الإجراءات الأميركية قد تشعل الأوضاع في الضفة والقطاع

بالعربي: تحذر الأجهزة الأمنية  للاحتلال المستويات السياسية من تبعات الخطوات الأخيرة التي تقوم بها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تجاه الفلسطينيين، وخاصة القدس وقضية اللاجئين وحق العودة، وذلك بدافع الخشية من اشتعال الأوضاع مجددا، خاصة في ظل الجهود التي تبذل للتوصل إلى تهدئة بين "إسرائيل" وحركة حماس.

وكانت الإدارة الأميركية قد لجأت إلى تقليص المساعدات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية، كما توقفت عن دفع الأموال لوكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، علاوة على الخطة الأميركية المرتقبة لتصفية قضية اللاجئين وحق العودة.

ينضاف إلى ذلك قرار ترامب بالاعتراف بالقدس المحتلة كعاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وذلك بزعم أنه يساعد بذلك في إنزال قضية القدس عن طاولة المفاوضات المستقبلية.

وأشار المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، في هذا السياق، إلى أن اليمين السياسي "الإسرائيلي" يطالب منذ سنوات بتغيير موقف المجتمع الدولي جذريا من قضية اللاجئين الفلسطينيين، بادعاء أن الأمم المتحدة والأونروا تبقيان، من خلال المساعدات، قضية اللاجئين قائمة رغم أن الحديث عن الجيل الرابع، أي بعد 70 عاما من النكبة، وأن الأونروا تبدو كـ"هيئة معنية بالحفاظ على قضية اللاجئين الفلسطينيين قائمة".

ويضيف أن المشكلة تكمن في أن كل هذه الادعاءات تترجم إلى خطوات عملية لها أبعاد محتملة خطيرة على أرض الواقع، وهو ما دأبت الأجهزة الأمنية للاحتلال على تحذير المستوى السياسي خلال السنة الاخيرة، منذ أن بدأت تتضح نوايا ترامب.

ولفت هرئيل إلى أن الضفة الغربية، وقطاع غزة بدرجة أكبر، تتعلقان إلى حد كبير بالمساعدات الخارجية عامة، والمساعدات المالية لمخيمات اللاجئين. وبالتالي فإن التقليص في الميزانية من شأنه أن يدهور الأوضاع الاقتصادية، خاصة في قطاع غزة، ما يؤدي إلى تجدد المواجهات على طول السياج الحدودي، في الوقت الذي تبذل فيه الجهود لتحقيق التهدئة.

واعتبر المحلل العسكري أن ذلك يفسر صمت رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، حيال الإجراءات التي يقوم بها ترامب في قضية اللاجئين الفلسطينيين. ففي الظروف العادية كان من المتوقع أن يسارع نتنياهو إلى التفاخر بتأثيره على خطوات الرئيس الأميركي، مثلما حصل إزاء نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وقرار الإدارة الأميركية الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، إلا أن وضع نتنياهو في هذه المرة أكثر تعقيدا، وذلك بداعي الخشية من التصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، علاوة على تحذيرات كافة الأجهزة الأمنية للاحتلال.

ورغم ذلك، يضيف هرئيل، فإن اليمين "الإسرائيلي" لن يتمالك نفسه، آجلا أم عاجلا، ليدعي أن ترامب وباقي المسؤولين في الإدارة الأميركية يتصرفون بناء على "الشروحات المفصلة" التي حصلوا عليها سابقا من "إسرائيل".

إلى ذلك، يشير المحلل العسكري إلى أن الصورة التي ترسمها الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية "ليست مشجعة"، فالأونروا تستعد لإقالة آلاف المعلمين في جهاز التعليم في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن، جراء للخطوات الأميركية. وبالنتيجة فإن عرقلة افتتاح السنة الدراسية في الضفة من شأنه أن يدفع الشبان الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين إلى الشوارع، ويضاعف المواجهات مع قوات الاحتلال، في ظل التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

ولا يستبعد أن تتجدد المواجهات مع قطاع غزة، خاصة وأن اتفاق التهدئة لم ينجز بعد، والضغوط الاقتصادية في القطاع لا تزال تتصاعد، ويتوقع أن تتفاقم أكثر مع تقليص المساعدات الاقتصادية من الأمم المتحدة.

وينهي بالقول إن هناك أيضا رغبة أميركية في تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، الأمر الذي يرضي المستوى السياسي "الإسرائيلي"، في حين أن الأجهزة الأمنية تخشى من أن ترامب يذهب بعيدا أكثر من اللازم، ويمس بالعصب الفلسطيني بكل ما يتصل بما يسمى "العملية السياسية". وكل ذلك يحصل بينما يتأجل المرة تلو المرة عرض "صفقة القرن".