المسرحي رجب طيب أردوغان

بالعربي: قبل أسبوع كان رجب طيب أردوغان يلعب دور الغاضب من قرار الكنيست حول “قومية الدولة اليهودية”، وكان بكل تأمل يستمع إلى انتقادات رئيس وزراء الاحتلال بكل سرور، وذلك نحو إكمال فصل جديد من رواية أن الشاهنشاه التركي قادر على شجب “إسرائيل” و إزعاجها لفظياً، توقف الأمر عند هذا الحد وتابعت أنقرة المضي قدماً على الصراط الأميركي، حتى جاء وقت مشهد آخر، توجيه انتقادات إلى أميركا واتخاذ موقف وتهديد مع اعتراف واضح بأن تركيا هي شريك مخلص لواشنطن، التي لا تراها شريكاً بل أقل من ذلك بكثير.

كان أردوغان يجيد لعب الأدوار على طريقة “حريم السلطان” قبل أن يتفجر الوضع في الشرق الأوسط، ويظهر اللون الحقيقي لجلد أنقرة التي تتقمصه أثناء الزحف بين ثنايا المنطقة للوصول إلى مبتغيات لم تتحقق طالما أن الضوء الأميركي ليس أخضراً كما كان في أوقات سابقة، وطالما أنه ليس لأنقرة أن تقرن أقوالها بالأفعال فلها أن تقول ما تشاء حتى لو على طريقة التهديد التي يحبها الرئيس التركي كثيراً ويهواها، قبل أن يتم ضمها إلى الأرشيف.

يُمثل أردوغان بأنه على اطلاع يومي على القضية الأساس في الشرق الأوسط، وأن تصرفات “إسرائيل” لا تروقه، يرتدي البزة المناسبة للدور ويتحدث بطريقة تكاد فيها عروق رقبته تقترب من الانفجار ثم يعود إلى وضعه الطبيعي، فيما بعد، يسود الهدوء بعد أن يستمع لبعض الانتقادات الضرورية لإكمال المشاهد وتقديمها للرأي العام، وبعد أيام كأن شيئاً لم يكن، وتبقى أنقرة في حجمها الطبيعي دون أي فعل يؤكد أن أردوغان كان يتخذ موقفاً حقيقياً.

هذه المرة دور الرئيس التركي هو الوقوف أمام الرئيس الأميركي، والتهديد بخسارة واشنطن للشريك التركي الذي لا تعير الولايات المتحدة كل ذلك الاهتمام الذي كان يحظى به، ومن خلال المسرحية الجديدة تريد أنقرة أن “تنكز” واشنطن لتعيدها هذه الأخيرة إلى شاشة الأحداث الرئيسية بأي طريقة، لأن الانعزال الطويل يمكن أن يخلف جفاءاً في المصالح شديد الثقل ولا تريد تركيا أن تحتمله لاسيما في هذه الأوقات التي لم تعد تجد فيها أدواراً كثيراً للعبها على المسرح الدولي.

لن يتجاوز الموقف التركي سعر الورقة التي سجل عليها، ولن يطول لأكثر من ثواني، حتى المصفقين لمثل هذا النوع من التمثيل أصبحوا قلة عن السابق، لم يعد هنالك ذلك الجمهور الذي كان يستمتع بالمسرحيات التركية بعد أن تذوق خذلاناً مالحاً في مطابخ أنقرة التي عمل لديها بشكل يشبه المجانية، كل شيء يتغير، حتى أردوغان لم يعد لديه ذلك الجلد الطويل على تأدية الأدوار، إنه حالياً يظهر في مشاهد سريعة ويمضي، عكس ما كان سابقاً حينما كان يخوض في السيناريو والحوار لأوقات طويلة، يدل هذا على أن تركيا فقدت الكثير واستهلكت كل شيء ولم يعد أمامها مستقبل مغري.

المصدر: عاجل