لماذا المقاومة أقوى من "إسرائيل"؟

بالعربي: كالعادة في أغلب خطاباته الاحتفالية أو الدورية، كان الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله في الذكرى الثانية عشرة لانتصار تموز عام 2006، جامعاً لأغلب ما يشغل الرأي العام المحلي والاقليمي والدولي، بالاضافة طبعاً لمقاربته الوجدانية والواقعية لمعاني ودروس وعِبر الانتصار (موضوع الاحتفال).

ما ميّز خطاب سماحة السيد هذا العام – ومن ضمن الردّ على أحد ضباط العدو الذي اعتبر أن حزب الله هو ثاني أقوى جيش في المنطقة بعد “اسرائيل” – طرحه لمعادلة مقارنة قوة حزب الله مع قوة العدو الاسرائيلي، ولأول مرة بهذه الطريقة، حيث أكد فيها أن الحزب اليوم أقوى من العدو الإسرائيلي.. هكذا وبكل بساطة ووضوح.

طبعاً، هناك الكثير ممن يوافقون الأمين العام في معادلته، ويمكن تصنيفهم ضمن عدة أقسام:

الأول: مؤيد للحزب ولأمينه العام، وهو مقتنع عن محبة والتزام وإيمان دون ان يترك لنفسه أي مجال للبحث بأي سبب أو معطى أو تبرير لتأكيد اقتناعه، وهذا وليد ثقة عارمة لا تتزحزح.

الثاني: مؤيد أيضا ومقتنع بالمعادلة، ولكنه اقتنع بها بعد أن بحث كثيراً وراقب وتابع وقارن واستنتج، ودفعه المنطق والواقع العلمي الى الاقتناع.. فاقتنع .

الثالث: هو غير مؤيد وسياسته مختلفة بالكامل عن سياسة الحزب، لكنه يملك من الموضوعية العلمية ما يجعله يستنتج بأن حزب الله قوي وأقوى من “اسرائيل”، وهذا القسم ربما يتمنى أن تتغير هذه المعادلة مع الوقت، من خلال حرب يشنها العدو ويربح بها على حزب الله ويُضعِفَه، ولكن حتى ذلك الوقت، هو مقتنع ان حزب الله اقوى من “اسرائيل” ويجاهر بموقفه دون أن يخفيه.

أيضا، هناك ممن لا يوافقون الامين العام على معادلته وهم غير مقتنعين بها، وهؤلاء يمكن تصنيفهم الى أكثر من قسم :

منهم قسم معارض بالكامل لحزب الله ومختلف معه، وهم عن حقد أعمى غير مقتنعين بالمعادلة، وليس استنادا لمنطق علمي، وبمعزل عن صوابية أو عدم صوابية نظرتهم وتوجههم السياسي، هم غير مستعدين لأي بحث، وغير مستعدين لإعطاء أنفسهم الفرصة للتحقق بطريقة موضوعية، هؤلاء لا ضرورة للنقاش أو التحاور معهم حول ذلك.

القسم الآخر من غير المقتنعين، هم من المؤيدين ومن غير المؤيدين لحزب الله، ولكن ما يجمع هؤلاء هو الحاجة للتحقق والتأكد، وهم يعتبرون أن المعطيات الموجودة على الأرض، لا يُستنتج منها أن حزب الله أقوى من “اسرائيل”، فهم يملكون معلومات وافية عن القدرات الضخمة لدى العدو، وعن إمكانياته المالية والعلمية والعسكرية، والتي عمليا، لا يمكن مقارنتها بتاتا مع القدرات المتواضعة (حسب نظرتهم) التي يملكها حزب الله، ويعتبر هؤلاء أن المعادلة التي طرحها الأمين العام بهذه الطريقة هي من جهة لرفع معنويات مؤيديه وأبناء حزبه وبيئته، ومن جهة أخرى من باب ممارسة الحرب النفسية بمواجهة العدو.

لهذا القسم الأخير من غير المقتنعين، من المؤيدين ومن غير المؤيدين، والذين يحتاجون للمعطيات التي تؤمن لهم التحقق والتثبت، والتي هي بنظرهم غير موجودة، نتوجه:

لا يمكن طرح مقارنة معادلة القوة أو مقارنة فريق بأنه أقوى من الآخر، انطلاقاً من معطيات عناصر القوة التي يملكها كل من الفريقين، بمعزل عما حقق كل فريق من أهداف عند مواجهته للآخر، بمعنى آخر: إن القوة إذا لم تؤدِ الى تحقيق الهدف الذي خُلقت وتستعمل من أجله، فهي عديمة الجدوى وتخرج من معادلة المقارنة، فلا وجود لقوة كقوة فقط، إذ انها لا تكتمل بدون ان تحقق نصراً أو هدفاً أو نتيجة.

من هنا ننطلق في مقارنة قوة حزب الله وقوة العدو الاسرائيلي، وذلك من خلال الوقائع التاريخية والميدانية والاستراتيجية التالية:

– عندما حرر حزب الله المناطق المحتلة في الجنوب والبقاع الغربي من العدو الاسرائيلي عام 2000، كان أقوى من “اسرائيل” التي انسحبت مهزومة ومأزومة تحت ضربات مقاوميه، بالرغم من التفوق الواضح لها آنذاك في الامكانيات وفي القدرات والتي تدخل ضمن عناصر القوة مبدئياً، والنتيجة ان حزب الله الذي حقق هدف التحرير برهن أنه أقوى من المحتل الذي انهزم.

– عندما انتصر حزب الله على العدو في حرب تموز عام 2006، أولا من خلال منعه من تحقيق هدفه بالقضاء على قدرات الحزب وامكانياته ونفوذه، وثانيا من خلال تكبيده خسائر ضخمة في المواجهة المباشرة مع وحداته، أو في جبهته الداخلية، أيضا بالرغم من القدرات الضخمة التي كان يملكها العدو والتي زج بها في المعركة، وثالثا من خلال الصفعة المعنوية التي تلقاها العدو عسكريا وسياسيا وديبلوماسيا، والتي خلقت له عقدة الهزيمة والفشل، وما زال يحاول التخلص منها عبر التغيير الواسع والشامل في عقيدته وفي مناوراته وفي استراتيجياته، أثبت حزب الله ايضا أنه أقوى من العدو .

اليوم، وفي ظل هذا الحراك الصاخب عسكريا وديبلوماسيا في المنطقة، في سوريا حيث انتصر خيار حزب الله وانهزم خيار العدو، برهن الحزب أن محوره هو الأقوى، في اليمن، في العراق، في الصراع الاقليمي والدولي ضد إيران وحزب الله، والذي تُعتبر “اسرائيل” رأس حربته ورائدة معسكره. حزب الله هو الأقوى لأنه، وبالرغم من أنه “غامر” بالخيارات الأصعب والأكثر خطرا، إلا أن تلك الخيارات قد انتصرت، وفشلت خيارات معسكر العدو الاسرائيلي الذي عجز عن تحقيق أهدافه، فكان حزب الله و”معسكره” هو الأقوى.

المصدر: العهد الاخباري