية لدى الوحدات للقيام بالمهمات وفي طليعتها معالجة الأنفاق التي زادت أهميتها خلال القتال، كانت منخفضة جدًا، واستخدام القوات البريّة في القتال عانى نقصًا في الابتكار وفي التفكير.

وشدّدّ المُحلّل على أنّه في الوثيقة التي وُزعت على الجيش بعد شهر على تعيين أيزنكوت، وقبيل بلورة خطة “جدعون” المتعددة السنوات، كتب رئيس الأركان الجديد: مطلوب تغيير عميق في الجيش للقيام بمهماته. ورأى، كما جاء في التحليل، الذي نقلته إلى العربيّة “مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة، التي تتخّذ من بيروت مقرًا لها، رأى أن مشكلات جيش الاحتلال لا تتلخص في مسألتَي القيادة والقيم، بل تعكس أزمةً مهنيّةً في سلاح البر، ووجد، أيْ آيزنكوت، أنّ الجيش بات بدينًا في الأماكن غير الصحيحة في العقد الأخير بعد حرب لبنان الثانية، وأصبح جيشًا كبيرًا لا يُركّز على مهماته الأساسية، ولا يقوم بالتغييرات الهيكلية المطلوبة.

ونقل المُحلّل، المعروف بصلاته الوطيدة مع المؤسسة الأمنيّة، نقل عن مصادره في تل أبيب قولها إنّ العدوان على غزّة في العام 2014 كشف حدود قدرة سلاح البر، وكان الحلقة الأخيرة حتى الآن في سلسلة مخيّبة للأمل بدأت مع حرب لبنان الثانية في سنة 2006، إنْ لم تكن بدأت قبل ذلك، مُوضحًا أنّه بعد الفشل في لبنان وخيبة الأمل، أعلن جيش الاحتلال القيام بعمليات إصلاحٍ واسعةٍ، وعادت الوحدات إلى التدرّب بصورة أكثر جديّةً، وحصل جيش الاحتياط على عتادٍ جديدٍ.

لكن التغيير، أكّدت المصادر عينها، لم يكن عميقًا بما فيه الكفاية: ظلّ سلاح البر في مرتبة أدنى في سلّم أولويات الجيش، وظلّ المستوى السياسي يُشكك في القدرة على القيام بمناورةٍ بريّةٍ في عمق أراضي العدو في أثناء الحرب.

وبرز هذا الأمر في العمليات الثلاث التي قام بها جيش الاحتلال منذ ذلك الحين في قطاع غزة: في عملية “الرصاص المسبوك” (2008) جرى فقط عملية برية رمزية، هدفها الأساسي أنْ تثبت للعدو، وأيضًا للجمهور "الإسرائيليّ" في الداخل، أنّ الجيش استعاد عافيته بعد صدمة لبنان، في العملية التالية “عمود سحاب” (2012)، جرى تعبئة أعداد كبيرة من الاحتياطيين، لكنّ "إسرائيل" سعت لوقف إطلاق النار بعد مضي أسبوع من الهجمات الجوية، وفي عملية “الجرف الصامد” (2014) اقتصرت مهمة الجيش على مواجهات مع الأنفاق الهجومية على مسافة لا تتعدى 1.5 كم في عمق أراضي غزة.

ونقل المُحلّل عن النائب عوفر شيلح، من لجنة الخارجيّة والأمن قوله إن نتنياهو قدّم قائمة مشتريات لا تتطابق مع القدرات الحقيقيّة، كما أنّ الأموال الباهظة التي ستُوظّف فيها ستمنع إغلاق الفجوات التي بقيت في قدرات سلاح البرّ، وسنجد أنفسنا من دون قدرة على الحسم، قال شيلح.

المصدر: راي اليوم