حين يخوض " الامير الغر" لعبة الكبار

بالعربي: تغريدة واحدة لو لم يثر حولها هذا اللغط من قبل السعودية لما راها ولا سمع بها احد سوى اشخاص لا يتعدى عددهم الالف في افضل التوقعات، لكن الغباء السياسي اخذ مأخذه ليحولها اشباه الساسة الى ازمة دولية بدات تتخذ ابعادا واسعة لتثير استغراب المراقبين والمحللين . 

الازمة بين المملكة وكندا كما قلنا تفجرت بسبب تغريدة رئيس الوزراء الكندي وزير الخارجية الكندية جاستين ترودو حول حقوق الإنسان في المملكة، واعتقال شخصيات بارزة في المجتمع المدني السعودي، من بينهم سمر بدوي، شقيقة المدون المعتقل رائف بدوي والذي تعيش زوجته وأولاده في كندا وأصبحوا مؤخرا مواطنين كنديين.

وعلى اثر هذه التغريدة جن جنون المملكة لتوعز بطرد السفير الكندي ، وسحب سفيرها وقطع دراسة المبتعثين، ووقف الرحلات الجوية، وأخيراً التلويح ببيع أصول سعودية في كندا، الامر الذي اثار استغرب وحيرة المراقبين حيال رد الفعل هذا .

ولم يقف الامر عند هذا الحد بل اوعزت الى ذبابها اللكتروني بشن حملة تشويه ضد كندا ، الا ان الخطوة الاخيرة كانت مخزية الى درجة اثارت سخرية واسعة بمواقع التواصل. فأثناء محاولتهم التطبيل للنظام السعودي ومداهنته في أزمته مع كندا، وجهوا لكندا في تحليلاتهم عددا من التهم المزعومة التي كشفت عن غبائهم منقطع النظير وأثبتت أنهم لا يعرفون شيئا عن السياسة سوى اسمها بحسب المحللين.

صحيفة الـ “واشنطن بوست” اشارت إلى أن الخلاف الدبلوماسي بين السعودية وكندا، وقيام الرياض بتعليق التجارة وطرد السفير الكندي، يظهر مدى هشاشة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي ومنذ صعوده إلى سدة الحكم سعى لاستمالة الحلفاء الغربيين عبر عقد صفقات أسلحة بمئات مليارات الدولارات ، وهو ما لا يتوافق مع الموقف التصعيدي الجديد.

اما صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية فقد اعتبرت أن رد الفعل الكبير من جانب السعودية على انتقادات الكندية يدلل على “الرعونة” في اتخاذ القرار، مما سينعكس سلبا وبشكل كبير على الاستثمارات الأجنبية، حيث انه من غير المتوقع أن يؤثر تجميد السعودية التعاملات التجارية مع كندا على الاقتصاد الكندي. فالتجارة الثنائية بين البلدين كانت ضئيلة ولا تتعدى 4 مليارات دولار كندي تقريباً (3.08 مليار دولار أميركي) وفقا لبيانات الحكومة الكندية والبنك الدولي.

اذن المقصود بحسب المراقبين من هذا الموقف المتشدد هو ايصال رسالة الى الاخرين باقل الاضرار الاقتصادية مقادها ان الكلام عن حقوق الانسان والحريات الدينية والمدنية في السعودية خط احمر ، اللهم الا ما يرتأيه قادة هذا البلد وان كان يدخل في تحليل الحرام وتحريم الحلال، وبحسب فهم البعض ان مسألة حقوق الإنسان والحريات الأساسية هي مفاهيم كونية متفق عليها، وليست "ملكية" للملوك والطغاة، يمنحوها ويحجبوها متى ما شاؤوا".

لكن غالبية المحللين يرون بان هذا التصعيد هو في الحقيقة للتستر على ما تعانيه المملكة من مشاكل خلال الفترة الاخيرة وهو في الحقيقة مجرد الهاء . فالامير الغر بدا يخفت بريقه بين السعوديين بسبب حالة التقشف التي يطالبهم بها وزيادة الأسعار، وتبخر حلم التغيير الذي كان يروج له والوضع المزري في جبهات اليمن حيث انه ورغم مضي أكثر من 3 سنوات على بدء العمليات العسكرية لتحالف العدوان، ليس فقط لم يتحقق اي شيء يذكر، بل هيبة الدفاع الجوي السعودي كسرت بسبب الصواريخ البالستية التي يطلقها الجيش اليمني، وتستهدف مقارَّ أمنية وعسكرية في العمق السعودي .

وما يعزز هذه الرؤية التصريح الاخيرة لوزير الطاقة السعودي خالد الفالح الذي اكد فيه أن الأزمة التي تمر بها العلاقات السعودية- الكندية لن تؤثر بأي حال من الأحوال على علاقات شركة أرامكو السعودية مع عملائها في كندا، وهو ما اعتبره المحللون تراجعا اوليا للسعودية عن مواقفها المتشددة السابقة خاصة بعد تاكيد ترودو بان بلاده ستواصل الدفاع عن حقوق الانسان .