تعرف على اسرار عائلة بريطانية عاشت في جزيرة معزولة لثلاثة عقود

بالعربي: ليس كل فعل غريب يخلد إلى الأبد في كتب وروايات، ولكن ما قام به “توماس بيل” كان فعلاً يستحق أن يخلد ويبقى مادة درامية ثرية، وذلك بعد أن انتقل مع عائلته إلى جزيرة بركانية غير مأهولة في المحيط الهادئ في القرن التاسع عشر، وعاش هناك لأكثر من 30 عاماً من العزلة.

ترك “توماس بيل” مدينة يوركشاير البريطانية- مسقط رأسه- في سن 16 عاما في عام 1854 وسافر إلى نيوزلاندا، وأثناء وجوده هناك التقى بزوجته التي انتقل معها إلى جزيرة “صنداي” النائية، حيث كانوا يعانون من الفئران والأعاصير التي تهددهم، واضطروا إلى بناء منازلهم الخاصة من الصفر.

تبلغ مساحة جزيرة “صنداي” 11 ميلاً مربعاً، ولها أسماء أخرى مثل جزيرة راول، وتم تسميتها باسم “جوزيف راول”، رئيس مجلس إدارة مقاطعة “راشيرش”، عندما تم اكتشافها في 16 مارس 1793، ومن ثم أخذت اسمها “صنداي” أو جزيرة “الأحد” في عام 1796/ عندما مر بها قائد بريطاني بحري يوم الأحد.

لا يعلم أحد شيئاً عن بداية “توماس بيل”، ولكن تبدأ سيرته مع هجرته إلى نيوزلندا ولقائه بـ”فريدريكا”، ابنة أحد مزارعي لانكشاير، وتزوجها في خليج هوكس نحو عام 1866 وأنجب منها ستة أطفال، وقد كان طوال عمره يحب المغامرة والطموح، وقد حاول في عدد من المشاريع من أجل كسب رزقه، مثل إنشاء مطحنة، وإدارة الفنادق، وكذلك الزراعة، ولكنه لم ينجح في أي منها، و انتهى به الأمر في ساموا في عام 1877، حيث اشترى فندقًا، بينما كان هناك سمع عن جزيرة الأحد، وهي جزء من أرخبيل كرماديتش، من جار له عاش هناك لمدة سبع سنوات وأصبح مدمنًا على فكرة الانتقال إلى هناك.

كان وجود أرض خالية من الناس أمر مريح بالنسبة إلى “توماس”، فهذا يعني أن لا أحد سيطالبه بشيء، ولذلك استقل مع عائلته مركبا شراعيا يدعي “نورفال” متوجهاً إلى أوكلاند، ووافق القبطان كابتن ماكنزي على التوقف بجزيرة الأحد، حتى يتمكن “توماس” وعائلته من إلقاء نظرة على الجزيرة التي اعتقدوا أن بإمكانهم إنشاء حياة جديدة عليها، والبقاء إذا قرروا أنها تناسبهم.

تبعد الجزيرة أميالا عن ثاني أعمق خندق للمحيطات في العالم، خندق تونغا، الذي يصل إلى عمق 35702 قدم، وفوق أطول سلسلة في العالم من البراكين تحت الماء، وتعتبر منطقة كرماديتش موطنا لأكثر من 150 نوعًا من الأسماك، و 35 نوعًا من الحيتان والدلافين وثلاثة أنواع من السلاحف البحرية.

دفعت عائلة بيل للكابتن ماكنزي 200 جنيه إسترليني ليعودوا مع المزيد من البضائع، لكنهم لم يروا الرجل مرة أخرى، وتركهم على الجزيرة، وعلى مدى الأشهر القليلة اللاحقة عاشوا من خلال تناول البرتقال، والأسماك، والشجيرات العملاقة وجذور أشجار السرخس، وبنوا منازل من الصفر.

واضطر “توماس” إلى أخذ ابنتيه البكريتين- أكبرهما 11 سنة- في حملات لقتل الماعز واصطيادها على ارتفاع 200 قدم في منحدرات دنهام باي.

ظلت العائلة مدة ثمانية أشهر تقاوم الجرذان والعواصف التي جعلت صيد الأسماك مستحيلا، فكانوا يواجهون الخوف من الجوع باستمرار، بعد ما يقرب من عامين في الجزيرة، وخلال تلك الفترة انتقلوا إلى الجانب الآخر، هرباً من الفئران.

في السنوات التالية عاش “توماس” وزوجته وأطفاله بعد أن أنجب أربعة أطفال آخرين، هم: راؤول “المعروف باسم روي” في عام 1882، وفريدا في عام 1884، وأدا في عام 1886، وويليام “المعروف باسم “الملك” في عام 1889، وزرعوا مجموعة رائعة من النباتات، بما في ذلك الجوافة والتفاح والرمان وقصب السكر و14 نوعاً من الموز، حتى الشاي والقهوة، وهي بذور كانوا أحضروها معهم.

في عام 1889 وصل إلى الجزيرة عدد قليل من المستوطنين، ولكنهم استسلموا بعد خمسة أشهر بعد أن سئموا الزلازل والأعاصير، وعادوا بعد أن صنعوا طريقاً للعودة، حتى غادر “بيل” نفسه وأبناؤه القدامى الجزيرة في عام 1914 تحت تهديدات الحرب العالمية الأولى التي اشتعلت في الآفاق، وبقي “راؤول” وبعض الأفراد معه.

بعد فترة وجيزة من العودة إلى البر الرئيسي، ذهبت الأسرة في طرق منفصلة، في البداية عاشت العائلة في أوكلاند، وبقيت “فريديريكا” هناك لبقية حياتها، لكن فشل زوجها في الاستقرار، وانفصلا، ظل توماس بيل يتجول، وأنهى أيامه في بيهاتوا في الجزيرة الشمالية لنيوزيلندا مع ابنته الكبرى، هيتي، حتى مات 1929.