هكذا تتجه إسبانيا لتأخذ ريادة المقاطعة العالمية لـ"إسرائيل"

بالعربي: تكتسب حركة المقاطعة العالمية "لإسرائيل" مزيدًا من القوة داخل إسبانيا بالتحديد، بعد أن أعلنت 3 مدن كبرى دعمها القوي للشعب الفلسطيني، وإدانتها قرار الرئيس الأمريكي بنقل سفارة بلاده إلى مدينة القدس المحتلة.

وباتت إسبانيا أقرب لبوابة المقاطعة التي تأخذ في الانتشار داخل أوروبا، التي لا تزال سياسات دولها تتماهى مع "إسرائيل" ولا تتسم بالحزم ضد الاحتلال.

ما الذي أحدثته حركة المقاطعة في إسبانيا؟

استعرضت حركة مقاطعة "إسرائيل" المعروفة اختصارا بـ”BDS” في تقرير حديث لها أبرز إنجازاتها، مع التركيز على النجاحات في إسبانيا بالتحديد.

جاء في التقرير أن مجموعة من المدن الكبرى في إسبانيا أعلنت خلال الشهر الماضي عن دعمها القويّ لحقوق الشعب الفلسطيني، بدءًا من مجلس بلدية العاصمة مدريد الذي أدان استخدام قوات الاحتلال العشوائي، وغير المتناسب للقوة ضد المدنيين الفلسطينيين، ودعا في قراره لإنهاء الحصار غير الشرعي الذي تفرضه على أكثر من مليوني فلسطيني في غزّة.

وفي برشلونة، أيدت ثاني أكبر مدينة في الدولة الإسبانية النداء الفلسطيني لوقف تسليح «إسرائيل»، وصوّت مجلس بلدية برشلونة بأغلبية ساحقة على فرض حظر عسكري شامل على «إسرائيل»، وحثّ الحكومة الإسبانية على ضمان تنفيذه.

وأصبحت مدينة فالنسيا، أكبر مدينة في العالم، تصوت لتصبح منطقة حرة من الفصل العنصري (الأبارتهايد) «الإسرائيلي»، وتدعم حركة المقاطعة (BDS) من أجل الحقوق الفلسطينية بشكل صريح، مع عشرات المدن في إسبانيا والعالم.

وجاء في التقرير أيضًا أن مجلس مدينة بنبلونة، «بامبلونا»، أصدر قرارًا يدعم حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، ويدعو الحكومة الإسبانية والاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على «إسرائيل»، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها. كما أعرب عن تضامنه مع المتظاهرين الفلسطينيين السلميين المشاركين في مسيرة العودة الكبرى في غزة، وأدان بشدّة الاحتلال لقتله أكثر من مئة فلسطيني، وجرح الآلاف.

وبالمثل طالبت مدينتا تيراسا وبادالونا، ثالث ورابع أكبر مدن إقليم كاتالونيا، الحكومة الإسبانية بالتوقف عن تسليح «إسرائيل» في ضوء مذبحتها الأخيرة بحق الفلسطينيين في غزة، والانتهاكات التي طال أمدها ضد حقوق الإنسان في فلسطين. وحثت المدينتان البلدان الأخرى في الاتحاد الأوروبي وخارجه على فرض حظر عسكري على «إسرائيل» ووقف المعاملة التفضيلية معها.

كيف ينظر الإسرائيليون لتصاعد المقاطعة؟

يمكن استنتاج حجم القلق "الإسرائيلي" من القوانين التي سنتها حكومة الاحتلال تجاه نشطاء المقاطعة بمنع دخولهم "لإسرائيل"، وملاحقتهم في الداخل.

بالنسبة لتنامي هذه المقاطعة في الخارج، يرى الكاتب "الإسرائيلي" ميرون رافوفورت، أن حركة المقاطعة حصلت على مزيد من نقاط القوة عقب القرار التاريخي الذي اتخذه مجلس الاشتراكية الدولية قبل أيام، بدعوة جميع الحكومات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني حول العالم لتفعيل حركة المقاطعة.

“هذا الاتحاد [مجلس الاشتراكية] اتخذ قبل عامين قرارًا باعتبار بي دي أس سبيلًا للكفاح غير العنيف ضد الاحتلال، لكنه اليوم اتخذ قرارًا جديدًا يعطي شرعية للبي دي أس، وسيكون لذلك تأثير كبير. وقد حضر هذا الاجتماع وزير من جنوب إفريقيا ورئيسة سابقة لتشيلي وممثلون عن اليونان وفنلندا وروسيا ولاتفيا ولتوانيا ودول أوروبية أخرى، وساهمت الصور الصعبة التي وصلت إلى المجتمعين من منطقة خان الأحمر في ممارسة تأثير كبير عليهم، وذكرتهم بأحداث الانتفاضة الأولى، وسياسة التطهير العرقي”، أضاف الكاتب "الإسرائيلي".

ويضم مجلس الاشتراكيّة الدوليّة 140 حزبًا اشتراكيًا حول العالم، يشارك 35 حزبًا منها في الحكم في بلدناهم مثل جنوب إفريقيا، الأرجنتين، إسبانيا، كولومبيا، البرتغال، تنزانيا، لوكسمبورغ، رومانيا، العراق، وأماكن أخرى.

إسبانيا، حالة متقدمة

رغم اتساع رقعة المقاطعة عالميًا، إلا أن إسبانيا تسجل حضورًا فريدًا، الأمر الذي يثير مخاوف "إسرائيلية" مستمرة.

صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية نقلت عن أنخال ماس، رجل الأعمال اليهودي المقيم في مدريد، قوله إن “الوضع في إسبانيا اليوم بالنسبة لليهود يشبه ما عاشوه في ألمانيا في سنوات الثلاثينيات من القرن الماضي، قبل وقوع أحداث المحرقة، لأننا حين نذهب لأداء صلواتنا اليهودية لا نلبس القبعة الدينية “الكيبا”، لأن ذلك خطر علينا، في ظل وجود مكثف لحركة البي دي أس بقوة وبطابع رسمي في جزء كبير من المجالس البلدية والسلطات المحلية”.

“إسبانيا عارضت قيام "إسرائيل"؛ لأنها ترتبط بالنشاط الدولي الذي قام به اليهود ضدها، وكانت الدولة الأوروبية الأخيرة التي أقامت علاقات دبلوماسية معها عام 1986، حتى إنها جاءت بعد مصر، وما زالت السياسات المناصرة للقضايا العربية منذ أيام حكم فرانكو تسود في أجواء أروقة السياسة الإسبانية. وقبل ثلاثة أسابيع، ألغت بلدية أوفيدو عاصمة إقليم أستورياس شمال البلاد حفلًا غنائيًا لمطربة "إسرائيلية" بسبب ضغوط البي دي أس”، تابع ماس.