متخطيا الأراضي السورية.. تصادم عسكري "وشيك" بين إيران و"إسرائيل"

بالعربي: رأى المُستشرِق "الإسرائيليّ"، إيهود يعاري، الذي يعمل مُحلّلاً للشؤون العربيّة في شركة الأخبار، رأى أنّ "إسرائيل" وإيران تسيران نحو تصادمٍ في المستقبل القريب، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ توسّع الصدام إلى ما هو أبعد من الأراضي السوريّة بات أمرًا محتّمًا تقريبًا، وعلى وجه الخصوص، إنّ “الحرس الثوريّ الإسلاميّ” الإيرانيّ مصمم على تحويل سوريّة إلى منصة حربٍ مستقبليّةٍ ضدّ "إسرائيل"، التي أقسم قادتها على منع ما يصفونه غالبًا بتضييق الخناق على "إسرائيل"، على حدّ تعبيره.

وشدّدّ يعاري، المعروف بارتباطه مع المؤسسة الأمنيّة والمُخابراتيّة في تل أبيب، شدّدّ على أنّه من خلال استعادة الأحداث الماضية والتأمل فيها، يمكن أنْ يُعزى التردد من قبل المؤسسة الأمنيّة "الإسرائيليّة" في دعم المُتمردّين السوريين في الجنوب السوريّ، إلى حرب لبنان الأولى عام 1982 حين فشلت "إسرائيل" في تسهيل تغيير النظام في بيروت ثم اضطرت لاحقًا إلى التنازل عن الحزام الأمنيّ القائم على طول الحدود والتخلّي عن “جيش لبنان الجنوبي”، الميليشيا المحليّة التي كانت عاملة هناك.

وانطلاقًا من تلك التجربة، جزم المُستشرِق، استوعب معظم المسؤولين "الإسرائيليين" الدرس الذي مفاده بأنّه لا بدّ من تجنب المغامرات خارج حدود "إسرائيل"، فضلاً عن التشكك في فعالية الاستثمار في ميليشياتٍ أجنبيّةٍ وكيلةٍ، على حدّ قوله.

وفي هذا الصدد، أوضح يعاري، لا يزال يتعيّن على القوى الخارجيّة بذل جهودٍ حثيثةٍ لوقف التصعيد، فالولايات المتحدة تدعم العمليات الاستباقيّة "الإسرائيليّة" ضدّ القوات الإيرانية في سوريّة، في حين اقتصر الدور الروسيّ على تقديم المشورة لكلا الطرفين للامتناع عن توسيع نطاق الصدامات.

وعلى الرغم من أنّ الرئيس فلاديمير بوتين على اتصال وثيق مع كل من نتنياهو والرئيس حسن روحاني، أردف المُستشرِق، إلّا أنّه لم يعرض أبدًا الوساطة بين الجانبين، وفضلاً عن ذلك، لم يُصدر أيّ توجيهاتٍ إلى طيّاريه، المتمركزين بشكلٍ رئيسيٍّ قرب اللاذقية، للتدّخل في الضربات "الإسرائيلية" أوْ وقف إيران من توسيع بنيتها التحتية العسكرية في سوريّة، مُشيرًا في الوقت عينه أنّ بوتن يعتقد على ما يبدو أنّه ما زال بإمكانه استغلال المنافسة "الإسرائيليّة" – الإيرانيّة لمصلحته الخاصة.

وأضاف قائلاً إنّه يجب على العناصر الأخرى للإستراتيجيّة التي ترمي إلى عرقلة مساعي إيران لتحويل سوريّة إلى منصّةٍ عسكريّةٍ لغرض شنّ حملةٍ مستقبليّةٍ ضدّ "إسرائيل"، أنْ تتضمن تقوية المجتمع الدرزيّ، الذي تجمعه روابط تقليديّة مع الأردن و"إسرائيل"، من أجل مقاومة أيّ محاولةٍ إيرانيّةٍ لاختراق محافظة السويداء الواقعة في الشمال الشرقيّ لمحافظة درعا.

كما لفت يعاري إلى أنّ الوضع المعقد للدروز خلال الحرب الأهليّة يتخطّى نطاق هذا التحليل، لكن علاقات الدروز المتأرجحة مع نظام الأسد لا تُشير بأيّ حالٍ إلى ميلٍ نحو الترحيب بـ “الحرس الثوريّ الإسلاميّ” أوْ أيّ وجودٍ شيعيٍّ آخر في وسطهم، مُوضحًا أنّ حرمان إيران من محاولة استخدام قواعد الصواريخ المتوسطّة المدى في جبل الدروز يجب أن يُعتبر مكوّنًا أساسيًا وضروريًا لسياسة ترمي إلى إحباط المخطط الإيرانيّ، بحسب تعبيره.

وإذا وضعنا الولايات المُتحدّة و"إسرائيل" جانبًا، زاد المُستشرِق يعاري، فلدى عدد قليل من الجهات الفاعلة الإقليميّة مصلحة في منع تولّي إيران السيطرة الفعليّة على سوريّة، فتركيا والسعودية والإمارات ومصر والأردن تتشارك الكراهية نفسها لما سُمّي بـ”الهلال الشيعي”، الذي تُعتبر سوريّة مركز ثقله.

وبرأيه، يُمكن إقناع كلٌّ من هذه الدول بالمساهمة بطرقٍ مختلفةٍ في جهود تهدف إلى “وقف إيران”، وسواء كان ذلك عبر توفير الأموال أوْ تقديم المساعدة العسكرية أوْ العون في إعادة الاعمار، يُمكن لهذه الدول أنْ تُساعد في ردع الأسد عن الاستسلام الكامل لرغبات إيران، أكّد يعاري.

ولكنّ الأهّم من هذا كلّه، ومن أجل منع اندلاع حربٍ شاملةٍ بين "إسرائيل" وإيران، التي يُمكن أن تتوسّع بسهولةٍ لتطال لبنان وغزة، يتعيّن على الولايات المتحدة أنْ تُقدّم دعمها لحملةٍ "إسرائيليّةٍ" مستمرّةٍ لتدمير المنشآت الإيرانيّة في سوريّة ورفع تكاليف جهود “الحرس الثوريّ” الإيرانيّ بشكلٍ مستمّرٍ إلى الحدّ الذي يدفع بكلٍّ من طهران ودمشق إلى إعادة النظر في إمكانية تطبيق مشروع قائد فيلق (القدس)، الجنرال قاسم سليماني، على حدّ تعبير يعاري.

واختتم قائلاً إنّ خسارة إيران لسوريّة، عقب استثمار ما لا يقل عن 20 مليار دولار لدعم النظام، قد تُقلّص قوة وكيلها القويّ حزب الله وتجعله جهةً فاعلةً ومعزولةً في لبنان، ومفصولةً عن مصادر دعمها وعتادها القائمة في سوريّو، وبالتالي، ستُمنع إيران من تنفيذ خطتها في المنطقة، الرامية إلى إحاطة "إسرائيل" بحلفاء إيران، وبناء ممراتٍ بريّةٍ تمتد من حدودها على طول الطريق إلى الغرب حتى البحر الأبيض المتوسط، كما قال.

المصدر: رأي اليوم