هل سيبقى حزب الله في سوريا بعد انتهاء الحرب؟ ولماذا؟

بالعربي: قالت دراسة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ "الإسرائيليّ"، التابع لجامعة تل أبيب، قالت إنّ حزب الله استخدم منذ تأسيسه الحرب النفسيّة لكيّ الوعي كسلاحٍ هامٍ في معركته ضدّ "إسرائيل"، ومنذ تكثيف مشاركته في الحرب في سوريّة، يقوم بحملةٍ توعويّةٍ على جبهتين: في مواجهة الرأي العّام الداخليّ في لبنان، والثانية مُوجهّة للرأي العّام في "إسرائيل".

وأضافت الدراسة أنّه في اليوم الذي يعود فيه نظام الأسد إلى السيطرة الكاملة على سوريّة، من الممكن أنْ تبقى قوات حزب الله هناك لبناء جبهةٍ ثانيةٍ ضدّ "إسرائيل" انطلاقًا من سوريّة، أوْ البقاء في سوريّة مع وجودٍ محدودٍ من أجل خلق عمقٍ استراتيجيٍّ وعملياتيٍّ للمنظمة.

على أيّة حال، أوضحت الدراسة، سيتعيّن على حزب الله أنْ يُعّد برنامجًا لرفع الوعي تجّاه الرأي العّام اللبنانيّ، والذي سيشرح من خلاله حيثيات وأسباب مشاركته المستمرّة في الحرب السوريّة، على الرغم من المخاطر التي ينطوي عليها هذا الأمر على لبنان من طرف "إسرائيل"، وفي الوقت نفسه، شدّدّت الدراسة، سيضطر إلى صياغة خطّة وعيٍ تجاه رسائل التوعية والردع "الإسرائيليّة" التي تُوجّهها تل أبيب إلى اللبنانيين فيما يتعلّق بوجود حزب الله في سوريّة، وفي سياق نقل الأسلحة إلى لبنان، على حدّ تعبيرها.

ولفتت الدراسة إلى أنّه في البداية، عندما كان حزب الله منظمةً صغيرةً وغيرُ مألوفةٍ، وكان نشاطها الرئيسي يُركّز على “الإرهاب”، استخدم الحزب الحرب النفسيّة لتضخيم إسقاطات وتداعيات عملياته بشكلٍ كبيرٍ، مُضيفةً أنّه على مرّ السنين ، أصبح حزب الله منظمة متعددة الأبعاد تملك أسلحة سياسية واقتصادية ودينية ودعائية وعسكرية قوية، كما أكّدت.

وتابعت قائلةً إنّه إلى جانب تطورّه العسكريّ، قام بتطوير أدواتٍ على مستوى الوعي الذي يُعزز قدراته التشغيلية ويغطي القيود التي تجعل من الصعب عليه التصرف.

ورأت الدراسة أنّه يتّم توجيه أنظمة الوعي لدى حزب الله إلى جمهورٍ مستهدفٍ ومختلفٍ ومُتعددٍ، وتوجّه المنظمّة رسائلها بهدف الحصول على دعمٍ لأفعاله، وفي الوقت عينه، يقوم نظام التوجيه الدعائيّ للحزب بصدّ الهجمات الإعلاميّة الموجهّة ضده، وبالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام حملة حزب الله، في الحرب النفسيّة لردع المعارضين، وفي مُقدّمتهم "إسرائيل".

وأشارت الدراسة إلى أنّه من أجل تبرير تدخله العسكريّ في سوريّة، شنّ الحزب حملةً ضدّ الرأي العّام اللبنانيّ الداخليّ من أجل صدّ الانتقادات المحلية لمشاركته في حملةٍ لا تُعرِض أمن لبنان للخطر، مُضيفةً أنّ تدّخل الحزب في الحرب السوريّة أدّى إلى تعاظم التوتر مع "إسرائيل" بعد نقل الأسلحة المستمر إلى لبنان، كما أثار القلق من أنّ نقل الأسلحة سيؤدّي في نهاية المطاف إلى مواجهةٍ مع "إسرائيل" من شأنها أنْ تمتد إلى لبنان.

وتابعت الدراسة "الإسرائيليّة" قائلةً إنّه وُجهت انتقادات ضدّ الحزب بسبب تفضيل المصالح السوريّة والإيرانيّة على المصالح اللبنانّية، ولكن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عرض تورّط حزب الله في سوريّة على أنّه حملة للدفاع عن لبنان، ورفض الادعاء بأنّ حزب الله هو غزو أجنبي في سوريّة يحمل طابع المصالح الإقليميّة، مُشدّدًا على شرعية النضال دفاعًا عن سوريّة، لافتًا إلى أنّه ليس لديه أيّ مصلحة أخرى في سوريّة، إلّا الالتزام بدعم الأسد طالما أنّه مطالب بذلك.

بالإضافة إلى ذلك، أكّد نصر الله، بحسب الدراسة، أنّ تدّخل حزبه في سوريّة يرقى إلى إحباط محاولات الجهاديين السلفيين التسلل إلى سوريّة، وأنّه على ضوء الانتقادات التي كانت من نصيبه في لبنان، قدّم نصر الله معادلة في الماضي بأن الجيش اللبناني سوف يحمي لبنان من داخل البلاد، في حين أنّ حزب الله سيحميها من الخارج عن طريق مُشاركته بالحرب الدائرة في سوريّة.

ولفتت الدراسة إلى أنّه في مواجهة الهجمات "الإسرائيليّة" على سوريّة، حاول نصر الله توضيح وجود المنظمة في سوريّة من خلال التمييز بين شرعية نشاطها في سوريّة وعدم شرعية تدّخل "إسرائيل" هناك، التي اتهمها بمساعدة الـ”متمردين” عسكريًا، وبعد الهجوم على مطار T4 ووقوع قتلى إيرانيين، توجّه نصر الله مباشرةً إلى "إسرائيل" وقال: عليكِ أنْ تعرفي أنّكِ ارتكبت خطأً تاريخيًا، وأنّكِ اتخذت خطوةً حمقاء للغاية، لقد دخلت في مواجهةٍ مباشرةٍ مع إيران، واستمرّ في وصف "إسرائيل" بأنّها أوهن من بيت العنكبوت، وتحدّى مرةً أخرى مرونة الجبهة الداخليّة في دولة الاحتلال عندما قال إنّ الجبهة الداخليّة في "إسرائيل" ليست مُستعدّةً للحرب، لا من حيث الملاجئ، ولا من حيث البنية التحتية، أوْ الروح المعنوية.

واختتمت الدراسة إنّ نصر الله يستخدم خطابًا بموجبه: “مشاركة حزب الله العميقة في القتال هي من أجل حماية نظام الأسد كإستراتيجيّةٍ دفاعيّةٍ مطولّةٍ لأمن لبنان، تُبرره دعوته إلى سوريّة من قبل رئيسها”، وفي الوقت عينه، فهو المتحدث باسم “محور المقاومة” الإيرانيّ بهدف منع "إسرائيل" من مهاجمة الأسد، بينما يتجاهل أهمية الهجمات "الإسرائيليّة" المتكرّرة على شحنات الأسلحة للحزب، مُشدّدًا على أنّ الحزب يملك بالفعل القدرات النوعيّة التي تُمكّنه من ضرب "إسرائيل" بطريقةٍ مُركّزةٍ، إذا احتاجها في اليوم التالي لانتهاء الحرب بسوريّة، على حدّ تعبير الدراسة.