معركة "بنت جبيل" التاريخية.. حزب الله لم يكن وحيداً

بالعربي: بعد أسابيع من بداية حرب تموز 2006، ارتقت قيادة الاحتلال إلى اجتياح الأراضي اللبنانية تحت ذريعة تنظيف البؤر والبلدات الجنوبية اللبنانية من المقاومة وسلاحها تمهيدا لاتفاق دولي لإنهاء حالة حزب الله كتنظيم مسلح بوجه "إسرائيل".

لم تهدأ الغارات "الإسرائيلية" على لبنان منذ بداية الحرب، الضاحية الجنوبية لبيروت كانت تحت نار المقاتلات والطائرات المسيرة "الإسرائيلية" التي أرغمت الكثيرين على النزوح قسرا إلى مناطق أكثر أمنا، أما الجنوب اللبناني الذي لطالما كانت يسطر الأمجاد والانجازات التاريخية.

جنت "إسرائيل" على نفسها من خلال اجتياحها للأراضي اللبنانية مرة أخرى ظنا منها أنها ستكون بنزهة، بالإضافة إلى التقارير "الإسرائيلية" المغلوطة حول الوضع العسكري في الجنوب اللبناني. العملية العسكرية "الإسرائيلية" في الداخل اللبناني اصطدمت بالكثير من الصعوبات أبرزها تصدي المقاومة للتقدم "الإسرائيلي" على مختلف المحاور بعمليات عسكرية دقيقة أصابت الجيش الإسرائيلي وجنوده بجنون وخيبة أمل.

كانت قيادة العاحتلال قد وضعت مخطط زمني بالوصول إلى نهر الليطاني خلال أيام، لكن تصدي ودفاع مقاتلي المقاومة أفشل خطط جيش الاحتلال ووضع جيشهم في حيرة من أمرهم بعد فشلهم على جميع الأصعدة، بالإضافة إلى الفشل على المستوى السياسي من خلال فشل الدول الغربية والولايات المتحدة بالضغط على المقاومة وشعبها. كما أن إطلاق الصواريخ على مدن "إسرائيلية" أرسى معادلة جديدة وضعت إسرائيل وقيادتها في أزمة صعبة بدأت تفكر كيف تخرج من الحرب بأسرع وقت ممكن.

معركة "بنت جبيل" التاريخية

فتح جيش الاحتلال محاور عديدة أدخله في معارك مع مقاتلي المقاومة في كل النقاط التي حاول "الإسرائيليون" منها دخول بلدات لبنانية مختلفة، ومن هذه البلدات كان لبلدة بنت جبيل الجنوبية وضع خاص من ناحية المعركة التي رسمت في محيط البلدة التي تصدت وقاومت واستطاعت برجالها إفشال الهدف "الإسرائيلي" الموضوع بالوصول إلى ساحة البلدة.

اختيار "إسرائيل" للوصول الى ساحة مدينة بنت جبيل لم يكن مجرد فكرة بل لرمزيتها المجسدة من خلال خطاب النصر الذي القاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في مدينة بنت جبيل بعد انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني عام 2000. فكان للمدينة الحصة الأكبر من الدمار ولها كذلك الحصة الأكبر من حكايات الاستبسال والمقاومة.

لسان المقاومين تتكلم عن المعركة

يروي أحد المقاومين أن المعارك البرية بدأت ضمن مرحلة الخط النقي أي انطلاقا من مرتفعات مارون الراس الجبلية، باتجاه بنت جبيل القريبة جدا ومنها حاولت "إسرائيل" الدخول المدينة من خلال الاطباق عليها.

وتابع " تعرضت بنت جبيل خلال حرب تموز لثلاث مراحل من الهجوم: المرحلة الأولى بدأت بعد عملية الأسر مباشرة واستمرت من الثالث عشر من تموز حتى الرابع والعشرين منه، وقد جرى خلال تلك المرحلة قصف المدينة من دون القيام بهجوم بري. المرحلة الثانية استمرت من الرابع والعشرين من تموز حتى التاسع والعشرين منه، وجرت خلالها محاولات التقدم لاحتلال بنت جبيل، عبر تلة مارون وبلدة عيناتا وتلة مسعود. المرحلة الثالثة استمرت من التاسع والعشرين من تموز حتى الثامن من آب، وتعرضت خلالها بنت جبيل للقصف التدميري الانتقامي.

شيوعيون الى جانب حزب الله في المعركة

يروي أحد المقاومين الصامدين في بنت جبيل عن أن أهمية المعركة دفعت "إسرائيل" الى استخدام كل قواها العسكرية من طيران وأسلحة وفرق من نخبة القوات المسلحة الإسرائيلية للوصول للهدف المنشود وهو احتلال ساحة البلدة.

وبحسب شهود عيان بقوا في البلدة خلال عملية الاجتياح تبقى في البلدة عشرات الأشخاص منهم مقاتلين من "حزب الله" من أهل المدينة ومواطنون رفضوا النزوح وأصروا البقاء مع المقاومين.

وبعد سنوات عدة كشف أحد المقاتلين الذين تصدوا للاجتياح في البلدة عن انخراط مواطنين من أهل البلدة للقتال إلى جانب حزب الله وعرف عنهم مقاتلين سابقين في صفوف الحزب الشيوعي اللبناني، وعن لسان المقاوم قال " وضعنا خطة عسكرية مشتركة للصمود وضرب العدو وتم تقسيم المهمات.

مع بدء المحاولة "الإسرائيلية" للدخول إلى البلاد يقول المقاوم "فاجأنا هؤلاء الشباب بسرعة تحركاتهم وكانوا أكثر خفة و رشاقة و شراسة منا". وتابع " رغم قلة عددنا قاتلنا جيش بأكمله ومنعنهم من التقدم لمدة ثمان ساعات و نصف".

وختم قائلا " فضل صمود بنت جبيل هو بالخُطّة العسكرية التي وضعناها بالتعاون معهم و لهؤلاء الرجال تحديداعقيدتهم القتالية ما رأيتها في مكان آخر, و لن اراها بصدق في مكان آخر.

لذا…أحترم الشيوعيين، انا رأيتهم، أنا أعرفهم".

ووفق التقديرات العسكرية كانت نسبة المقاومين هي ما بين خمسة إلى عشرة بالمئة من عدد الجنود الإسرائيليين في تلك المعركة. استشهد ثمانية عشر مقاوما من أبناء بنت جبيل وأربعة عشر مقاوماً من أبناء عيناتا، يضاف اليهم ثمانية عشر مواطنا من بنت جبيل.